موجات من الصقيع، تصاحبها أمطار وعواصف ترابية، يلجأ الناس لدفء المنازل، أو يحتمون بالملابس الثقيلة، ولكن هناك من لا يجد في هذا البرد إلا الخوف، والذي لخصه أشرف بقوله إن الأمطار تمنعه من ممارسة عمله؛ فيضطر للبقاء في الشارع بلا غطاء يدفئه ولا مكان جاف ينام فيه. أشرف أحد الأطفال الذين يجوبون شوارع السويس بحقيبة مناديل، يحاول بيعها. تتساوى عنده حرارة الصيف مع برودة الشتاء. المهم أن يجد 20 جنيهًا يوميًّا تكفي طعامه هو وأشقائه الثمانية. أشرف البالغ من العمر 12 سنة لا يذهب إلى المدرسة، حيث علمه والده أن 20 جنيهًا يوميًّا أفضل من أي تعليم. يقول أشرف إن الأيام الماضية شهدت أمطارًا على فترات متقطعة، لم تمكنه من جلب المبلغ، الذي يجعل والده يسمح له بالدخول لمنزلهم؛ ليجد نفسه يمضي باقي اليوم تحت الأمطار، مؤكدًا أن والده يرفض دخوله للبيت إذا لم يأتِ بإيراد كافٍ، فيلجأ للمبيت في الشارع، وتزداد الأزمة في أيام المطر؛ حيث يضطر للنوم على الرصيف الغارق بالمياه. مضيفًا "إحنا ما بقاش يفرق معانا البرد. بس بقينا نخاف من المطر علشان ما بنعرفش نشتغل ولا ننام. بس نفسي أحس مرة بالدفا، ونفسي أتعلم عربي وإنجليزي زي باقي الناس". وقاطعه زميله سمير عبد الله قائلًا إنه في هذا البرد لا يجد أي مكان ليقضي فيه ليلته، فهو يخاف أن يمرض، فيمنعه المرض من النزول للعمل الذي يكفل له قوته فقط، فيحاول دائمًا أن يقضي ليلته خلف أي جدار مبنى قديم يقيه من الهواء، ولكنه لا يقيه من موجة الصقيع في الجو. متسائلًا "فيها إيه لما يكون لي بيت أستخبا فيه من البرد تحت الغطا زي كل الأطفال اللي في سني؟". كان بعض نشطاء السويس قد أطلقوا في وقت لاحق بعض الحملات على "فيس بوك"؛ لجمع تبرعات؛ لشراء أغطية وتوزيعها على هؤلاء الأطفال الذين لا مأوى لهم إلا الشارع. وتشير آخر الإحصائيات من إحدى الجمعيات الخيرية إلى أن هناك أكثر من 5000 طفل مشرد في شوارع السويس، لا يجدون مأوى لهم في هذا البرد إلا جدران المباني القديمة والمتهدمة.