بعد مرور 85 يومًا على إضرابه المفتوح عن الطعام، يظل الأسير الفلسطيني محمد القيق، المعتقل من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، يواجه الظلم الصهيوني، مستخدمًا سلاح الأمعاء الخاوية؛ ليصبح مصيره إما الموت كنموذج فلسطيني مقاوم يُحتذَى به، أو الحياة بكرامة في حال الإفراج عنه. خطوة إرهابية صهيونية جديدة على الرغم من أن المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تُعتبَر أعلى هيئة قضائية، أقرت بأن الخطر يتهدد حياة القيق، وقالت في قرار صدر مساء أمس الأول، إن القيق يواصل رفض قبول العلاج الطبي على الرغم من تعرض حياته للخطر، إلا أنها رفضت التماس الأسير الإفراج عنه ونقله إلى أحد مستشفيات رام الله بالضفة الغربية. القرار الصهيوني الجائر أثار حفيظة العديد من المتابعين لقضية القيق، حيث قال رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، رائد صلاح، إن قرار المحكمة الأخير الظالم والعنصري يؤكد أمرين: الأول أن المحكمة انصاعت 100% لإملاءات جهاز المخابرات الإسرائيلي عليها، ونفذت كل هذه الأوامر الأمنية، والثاني أن هذا القرار يعني أن هناك دعوة لتنفيذ حكم إعدام ميداني بطيء لمحمد القيق. وعن تبعات الإعدام الممنهج الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني في حق الأسير الفلسطيني، قال رائد صلاح: نحن نُحمِّل تبعات إعدام محمد القيق للمؤسسة الإسرائيلية. وأضاف أن الشارع الفلسطيني يعيش الآن على أعصابه، ويتابع لحظة بلحظة ماذا يقع الآن على الأسير محمد القيق، في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المباركة والداخل الفلسطيني، وهناك فعاليات كثيرة ونشاطات مختلفة؛ من أجل نصرة الصحفي محمد القيق؛ ولذلك في تصوري ليس من السهل أن نتركه حتى يقال فيما بعد "قُتِل محمد القيق". وتابع صلاح: ستكون ردود فعل غاضبة لا أستطيع أن أقول ما هي حدودها، لكن ستكون غاضبة جدًّا. من جانبه قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، إن قرار المحكمة الإسرائيلية ما هو إلا قرار بائس ينم عن إصرارها وتعمدها قتل القيق. وذكر قراقع أن المحكمة العليا لم تعد محكمة أو قضاء يمكن اللجوء إليه، وإنما هي أداة قتل إسرائيلية، فعلى الرغم من أنها تدرك أن وضع الأسير القيق في خطر، إلا أنها لم تتخذ قرارًا لإنقاذ حياته. حالته الصحية قال أحد مرافقي القيق في غرفته، محمود لويسي، إن وضعه خطير للغاية ويزداد سوءًا، وقبل يومين ظهرت عليه معالم جلطة قلبية، فكان يشعر بآلام قوية في صدره، وهو يعاني من مضاعفات في النظر، حيث لا يقوى على الرؤية بشكل جيد الآن، وأضاف لويسي، أن محمد القيق ممدد على السرير وهو يرفض أي شكل من الفحوصات الطبية، بما في ذلك الفحوصات الجسدية والدم، ولذلك فإن الأطباء لا يعلمون ما يجري في جسده، مشيرًا إلى أنه يتناول الماء، ويرفض أي شيء آخر بما في ذلك الملح، ولفت لويسي إلى أن القيق لا يقوى على الحركة وهو يؤدي حتى صلاته وهو نائم ويردد دائمًا: إما الحرية أو الشهادة. في ذات السياق قال نادي الأسير الفلسطيني إن حياة محمد القيق تمر بمرحلة حاسمة ودقيقة، إثر التطورات الصحية والقانونية الأخيرة، مشددًا على أن الخطورة على حياته تشتد ساعة بعد ساعة مع استمراره بالإضراب عن الطعام. ومن جهتها أفادت محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين، هبة مصاحلة، أن القيق يمر بخطر شديد جدًّا، وأصبح يصارع الموت، فهو لا يقوى على السمع أو النطق أو النظر. القيق.. قضية تستحق التأييد حملات الدعم والوقفات الاحتجاجية وكلمات التشجيع والصبر التي يتلقاها القيق من الأطباء الفلسطينيين وبعض الشخصيات الوطنية التي تزوره في محبسه تجعله قادرًا على الصمود في وجه الإرهاب الصهيوني، حيث دخل عدد من الفلسطينيين مساء الاثنين الماضي وعلى رأسهم رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، رائد صلاح، ورئيس لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48، محمد بركة في إضراب مفتوح عن الطعام؛ تضامنًا مع الأسير. ويعتصم معظم هؤلاء في مستشفى العفولة، حيث يرقد محمد القيق. في ذات السياق تلقى قضية القيق تعاطفًا شعبيًّا فلسطينيًّا كبيرًا، اتضح في الاعتصامات التي ينظمها أبناء المدن الفلسطينية، خاصة في الخليل ونابلس وبيت لحم ورام الله والبيرة، حيث شهدت تلك المدن مسيرات كبيرة ووقفات احتجاجية أمام الصليب الأحمر والمستشفي الذى يقبع فيه الأسير؛ وذلك تضامنًا معه. انتقلت قضية القيق إلى دول العالم والهيئات الإنسانية مؤخرًا، حيث طالب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بإطلاق سراح الصحفي الأسير الفلسطيني، وقال ملادينوف أمس إن الأممالمتحدة لها مواقف من الاعتقال الإداري، مشيرًا إلى أنه يجب إطلاق سراح كل أسير فلسطيني تم اعتقاله إداريًّا من قِبَل القوات الإسرائيلية، فيما طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ورئيس لجنة العلاقات مع فلسطين في البرلمان الأوروبي، مارتينا أندرسون، بتعليق العمل باتفاقية الشراكة مع إسرائيل حتى تنصاع لقواعد القانون الدولي وتحترم حقوق الإنسان. رحلة القيق إلى الحرية تمر بالإضراب اعتقل الجيش الإسرائيلي الأسير الصحفي محمد القيق في 21 نوفمبر الماضي، من منزله في مدينة رام الله، حيث داهمت قوة من جيش الاحتلال بيته قبل أن يقوموا باعتقاله، وبعد تقييد يديه وتغميم عينيه، تم نقله إلى مستوطنة بيت ايل القريبة من رام الله، وتُرك بعدها في العراء حوالي 20 ساعة، ثم نقل لمركز تحقيق المسكوبية، وبعدها إلى مركز تحقيق الجلمة. بعد التعذيب وسوء المعاملة اللذين تعرض لهما القيق، بدأ الأسير إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، وذلك بعد 4 أيام من اعتقاله، وخلافًا لإضرابات سابقة خاضها معتقلون فلسطينيون، فإن القيق يرفض تناول الملح أو المدعمات الطبية؛ مما أدى إلى تدهور أوضاعه الصحية بشكل كبير جدًّا ودخوله في حالة الموت البطيء بمستشفى سجن العفولة الإسرائيلي في شمال فلسطينالمحتلة. في 20 ديسمبر الماضي قررت السلطات الإسرائيلية تحويله للاعتقال الإداري، دون محاكمة لمدة 6 أشهر، أي حتى 20 يونيو المقبل، متهمة إياه بالتحريض على العنف من خلال عمله الصحفي، وفي 19 يناير الماضي أصر مستشفى العفولة على إطعام الأسير قسرًا لأربعة أيام، وبعدها بأيام فقد القيق نحو 60% من حاسة السمع، ولكنه كان لا يزال واعيًا ويرفض العلاج، وبعد أيام قليلة أخرى، فقد الأسير القدرة على النطق أو الكلام، وأصبح يتواصل مع من حوله بالكتابة على ورق، وفي 4 فبراير الجاري قررت محكمة العدل الإسرائيلية تعليق الاعتقال الإداري بحقه لخطورة وضعه الصحي، وهو ما رفضه الأخير مطالبًا بإطلاق سراحه.