في الوقت الذي تسعى فيه القوى الدولية الكبري للوصول إلى حل سياسي قريب ينهي الأزمة السورية المستمرة منذ خمس سنوات، خرجت بعض فصائل المعارضة لتحرض على انهيار الهدنة وعودة القتال من جديد، في مسعى منهم لإعادة المفاوضات إلى نقطة الصفر بعد أن شهدت بعض التقدمات. كانت المعارضة السورية دعت الفصائل المسلحة التابعة وغير التابعة لها إلى استئناف القتال؛ من خلال دعوة كبير مفاوضي وفد المعارضة في جنيف، محمد علوش، إلى إشعال الجبهات وقتال الجيش السوري من جديد، قائلا للفصائل المسلحة، إنه لن يقبل أي تنازل عن أهداف الثورة. وأضاف علوش من خلال حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «إخواننا، أعلنت لكم قبل ذلك بطلب إشعال الجبهات وقد اشتعلت، فلا ترقبوا في النظام، ولا تنتظروا منه رحمة، فاضربوا فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان»، وفي تغريدة ثانية، توجه علوش إلى الفصائل المقاتلة في سوريا بالقول: «نحن معكم جميعًا، ولن نقبل أي تنازل، أنا شخصيًا مؤيد لأي موقف تجمع عليه الفصائل مهما كان هذا الموقف». لم يكن علوش الوحيد المشتاق إلى رائحة الدماء السورية مجددًا، فاشترك معه رئيس وفد الرياض إلى مفاوضات جنيف، أسعد الزعبي، الذي دعا المعارضة السورية المسلحة للرد على الجيش السوري في الميدان، عاتبًا عليهم عدم استغلالهم وقف الأعمال القتالية لتحقيق مكاسب ميدانية، وقال في رسالة عبر الإنترنت لمسلحي المعارضة، إنه إذا ما واصلت القوات الحكومية تقدمها وإذا لم يتحقق شيء فيما يتصل بالمطلب الرئيسي بخصوص الانتقال السياسي في سوريا من دون الرئيس بشار الأسد، فإن هناك حدًا أقصى لمدة التفاوض. دعوة علوش والزعبي سريعًا ما لاقت ترحيبا من جماعات المعارضة المسلحة، التي كانت تنتظر إشارة من قيادييها لبدء رحلة معارك جديدة على الجبهات مع الجيش السوري، حيث أعلنت جماعات تابعة لمسلحي المعارضة السورية، اليوم، بدء معركة أطلقت عليها اسم معركة "رد المظالم"، ضد قوات الجيش السوري، وزعمت أنها تأتي ردًا على انتهاكات اتفاق هش لوقف العمليات القتالية مطبق منذ نهاية فبراير. الدعوة إلى عودة القتال على الجبهات السورية من جديد، لم تكن الوحيدة الهادفة إلى انهيار المفاوضات، حيث تشير تعليقات المفاوضين في جنيف إلى إمكانية انسحاب التيار الرئيسي للمعارضة السورية من محادثات السلام، فبعد أن ضاق بهم السبيل نحو الاستيلاء على مزيد من الصلاحيات في مستقبل الحياة السياسة السورية، وبعد أن ضعفت طرق الإمداد التي كانت تعينهم على قتال الجيش السوري بعنف، شعر مفاوضو المعارضة بضعف موقفهم السياسي، خاصة بعد أن اقترح مبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا، فكرة تقضي بإمكانية بقاء الأسد بسلطات رمزية، حيث يتضمن الاقتراح بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في منصبه مع تعيين ثلاثة نواب له تختارهم المعارضة وتُنقل صلاحياته إليهم. فكرة المبعوث الأممي رفضتها فصائل المعارضة بشكل نهائي، حيث قال رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات، أسعد الزعبي، إن وفده لن يواصل المباحثات بشكل فلكي أو مفتوح، إذا لم يتحقق تقدم حول المطلب الرئيسي باستثناء الرئيس السوري بشار الأسد من عملية الانتقال السياسي، وهو التصريح الذي شكل مؤشر ورسالة مقلقة من الوفد المعارض الذي يُصر في كل مناسبة على استثناء الأسد من أي عملية سياسي مقبلة. تعنت المعارضة السورية أثناء المفاوضات وإصرارها على مناقشة مصير الأسد، وما تبعها من دعوة الفصائل المسلحة لخرق الهدنة، يثبت أنه لم يكن لديها النية المسبقة للعمل على إنجاح المفاوضات، بل سعت إلى خرقها بكل الطرق للوصول إلى الخطة "ب" التي لوحت بها واشنطن قبل انعقاد المؤتمر بأيام. قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في 13 أبريل الجاري، إن الولاياتالمتحدة تعتزم تزويد المعارضة المسلحة المعتدلة في سوريا بأنظمة تسلح أفضل مما تمتلكه في الوقت الحالي؛ إذا لم تستمر الهدنة المتفق عليها بين الطرفين، وأضافت الصحيفة استنادًا إلى ما أسمته دوائر أمنية مطلعة أن هذه الأسلحة من شأنها أن تجعل المعارضة السورية المقاتلة قادرة على مهاجمة المقاتلات السورية واستهداف المواقع بشكل مباشر. وأوضحت الصحيفة أن ممثلين عن المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي ايه"، التقوا في فبراير الماضي بممثلين عن أجهزة مخابرات أخرى في الشرق الأوسط، واتفقوا على الخطة "ب" بالنسبة لسوريا، لكن هذه الخطة كانت لا تزال تنتظر موافقة البيت الأبيض، بالإضافة إلى أن هذه الأنظمة القتالية لن تسلم للمعارضة المسلحة، إلا في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار. وبحسب الصحيفة، قال مسؤولون، إن السى أى إيه أوضح لحلفائه أن أنظمة الأسلحة الجديدة، بمجرد الموافقة عليها، ستمنح للمعارضة فقط فى حال فشل الهدنة والعملية السياسية الرامية لتحقيق السلام، وتم استئناف القتال الكامل، وهو ما سعت إليه المعارضة حرفيًا من خلال إفشال المفاوضات، ثم الدعوة لعودة القتال في مسعى للحصول على أسلحة نوعية وفقًا للوعود الأمريكية.