يحاول شباب غزة خلق أي فرصة للعمل؛ حتى يتمكن من مواكبة الحياة اليومية والاعتماد على نفسه، بعد تخرجه من الجامعة، في ظل تفاقم البطالة بالقطاع، والتي تحتل النسبة الأكبر في العالم، حيث بلغت نسبة البطالة بحسب تقرير البنك الدولي في قطاع غزة 60%. ووفقًا لجهاز الإحصاء الفلسطيني فإن القطاع يخرّج سنويًّا ما يقارب من 30 ألف طالب جامعي؛ ليجدوا أنفسهم ضحية للبطالة، في ظل حصار إسرائيلي يتزايد، لكنهم يتأقلمون تدريجيًّا مع البطالة التي تفرض نفسها على غالبيتهم. الشباب الفلسطيني معروف بعزيمته التي لا تلين ولا يقهرها احتلال صهيوني مهما بلغت تضييقاته، فمع استمرار الأزمات الاقتصادية، وجد الشباب الفلسطيني طرقًا متعددة لكسب المال بطرق مشروعة، كالعمل الإلكتروني عن بعد مع عدد من الشركات الخليجية والمصرية والأجنبية أيضًا، كموقع "أب وورد"، "فريلانسر"، إيلانس"؛ لتصبح هذه المواقع وغيرها مصدر الرزق الوحيد للشباب بالقطاع، بعد فشلهم في الحصول على عمل بالسوق المحلية. ويقول "ن. سكيك"، شاب درس الكيمياء في جامعة الأزهر بغزة، ل "البديل" إنه بعد تخرجه حاول جاهدًا الحصول على فرصة عمل مناسبة في مجال دراسته، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل. ويضيف أن أحد أصدقائه نصحه بالعمل الإلكتروني، مشيرًا إلى أنه يحترف تصميم المواقع الإلكترونية، فبدأ في مراسلة عدد من الشركات الأجنبية، حتى تمكن من العمل لدى شركة خليجية كمصمم للمواقع، بعيدًا عن مجال دراسته، واصفًا سنوات دراسته الجامعية ب "السنوات الضائعة" من عمره؛ نتيجة جهده الذي لا يُقابَل بشكل مُرْضٍ بعد التخرج. وتقوم بعض المؤسسات في قطاع غزة بتدريب عدد كبير من الخريجين؛ لتأهيلهم للعمل الحر، مثل مؤسسة "ميرسي كور" الدولية، والتي تُعنَى بالتنمية والعمل الإنساني. وتقوم المؤسسة بتدريبهم في محاولة للتخفيف من أزمة البطالة المتزايدة؛ لرسم سُبل جديدة لهم لإيجاد عمل مناسب. وفي هذا السياق يقول مدير برامج تكنولوجيا المعلومات في مؤسسة ميرسي كور في قطاع غزة تيسير شقليه: إن المؤسسة تقوم بتدريب أعداد من الخريجين على أيدي محترفين في هذا المجال، كما تأسست أكاديميه مختصة للعمل الحر، وتوفير دعم مالي لفترات مؤقتة للخريجين المتدربين، إلى أن يتمكنوا من الحصول على عمل. ويضيف: قامت المؤسسة بتدريب ما يقارب ال 100 خريج ضمن مجموعات وعلى مراحل، مشيرًا إلى أن عدد العاملين في منصات إلكترونية ك "فري لانسر" بحسب تقدير المؤسسة يتجاوز ال 300 شخص. وفي سياق متصل فإن عددًا من الشركات فتحت أبوابها في قطاع غزة باعتمادها التام على العمل عن بعد، مثل شركة "اعمل بلا حدود"، والتي تعمل على توفير فرص عمل دائمة، بالتنسيق مع شركات غالبًا ما تكون خليجية، في العديد من المجالات، وتضم أكثر من 100 مكتب في مقرها بغزة. من جانبها تقول أفنان الحايك، إحدى خريجات برامج "ميرسي كور" للعمل الحر، إن هذا العمل يحتاج للكثير من الصبر والمشقة، غير أنه في نهاية الأمر يتيح للخريج فرصة العمل في مجاله واختصاصه، بدلًا من الوقوف في صفوف البطالة، أو العمل في مجال غير تخصصه وبمقابل بسيط.