لحظات مأساوية عاشتها أوروبا وبالأخص بلجيكا، بعدما طالتها يد الإرهاب الغاشم، لتحصد أرواح 30 قتيل ومئات الجرحي، فقد استيقظ أهالي بروكسيل على وقع ثلاث تفجيرات دامية، اثنين في مطار زافنتم الدولي، والثالث في محطة مالبيك للمترو، مما يعني أن الإرهاب استهدف أكثر الأماكن البلجيكية حركة وحيوية. هجمات دامية.. وأوروبا ترتعد بعد ساعات من وقوع تفجير بروكسيل، أعلنت النيابة الفدرالية البلجيكية أن انتحاريين على الأرجح فجرا اثنتين من القنابل صباحًا في مطار بروكسل، والشرطة تلاحق مشتبها به ثالثًا، وقالت وسائل إعلام بلجيكية: إن منفذي هجوم مطار بروكسل هما الشقيقان إبراهيم وخالد البكراوي، وهما معروفان لدى الشرطة، فيما أعلنت أن نجم العشراوي الذي كانت تطارده الشرطة باعتباره المتهم الثالث الهارب منذ وقوع التفجيرات قد تم اعتقاله قبل ساعات قليلة. بدأت عمليات الدهم للمناطق المشتبه بها، حيث عثرت الشرطة على عبوة ناسفة تحوي مسامير إضافة إلى مواد كيميائية وراية لتنظيم داعش الذي تبنى الاعتداءات، خلال عمليات دهم في شايربيك بمنطقة بروكسل بعد ساعات من التفجير. في أعقاب التفجيرات، أعلنت بلجيكا أمس الثلاثاء، الحداد الوطني لمدة 3 أيام، حيث قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البلجيكي، فريدريك كودرلييه: إن جميع الأعلام الوطنية ستنكس حتى يوم الخميس، كما رفعت وزارة الداخلية البلجيكية حالة الإنذار من الدرجة الثالثة إلى الرابعة وهي الدرجة القصوى في مجمل أنحاء البلاد، كما أغلقت جميع وسائل النقل العام ومحطات المترو والمحطات الكبرى في العاصمة الأوروبية حتى إشعار آخر. حالة من الاستنفار القصوى سادت معظم دول القارة العجوز، حيث شددت الدول الأوروبية إجراءاتها الأمنية حول المطارات ووسائل النقل. حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، نشر 1600 عنصر شرطة ودرك إضافيين في البلاد، وتعزيز الإجراءات الأمنية في مطار رواسي شارل ديغول في باريس، كما تم تعزيز الإجراءات في مطار غاتويك بلندن، فيما فرضت هولندا تدابير أمنية مشددة في مطاراتها، كما عززت إجراءات المراقبة على حدودها مع بلجيكا، واتخذت ألمانيا إجراءات أمنية مشددة في مطار فرانكفورت، أحد أكبر مطارات أوروبا. انتقام داعشي أم تقصير أمني؟ الهجمات البلجيكية تأتي بعد أربعة أيام فقط من القبض على الناجي الوحيد من المجموعة التي نفذت هجمات باريس الدامية في 13 نوفمبر الماضي، والتي أوقعت 130 قتيلًا، ففي 18 مارس الجاري أعلنت السلطات البلجيكية، القبض على صلاح عبد السلام، أحد المشتبه بهم الرئيسيين في هجمات باريس، وإصابته بإطلاق نار بعد مواجهات مع قوات الشرطة في منطقة مولنبيك بالعاصمة بروكسل، بعد أن استطاع عبد السلام الهرب لأكثر من 4 أشهر منذ هجمات باريس، وكانت تلاحقه قوات الأمن الفرنسية والأوروبية. القبض على عبد السلام شكَّل انتصارًا أمنيًّا بلجيكيًّا روجت له بشدة، حيث قال وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه رينديرز: إن المشتبه به كان يخطط لضرب أهداف في بروكسل، وهو ما أوحى إلى أن أجهزة الأمن البلجيكية قد استبقت تنفيذ عملية إرهابية ضخمة، فيما ضخم رئيس الوزراء البلجيكي، تشارلز ميشيل، من العمل الأمني البلجيكي الذي أدى في نهاية المطاف إلى اعتقال عبد السلام، قائلًا: إن الاعتقال جاء نتيجة عمل استخباري مكثف، وأضاف أن العملية نتيجة بالغة الأهمية في المعركة من أجل الديمقراطية. النشوة البلجيكية لم تكد تكتمل حتى جاءت تفجيرات بروكسيل لتحبط الآمال وتحول نشوة الانتصار بالقبض على عبد السلام إلى اتهامات بالتقصير الأمني والاستخباري، حيث كشفت هجمات بروكسيل عن فراغ أمني خطير نجح من خلاله الإرهاب في التسلل إلى بعض الأماكن الأكثر حيوية ونشاط في العاصمة البلجيكية، مستغلين التراخي الأمني الناجم عن الضربة الأمنية الأخيرة ونشوة الانتصار. أردوغان.. توقع أم عِلم مسبق؟ ثلاثة أيام فقط فصلت بين تحذيرات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التي أعقبت تفجير اسطنبول الأخير الذي أودى بحياة أكثر من 30 شخصًا وتفجيرات بروكسيل، حيث هاجم اردوغان حينها الاتحاد الأوروبي وشكك بصدقه بشأن مكافحة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وبعض الدول الأوروبية على أنه حزب إرهابي، وتساءل أردوغان أثناء خطابه الذي ألقاه بلهجة غاضبة في التلفزيون التركي يوم 19 مارس الجاري، عن المانع الذي سيحول دون وقوع تفجير في بروكسل أو أوروبا على غرار هجوم أنقرة، واتهم أوروبا بالرقص في حقل ألغام من خلال دعمها للجماعات الإرهابية بشكل مباشر وغير مباشر، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، وقال الرئيس التركي: لا ضمان على أن قنبلة أنقرة لن تنفجر في بروكسل، إنكم تحتضنون أفعى، لكنها قد تلدغكم في أي لحظة، ستفهمون عندما تنفجر عبوات ناسفة في مدنكم، ولكن بعد فوات الأوان. ورغم أن أردوغان كان من بين الذين أدانوا تفجيرات بروكسيل بشده، إلَّا أن ذلك لم يمنع أن توجه له أصابع الاتهام الأوروبية الغاضبة، حيث ربط البعض وخاصة الإعلام الغربي وبالتحديد البلجيكي، بين تحذيرات الرئيس التركي التي سبقت الهجوم الدامي في بروكسيل بأيام قليلة، والحادث الإرهابي في عاصمة الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفع البعض إلى ربط خطاب أردوغان وتساؤله بالهجمات البلجيكية، وطرح تساؤلات وعلامات استفهام عدة، فهل كان أردوغان على علم مسبق بهجمات بروكسيل أم كان الأمر مجرد تنبؤ وتحليل أمني؟