الأجواء بين واشنطنوطهران متوترة كالعادة، حتى في ظل التوصل إلى الاتفاق النووي الذي أبرمته مجموعة الدول الكبرى، لكن هذا لا يمنع أن يزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نيويورك؛ لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التغييرات المناخية، والمشاركة في مراسم التوقيع على "اتفاقية باريس"، وعلى هامش الاجتماعات الأممية، يجتمع ظريف مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وكان ظريف وكيري قد عقدا جولة مفاوضات بينهما حول متابعة مراحل تنفيذ الاتفاق النووي الثلاثاء الماضي، وصرح ظريف بعد اللقاء للصحفيين أنه تباحث مع كيري حول تنفيذ أمريكا لتعهداتها أمام الجمهورية الإسلامية، بحيث تستفيد من الاتفاق النووي على الصعيد العملي. أمريكا تعاقب إيران بملياري دولار طفا اسم الإيراني "إسماعيل عسكري" مجددًا على سطح الخلاف الأمريكي الإيراني، فعسكريًّا هو منفذ الهجمات الفدائية في لبنان ضد القوات الأمريكية عام 1983، والتي أودت بحياة 241 شخصًا قتلوا في ثكنة للجيش الأمريكي، و220 من قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، و18 من البحارة، و3 جنود. فبعد 35 عامًا على العملية قضت المحكمة العليا الأمريكية، الأربعاء الماضي، بصرف حوالي ملياري دولار من الأصول الإيرانية المجمدة لعائلات ضحايا التفجير، واعتبرت إيران قرار التعويض هذا سرقة، وقالت إنها لا تعترف بالحكم الصادر من المحكمة الأمريكية العليا. ويأتي القرار الأمريكي رغم إعلان "حركة الجهاد الإسلامي" في بيان لها مسؤوليتها عن عملية المارينز، إلا أن أمريكا تقول إن "حركة الجهاد" تحولت فيما بعد إلى منظمة حزب الله المدعومة من إيران. وتوقع مراقبون أن تتكرر عملية الابتزاز الأمريكيةلإيران، من خلال تحريك مزيد من الدعاوى ضدها، وبالتالي الحصول على أحكام قضائية جديدة، قد تؤدي في النهاية إلى مصادرة الأموال الإيرانية لدى أمريكا؛ ما ينذر بتصاعد حدة الخلاف الأمريكي الإيراني. واشنطن تمنع طهران من دخول النظام المالي العالمي بالرغم من توقيع اتفاق نووي، بقيت بعض العقوبات الأمريكية سارية المفعول؛ بسبب اتهام واشنطنلطهران بدعم الإرهاب. ويرى مراقبون أن خلاف إيرانوأمريكا حول سوريا يحكم هذه المسألة، فدعم إيران للحكومة العراقية ضد داعش لا ترى فيه واشنطن إرهابًا، لكن في المقابل ترفض واشنطن دعم إيران للحكومة السورية ضد داعش الإرهابية. وكانت طهران قد طالبت الاتحاد الأوروبي بالضغط على واشنطن؛ للسماح لها بدخول النظام المالي العالمي، في أحدث مسعى لضمان تأييد أوروبا؛ للحصول على تنازلات مالية أمريكية، حيث قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في الزيارة التي قام بها الوفد الأوروبي بقيادة مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني لطهران "طلبنا من الولاياتالمتحدة، وضغطنا عليها، وسيقوم الاتحاد الأوروبي بنفس الشيء. على الولاياتالمتحدة أيضًا أن تسمح للبنوك غير الأمريكية بالعمل مع إيران". تجارب إيران الصاروخية في الوقت الذي أكدت فيه فيدريكا موغريني؛ بوصفها مسؤولة في الاتحاد الأوروبي، عدة مرات في بروكسل أن التجارب الصاروخية الايرانية لم تنتهك الاتفاق النووي، قالت الولاياتالمتحدة في خطاب مشترك، ضم كلًّا من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إن إيران تحدَّت بإطلاقها صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية قرارًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيد الاتفاق النووي التاريخي المبرم العام الماضي، وطلب الخطاب أيضًا من مجلس الأمن بحث «ردود مناسبة» على عدم وفاء طهران بتعهداتها، وحث الأمين العام على تقديم تقرير بشأن الأنشطة الصاروخية الإيرانية غير المتسقة مع القرار 2231، الأمر الذي دفع إيران عبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للدفاع عن نفسها بالقول "إن التجارب الصاروخية الإيرانية لا تتعارض مع الاتفاق النووي". ويرى مراقبون أن هناك مخططًا لمنع إيران من الحصول على ما يفيد اقتصادها مرة أخرى، بدأته الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن وأمام الأممالمتحدة، بمذكرة قدمتها قالت فيها إن إيران تخالف الاتفاق النووي من خلال إجراء تجارب على صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية، رغم أن الاتفاق النووي لم يتضمن حظر الصواريخ طالما لا تحمل مواد نووية. واشنطن تدعم موقف دول الخليج ضد إيران تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد اجتماع في الرياض مع زعماء مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس "بردع أي عدوان" على هذه الدول التي تشعر بالقلق المتزايد إزاء نفوذ إيران في المنطقة، وقال أوباما في الرياض بعد القمة "أكدت مجددًا سياسة الولاياتالمتحدة التي تقضي باستخدام كل عناصر قوتنا لتأمين مصالحنا الأساسية في منطقة الخليج ولردع ومواجهة أي عدوان خارجي على حلفائنا وشركائنا". التقارب الأمريكي الخليجي وجد فيه محللون سياسيون رسائل أمريكية مباشرة لطهران، مفادها أن فصول الصراع الأمريكي الإيراني ما زالت مشرعة على الرغم من دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.