رغم مرور 34 عامًا على تحرير سيناء، إلا أن الأنظمة والحكومات، على تغيرها طوال تلك الفترة، اتفقت على بقاء الوضع في سيناء على ما هو عليه، من تجاهل وتهميش ونقص للموارد والخدمات، حتى أصبحت فيما بعد ملاذًا آمنًا للجماعات المسلحة والعناصر الإرهابية. وأرجع البعض غدم وجود إرادة سياسية لدى المسؤولين لتعمير سيناء لعدة أسباب، أبرزها اتفاقية كامب دفيد، والتي تضع شروطًا لتدخل الدولة في سيناء، بالإضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بالأمن القومي. اللواء نبيل أبو النجا، الخبير العسكري، قال إن اتفاقية كامب ديفيد موقعة منذ عام 1979 في ظل ظروف سياسية معينة، وانتهت هذه الظروف، مشيرًا إلى أن الوضع في سيناء صعب، والدولة عليها النظر لسيناء ووضعها ضمن أجندة اهتماماتها؛ حيث إنه لا يوجد اهتمام بها إلا في المواسم، كذكرى تحرير سيناء، أو حرب أكتوبر، ودون ذلك تظل طوال العام مهملة. وشدد أبو النجا على أن تعمير سيناء هو تعزيز للأمن القومي المصري؛ حيث إن العدو الصهيوني هو المستفيد من الوضع، حيث أصبحت بلا خدمات أو مشروعات تحدُّ من البطالة الموجدة هناك، ولفت إلى أن توفير الإرادة السياسية للدولة المصرية لا يقف عند الحديث في وسائل الإعلام، ولكنه مرتبط بخطوات على أرض الواقع وإقامة مشروعات؛ حيث إن الدولة في الفترة الماضية اتخذت قرارات بإنشاء مشروعات بتكلفة بلغت عشرات المليارات، وكان من الممكن تخصيص جزء من هذه المبالغ لسيناء وأهاليها الذين قاموا بأدوار بطولية منذ حرب 67 مرورًا بحرب 1973 وحتى يومنا هذا. وطالب الخبير العسكري بتعديل اتفاقية كامب ديفيد؛ نظرًا لتغير الظروف والوضع في سيناء، خصوصًا الملحق الأمني الذي تتضمنه الاتفاقية، والذي يفقد الدولة المصرية سيادتها على أرض سيناء، ويضع شروطًا وضوابط للدولة المصرية على أرضها، مشددًا على أن هذا مرفوض؛ حيث إنه لا يوجد شيء في العالم يمنع من التحكم والسيطرة والسيادة على محافظة أو منطقة داخل حدود دولتك؛ لذلك لا بد من تعديلها وإلغاء تلك القيود، بجانب تنمية وتعمير الحدود، والعمل على الاستفادة من الموارد الطبيعة الموجودة في سيناء. وفي نفس السياق قال اللواء أحمد بلال، قائد القوات المصرية في حرب الخليج، إن سيناء شهدت معارك وبطولات على مدار عقود، وما زالت تقدم دورًا كبيرًا في التضحية والبناء؛ من أجل الوطن، ولكن لم تجد ردًّا لهذا من قبل المسؤولين، وأصبحت تعاني التهميش والتجاهل، بجانب أنها أصبحت بيئة حاضنة للجماعات المسلحة والإرهابية. وأشار إلى أن الحرب التي تخوضها الدولة في سيناء منذ سنوات يلزمها عناصر أخرلا، من بينها التنمية والتعمير، وتوفير خدمات، وتصحيح الخطاب الديني، وإنشاء مشروعات تعالج حالة البطالة التي تستغلها الجماعات الإرهابية في جذب عناصر من الشباب، وتجنيدهم بعد توفير عائد مادي. وقال الدكتور محمد عصمت سيف الدولة، الخبير السياسي، إن سيناء تشهد منذ شهور طويلة جرعات مكثفة من الكوارث، أعقبتها حزم من القرارات والإجراءات المصحوبة بكثير من الحكايات والتحليلات والادعاءات؛ مما خلق حالة عامة من الخوف والقلق والغموض والالتباس، تحتم معها أن نحاول جميعًا المشاركة في فك طلاسمها، وهي: أولًا الحقائق الأساسية في سيناء ترزح سيناء ومعها كل مصر تحت نيران القيود العسكرية، التي فرضها علينا الصهاينة والأمريكان في المادة الرابعة من اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، والتي بموجبها يحظر على مصر نشر أكثر من 22 ألف جندي فى المنطقة (أ) بجوار قناة السويس، وعرضها 58 كيلومترًا، وما لا يزيد على 4000 عسكري حرس حدود في المنطقة (ب) في وسط سيناء، وعرضها 109 كيلومترات. كما يحظر وجود أي قوات مصرية في المنطقة (ج) بجوار فلسطين (إسرائيل)، وعرضها 33 كيلومترًا، إذ مسموح لنا فيها بقوات شرطة فقط. أما على الجانب الإسرائيلي فيحظر نشر أي دبابات في المنطقة (د) بطول الحدود المصرية الإسرائيلية، وعرضها لا يتعدى 3 كيلومترات؛ لتصبح أقرب دبابة إسرائيلية على بعد 3 كيلومترات من الحدود المصرية، فى حين تبعد أقرب دبابة مصرية عن نفس النقطة 150 كيلومترًا، في انحياز فاضح وخطير وغير مسبوق للأمن القومي الإسرائيلى على حساب الأمن القومي المصري. أضف إلى ذلك القوات الأجنبية المسماة بالقوات متعددة الجنسية MFO، التي تم نشرها في سيناء لتراقبنا، وعددها حوالي 2000 عسكري، ما يقرب من نصفهم قوات أمريكية، والباقي من دول حلف الناتو وحلفائه. وهي قوات لا تخضع للأمم المتحدة، وإنما لوزارة الخارجية الأمريكية، ومديرها الحالي هو ديفيد ساترفيلد، الذي شغل منصب القائم بأعمال السفير الأمريكي في مصر بعد آن بترسون، في دلالة هامة على حقيقة وطبيعة وانحياز هذه القوات.