«ما أشبه الليلة بالبارحة».. عبارة تعيد للأذهان الفترة القليلة التي سبقت ثورة 25 يناير في عهد المخلوع حسني مبارك، بل أسوأ، فيد الاعتقالات الذي أطلقها النظام الفاشي، محاولا إخراس المعارضين، وقصقصة ريش الثوار، تكشف مدى خوفه ورعبه من دعوات التظاهر في 25 أبريل، إذ الباطل دائما يزهق أمام الحق. الهجمة الشرسة للشرطة على المتظاهرين في البروفة الأولى للثورة الجديدة خلال جمعة «الأرض هي العرض»، توضح أن الحُمق والغباء مازالا راسخين في عقول وقلوب صناع القرار، فلم يستوعبوا الدرس جيدا منذ 2011 حتى اليوم، فكان مشهد الانقضاض على المسيرة التي شاركت فيها «هوليووديا»؛ بدأ بالمحاصرة من جميع الاتجاهات، وإطلاق الخرطوش والغاز المسيل للدموع، وانتهى بثكنة شرطية احتلت منطقة مصطفى محمود تعتقل من يقابلها، وبينهما دماء ملأت وجه صديقٍ كان بجواري في المسيرة؛ جراء طلقة خرطوش. «يا باشا مدير الأمن قال لي تعامل».. كلمات سمعتها من أحد الرتب الشرطية أثناء الهجوم على المسيرة، وسط حالة من الكر والفر، يتحدث بها تليفونيا لآخر، وكأن «ثورة لم تقم»، فمازال بطش العادلي ومن سبقوه ومن جاءوا بعده، منهج يُدرس في وزارة الداخلية يتجرعه الجميع، من الغفير إلى اللواء. تعيش مصر أسوأ حالاتها على الإطلاق؛ الاقتصاد أوشك على الانهيار، والسياحة دُمرت، والتعليم في أردى مستوياته، والصحة تحتضر، والأسعار مشتعلة، والحريات مكبوتة، حتى أصبحت مصر واحدة من أكبر السجون بالنسبة للصحفيين على الصعيد العالمي، والبحث العلمي في الأدراج، والقبضة الأمنية تشتد. وأصبحت «دولة السيسي» أضحوكة العالم أجمع، بدءا من «الكفتة»، والتوك توك «الوحش» المصري، وتركيب وتشغيل الكرة الأرضية بسوهاج، والحكم على طفل لم يتجاوز الأربع سنوات بالسجن المؤبد، وعند إطلاق صاروخ إسرائيلي على مصر سيرتد عليهم مرة أخرى بسبب الهواء؛ لأن الرياح في البحر الأحمر شمالية غربية، ومواجهة أزمة السياحة بالتسول، وحذف نوبل البرادعي من المناهج الدراسية، والقوافل الطبية لجهاز المخابرات العامة في المحافظات، والشاهد الزور في واقعة مقتل الباحث الإيطالي «ريجيني»، والقائمة تطول.. حضرني مشهد سينمائي يصور مجنون أو «معتوه» يحمل سلاحا فتاكا وسط جمع غفير من المواطنين، فكيف لنا أن نتعامل معه؟، بكل تأكيد سوف نسعى جاهدين لانتزاع السلاح من المعتوه؛ حتى نأمن جنونه.. هذا المشهد يتراءى أمام عيني الآن، لكن على نطاق أوسع «الدولة المصرية». يبدو أن سر الثورة المصرية يكمن في اليوم 25، ففي عام 2011، كان يناير، وفي 2016 سيكون أبريل، إنها الفرصة الأخيرة لتحرير الوطن وانتزاع السلاح من «المعتوه»، الذي باع الأرض والعرض، وتنازل بكل خزي وعار عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية، بأمر من واشنطن؛ لصالح الكيان الصهيوني. آن الأوان ينزل العسكر من فوق كرسي الحكم ويعودون إلى ثكناتهم.. تيران وصنافير مصريتان، انزل_شارك_حرر وطن.. فلا نامت أعين الجبناء.