تمر المنطقة العربية بالعديد من الأزمات التي تحتاج إلى وحدة عربية لا تخضع لهيمنة دولة بعينها، وخلال السنوات الماضية أثبتت جامعة الدول العربية عجزها عن اتخاذ قرارات جدية بشأن العديد من أزمات المنطقة، بل خضعت للكثير من الضغوط التي فرضتها عليها بعض الدول داخل الجامعة. العربي يرفض التمديد أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، خلال المؤتمر المشترك الثاني لجامعة الدول العربية والمنتدى العربي النووي برئاسة المجلس المصري للشؤون الخارجية لعام 2016 في القاهرة، والذي عُقد أمس الأحد، مغادرته منصبه فور انتهاء فترة ولايته في يوليو القادم، معتذرًا عن التمديد لولاية ثانية. قرار العربي برفض تجديد الولاية لم يكن مفاجئا للمتابعين، حيث سبق وأبلغ الأمين العام لجامعة الدول العربية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغبته في الاستقالة من منصبه العام الماضي بسبب أجواء الإحباط التي تسيطر على العمل العربي المشترك خلال الفترة الأخيرة، لكن السيسي طالبه بالاستمرار حتى نهاية ولايته على الأقل، ثم أخفقت محاولات إقناعه بالعدول عن موقفه برفض الترشح لولاية جديدة. الجامعة تحت قيادة العربي شهدت الدول العربية خلال فترة تولي نبيل العربي أمانة الجامعة منذ مايو 2011، العديد من الأزمات التي اندلعت عقب ثورات الربيع العربي، وعلى رأسها الأزمة السورية واليمنية والليبية، لكن الجامعة لم تكن فعالة في التعاطي مع هذه الأزمات. فيما يخص الأزمة السورية، فقد كان موقف الجامعة العربية سلبيًا لدرجة كبيرة، حيث لم تطرح أي مبادرة لإنهاء الأزمة. وعلى المستوى الرسمي فقد خضعت الجامعة لأهواء بعض الدول السياسية، حيث ضغطتا السعودية وقطر في محاولة لانتزاع إجماع من باقى أعضاء الجامعة لتسليم مقعد سوريا الذي ظل شاغرًا لمدة خمس سنوات للمعارضة السورية، وهو القرار الذي عارضته مصر والإمارات والجزائر والعراق ولبنان، الأمر الذي أفشل المخطط السعودي القطري بجعل المعارضة هي المتحدث الرسمي باسم الشعب السوري. وفي الأزمة اليمنية، استطاعت السعودية استمالة الجامعة العربية في صفها لمنحها تأييدا عربيا يغطي على عدوانها في الأراضي اليمنية، حيث أيد المشاركون في القمة العربية ال26 التي انعقدت في مارس الماضي بمدينة شرم الشيخ، العدوان الذي تشنه السعودية على اليمن، وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية حينها تأييد الجامعة التام للعملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد اليمن، مبررة ذلك بأنها تأتي حفاظًا على الشرعية. أما الأزمة الليبية، فلم تلتفت إليها الجامعة العربية ولم تضعها في قائمة الاهتمام نهائيًا، وهو ما أكدته الجامعة خلال الأيام القليلة الماضية، ففي 23 فبراير الجاري أعربت الجامعة عن أسفها لتردي الأوضاع الإنسانية في ليبيا، مؤكدة أن الأزمة الليبية لم تلقَ حقها من تسليط الضوء بسبب انشغال العالم بأمور أخرى. أبو الغيط الأقرب للمنصب تردد اسم وزير الخارجية الأسبق "أحمد أبو الغيط" كأبرز مرشح لتولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث كشفت مصادر رفيعة المستوى عن عزم مصر ترشيح أبو الغيط، لتولي الأمانة العامة للجامعة العربية، خلفا للعربي، وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تقدم بمرشح مصري جديد، له ثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة إلى الملوك والرؤساء والقادة العرب، لشغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وقال إن مشاورات رفيعة المستوى تجري حاليًا للحصول على الدعم العربي للمرشح. وفي ذات السياق أكدت مصادر دبلوماسية أن مصر لن تطرح اسم أبو الغيط رسميًا إلا بعد التأكد من التوافق العربي الكامل عليه، على اعتبار أن اختياره يحظى حتى الآن بتأييد سعودي وخليجي، نظرًا لعلاقته المتميزة بهذه الدول إبان توليه وزارة الخارجية في ظل نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. المقاومة.. بين العربي وأبو الغيط خلال تولي نبيل العربي منصب الأمين العام للجامعة، حاولت بعض الدول تسيير مخططها والضغط على الدول الأعضاء وحشد التأييدات لاعتبار حزب الله منظمة إرهابية، ففي عام 2014 أعدت السعودية خطة محكمة لحشد تأييد عربي في الجامعة العربية تعتبر الحزب منظمة إرهابية ويحظر على جميع الدول الأعضاء في الجامعة التعامل معه، لكن هذه الخطة لم تلقَ قبولا واسعا في ذلك الوقت، لتعيد السعودية محاولاتها مرة جديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث كشفت مصادر رفيعة المستوى أن السعوديين يتحركون باتجاه الجامعة لإصدار قرار ضد حزب الله، وأكدت المصادر أن النظام السعودي بدأ اتصالاته الدبلوماسية بعدد من الدول العربية لاستكشاف إمكان عقد جلسة طارئة لمجلس وزراء الخارجية العرب بهدف إصدار قرار يدين حزب الله ويعتبره إرهابيًا، لكن المملكة لاتزال تبحث عن إجماع خليجي عربي، تتصدره سلطنة عمان ومصر والجزائر والعراق. يبدو أن مهمة المملكة في انتزاع إجماع عربي من الدول الأعضاء حول اعتبار حزب الله منظمة إرهابية لاتزال صعبة بعض الشيء، لكن تسليم منصب أمين عام جامعة الدول العربية للمرشح أحمد أبو الغيط، يمكن أن يسهل هذه المهمة كثيرًا على الرياض، حيث تظهر مواقف أبو الغيط خلال توليه حقيبة وزارة الخارجية منذ يوليو 2004 إلى مارس 2011، مدى تقارب وجهات نظره مع المملكة في هذا الشأن وشدة معاداته لحركات المقاومة خاصة حزب الله وحركة حماس، ففي عام 2008 قال أبو الغيط خلال مقابلة تليفزيونية: إن حزب الله دمر لبنان في حرب عام 2006. كما هاجم أبو الغيط حماس عقب الغارات الجوية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت منذ 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، وقتلت حوالي 348 فلسطينيًا، محملا الحركة مسؤولية ما حدث، قائلًا إن مصر قامت بتحذير حماس منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بهذا الأسلوب، مضيفًا: فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية. وفي عام 2009، هاجم وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط، حركة حماس وحزب الله، قائلا إن خلال الحرب على غزة سعى الطرفان لإشعال صراع في الشرق الأوسط، واتهمهم بمحاولة تحويل المنطقة إلى صدام وصراعات، كما اعترف أن مصر أفشلت عقد قمة عربية مكتملة النصاب حول غزة في قطر، مبررًا ذلك بأن القمة كانت تهدد العمل العربي المشترك. أبو الغيط والكيان الصهيوني استبعد وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط خلال شهر أغسطس عام 2006 أن تستجيب السلطات المصرية لمطلب المعارضة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني أو تجميد معاهدة السلام عقب تزايد عمليات القصف الصهيوينة ضد لبنان، معتبرا أن ذلك سيكون بمثابة إعلان حرب. وقال أبو الغيط: قطع العلاقات مع إسرائيل ليس بالسياسة الحكيمة، مؤكدا أن هناك تعاقدا مصريا إسرائيليا ممثلا في اتفاقية السلام ومصر دولة تحترم التزاماتها. مستقبل الجامعة العربية خلال تولي أبو الغيط منصب وزير الخارجية إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، كانت تربطه علاقات وثيقة مع الأنظمة الخليجية خاصة السعودية والقطرية، وهو ما دفع القيادة المصرية لطرح اسمه بعد رفض نبيل العربي التمديد لولاية ثانية، والتقارب بين أبو الغيط والدول الخليجية يعطي مؤشرات تؤكد سير الجامعة العربية على نهج الدول الخليجية في الأزمات العربية المشتعلة الآن، حال حصوله على منصب الأمين العام للجامعة العربية.