تعلم الأمريكيون أمراً كان اعتاد أهل القارة العجوز علي فعله منذ عدة سنوات؛ وهو تأجيج المشاعر ضد المسلمين وانتقادهم بشكل لاذع لكسب الأصوات الانتخابية"، كانت هذه المقولة الشهيرة للكاتب الأمريكي "مايكل سكوت مور". وعلي ما يبدو أن مرشحي الرئاسة الأمريكية اعتادوا اتباع هذه النظرية، وخاصة الجمهوريين منهم، الذين باتوا يشعرون بأن انتقاد المسلمين قد يساعدهم علي استقطاب أصوات انتخابية من اليهود- هم في أمس الحاجة إليها، فهل سيغيّرون استراتيجيتهم تجاه الشرق الأوسط والعالم الإسلامي إذ وطأت أقدامهم البيت الأبيض؟ وما ينتظر الجالية المسلمة هناك؟ هل سيظل الخلط بين الإسلام والتنظيم الدولي للإخوان بمؤسساته المنتشرة بالولاياتالمتحدة، وإحدي الأدوات الأمريكية لتأجيج الشرق الأوسط.. تساؤلات تطرح نفسها وتلوح في الأفق بعد تنامي الخطاب المناهض للمسلمين والإسلام داخل الولاياتالمتحدة. في عام 2012، أجمعت مراكز الأبحاث الأمريكية ومؤسسات استطلاعات الرأي علي تأثير المسلمين علي نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية؛ حيث خلصت الدراسات المتخصصة في مجال توزيع أصوات الناخبين حينها إلي أن الصوت الإسلامي في الولاياتالمتحدة قد يكون الفاصل والحاسم لنتيجة الماراثون الرئاسي 2012 ومن ثم تحديد هوية الرجل الذي تطأ قدمه البيت الأبيض وترجيح كفة علي أخري. فالناخبون المسلمون متواجدون بأعداد كافية لقلب المعادلات في ولايات سبق لها أن شهدت فوز طرف علي آخر بأعداد محدودة للغاية من الأصوات، ويتركز أغلبهم في الولايات ذات الأهمية الانتخابية مثل ميشيجان وأوهايو وفرجينيا وبنسلفانيا وفلوريدا، حيث استطاعوا إيصال أصواتهم من خلال أنشطتهم وحضورهم السياسي الذي بات أكثر فاعلية عن أي وقت مضي، بعد عداء الجمهوريين لهم. وأظهرت استطلاعات الرأي أيضاً أن اثنين من بين كل ثلاثة مسلمين تحدوهما رغبة كبيرة في التوحد السياسي ويشعران بأنه يجب عليهما أن يصوتا ككتلة واحدة لصالح مرشح واحد. وهذا ما أكده تقرير صدر مؤخراً عن معهد "الدراسات الاجتماعية والتفاهم" أن الأقلية الإسلامية الأمريكية أصبحت تمثل لاعباً مهما في السياسة الانتخابية وقد تلعب دوراً حاسماً في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر 2016. ودعا "دونالد ترامب"، الملياردير الأمريكي الذي يطمح بترشيح الحزب الجمهوري له في الانتخابات الأمريكية بعد مقتل 14 أمريكياً برصاص زوجين مسلمين في كاليفورنيا، إلي فرض حظر مؤقت علي دخول كافة المسلمين إلي الولاياتالمتحدة حتي تتمكن السلطات من تأمين البلاد من خطر الإسلاميين المتشددين، ما أثار حفيظة المسلمين وغيرهم إذ رأوا فيها تصعيداً غير مسبوق في اللهجة الغليظة التي امتاز بها خطاب ترامب وغيره منذ بدء حملته الانتخابية. فيما حذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأممالمتحدة، من الخطاب المناهض للمسلمين في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والخطر الذي يمثله علي عملية إعادة توطين اللاجئين. و قالت "ميليسا فليمنج"، المتحدثة باسم المفوضية، خلال مؤتمر صحفي، عقدته الأسبوع الماضي في جنيف: نحن قلقون من الخطاب المستخدم في الحملة الانتخابية الأمريكية، لأنه يضع برنامج إعادة التوطين في خطر، وهو البرنامج المخصص لأكثر الناس ضعفاً، وضحايا الحروب التي يقف العالم عاجزاً عن وقفها. ولم يقتصر الأمر علي ترامب وحده بل اعتاد الجمهوريون علي تبني خطاب انتخاب عدائي ضد الإسلام والمسلمين محاولين استغلال تنامي الإسلاموفوبيا وتأجيج مشاعر الكراهية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ففي واقعة أخري ترجع إلي عام 1996، رفض مرشح مجلس الشيوخ وقتها عن ولاية نيوجرسي "ريتشارد زيمر" قبول دعم مسلمي الولاية له خلال انتخابات مجلس الشيوخ خوفاً من انتقادات اليهود له، ومن ثم سحب المسلمون دعمهم له وأعلنوا عزمهم علي هزيمته بدعم خصمه "روبرت توريتشللي" الذي فاز بفارق بسيط. وفي عام 2010، استخدم بعض مرشحي الحزب للكونجرس "مسجد جراوند زيرو"، والخوف من الشريعة الإسلامية، لحشد الناخبين من أجل قضيتهم. وظل الجمهوريان السيناتور "جون ماكين" و"نيوت جنجريتش" المرشحان للانتخابات الرئاسية يحذران من أن المسلمين قد يسعون للسيطرة علي الإدارة الأمريكية ويفرضون الشريعة الإسلامية. وفي انتخابات التجديد النصفي، اشتدت الحملة الضارية علي المسلمين، فعمل الجمهوريون علي تأجيج مشاعر الأمريكيين ضد الإسلام ومحاولة إقناعهم بأن المسلمين متطرفون، معتقدين أن انتقاده بشكل لاذع قد يساعد مرشحهم علي استقطاب أصوات انتخابية هم في أشد الحاجة إليها. وبالفعل فاز 85 مرشحاً جمهورياً. ووقتها أدرك هؤلاء الفائزون وكل من يدعمهم أن تبني خطاب مناهض للمسلمين وانتقادهم خير طريقة لكسب الأصوات الانتخابية من قاعدة المحافظين. وقد تكون مثل هذه الاستراتيجية الانتخابية المعادية للإسلام قد نجحت في الماضي غير أنها في الوقت الحالي تعد مخاطرة لأن الدراسة تشير إلي لعب المسلمين والعرب الأمريكيين دوراً هاماً في تحديد النتيجة النهائية. مثلما أثبت الحزب المناهض للرئيس الأمريكي "باراك أوباما" من قبل قدرته علي استقطاب أصوات المسلمين الأمريكيين، بما في ذلك انتخابات عام 2000 عندما جاءت ب"جورج بوش" إلي البيت الأبيض وهزمت المرشح الديمقراطي "آل جور".