برع فى أدوار المعلم وابن البلد الشهم، ورغم موهبته الكبيرة وبراعته فى التمثيل، لكنه ظل دوما فى قالب الأدوار الثانية والمساعدة، وعمل فى الكثير من مؤلفات العبقرى الراحل أسامة أنور عكاشة، إنه الفنان سيد عبد الكريم الذي ولد فى 26 يوليو من عام 1936م، وتخرج في كلية الزراعة وحصل على الدكتوراة فيها، وعمل أستاذا جامعيا، فى علم مقاومة الآفات بكلية الزراعة، لذا أصبح فنانا بدرجة أستاذ. كان يعشق لعب الكرة صغيرا، لدرجة أنه في المرحلة الابتدائية كون فريقا اسماه «الأسد المفترس»، وبسبب هذه العشق بدأ والده يشعر بالقلق الشديد عليه، لدرجة أنه قرر عقابه بطريقته الخاصة؛ بحرمانه من التعليم لمدة أسبوع، وإرغامه علي العمل معه في المقهى، وبعد مرور أسبوع، خيّره بين العمل والتعليم، فاختار التعليم، وقرر الابتعاد مؤقتا عن لعب الكرة. عُرف بالمعلم "زينهم السماحى" الرجل "الجدع" الشهم والشجاع، وأحد رموز حي الحلمية، كان والده يعارض دخوله عالم الفن، لكنه أصر على الاستمرار فيه، بدأ بمسرح الجامعة ثم دخل عالم الفن من خلال السينما والمسرح أيضا والتليفزيون. منذ اللحظة الأولي في المرحلة الجامعية عقب التحاقه بكلية الزراعة، كان يبحث عن فريق التمثيل الذي تعرف فيه على صديق عمره المخرج محمد فاضل، اللذان التقيا بعد ذلك، بالمخرج نور الدمرداش، وكان دائما ما يشجعهما علي مواصلة الفن، ونصحه أن يركز في التمثيل ويبتعد عن الإخراج، خاصة أنه كان أحيانا يخرج بعض الأعمال المسرحية. قدم على مسرح الجامعة عرضا لمسرحية «قلوب تحترق»، واستطاع من خلال الكلية تكوين فرقة للتمثيل المسرحي ضمت سمير غانم، ومحمود عبد العزيز، ومحمد فاضل، ومدحت مرسي، وعقب تخرجه، التحق بفرقة «المسرح الحديث»، وقدم عدة عروض لروايات عالمية منها، «تلميذ الشيطان، والجريمة، والعقاب»، وكانت إذاعة الإسكندرية تنقل هذه العروض المسرحية للجمهور آنذاك. التحق بمعهد السينما قسم إخراج وسيناريو، وكانت الدفعة مكونة من 850 فردا من مختلف الصحفيين والمخرجين والممثلين، فكان أستاذا بالجامعة وطالبا بالمعهد في الوقت نفسه، وكان الأول علي دفعته، التي كانت تضم حسن شاه، وأحمد صالح، ومحمد كامل القليوبي، وعبد اللطيف زكي. جاءته الفرصة الحقيقية عام 1987 في مسلسل «ليالي الحلمية» مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، الذي أسند إليه مهمة أداء شخصية محورية غاية في الأهمية هي شخصية «المعلم زينهم السماحي»، قصة وسيناريو وحوار أسامة أنور عكاشة، الذي قال في شهادة له عن «عبد الكريم» إنه «كان بالفعل المعلم زينهم بلا زيادة أو نقصان، بما يعني أن الصورة المتخيلة في ذهن عكاشة هي ذاتها التي جسدها الممثل القدير لحما ودم». جسد شخصية «المقدس بشاي» في مسلسل «خالتي صفية والدير» عام 1996، المأخوذ عن قصة الكاتب الروائي بهاء طاهر، وهو القمص الذي يسكن الدير ويظهر تعاطفا قويا مع أزمة «صفية» التي تجسدها الفنانة «بوسي»، ويعبر بما يمتلكه من خصال إنسانية ثرية عن سماحة رجل الدين ويضرب مثالا يحتذ للوحدة الوطنية والخلق الكريم، لتظل الصورة الإيجابية للقس عالقة في أذهان الجمهور على اختلاف ديانته، واعتبرها النقاد الشخصية «الماستر سين» في رحلة «عبدالكريم» الفنية، لأنها التي أفرغ فيها كل طاقاته الإبداعية، وتغلب على صعوبتها، وأعطاها من جهده ووقته الكثير. حارب نظام مبارك من خلال حزب التجمع، الذي انتمى لعضويته، كما كان له رأي واضح ضد سيطرة الفكر الديني على الحياة السياسية في مصر، ورفض النزول لميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير، حسبما صرحت ابنته؛ لأنه كان يرى أن الثورة ملك للشباب ولا يجوز اختطافها منهم من أي جهة كانت. توفي عبد الكريم اليوم، عن عمر ناهز 76 عاما، بعد معاناة طويلة مع مرض القلب امتدت 5 سنوات، بجانب إصابته بفشل كلوي وجلطات بالمخ، وقالت ابنته «إيمان» إن والدها تعرض لإهمال شديد في مستشفى «عين شمس التخصصي» الذي كان يعالج فيه، لذا طلبت نقله إلى«المركز الطبي العالمي» لأجل إنقاذه، لكن «الكثيرين الذين طلبت منهم مساعدتها في نقله لم يبذلوا الجهد الكافي لإتمام هذا النقل».