قال موقع أوول أفريكا إن رئيس دولة جنوب السودان سلفاكر ميارديت أصدر أمس الأول أوامره لوحدات الجيش بالانسحاب الفوري من الحدود مع السودان، وأبدى استعداده للتطبيع الكامل مع الخرطوم وتفعيل اللجان المشتركة التي تم تشكيلها بعد انفصال بلاده خلال شهر يوليو 2011 الماضي، مضيفًا أن تلك الخطوة إيجابية، وتصب في صالح تكامل العلاقات بين البلدين بشكل فعلي. وأوضح الموقع أن قرار سلفاكير الخاص بتطبيع العلاقات يتضمن سحب جميع القوات العسكرية التابعة لبلاده من الحدود مع السودان، لمسافة 5 أميال جنوبًا وفقًا لحدود عام 1956. وأدرك سلفاكير أن الجنوب بحاجة إلى العمل بشكل وثيق مع السودان لتطبيع العلاقات، من خلال خطوة تصالحية تأتي بعد أيام قليلة من إصدار نظيره السوداني عمر البشير توجيهات بمراجعة الإجراءات الاقتصادية الانتقالية مع دولة جنوب السودان، بعد أن طلبت جوبا تخفيض المحصلة المالية لعبور النفط الجنوبي عبر أراضي السودان. ويرجع السبب الأهم لطلب جنوب السوان التطبيع مع السودان هو تأكُّدها من أن نفطها بدون تمريره من السودان ليس له أي قيمة؛ لذا فهي مجبرة على هذا الإجراء، وكان وزير خارجية جنوب السودان برنابا مريال بنجامين قد أعلن من الخرطوم، مطلع هذا الشهر، تقديم بلاده طلبًا للحكومة السودانية بخفض النسبة التي تحصل عليها من عائدات نفط الجنوب نظير استخدام المنشآت والأنابيب السودانية، بعد أن انخفضت أسعار الخام العالمية إلى ما دون 27 دولارًا للبرميل. وبخلاف النفط وأهميته فإن هناك مجموعة كبيرة من مواطني البلدين يعيشون في المناطق الحدودية؛ لذا من مصلحة الخرطوموجوبا تحسين العلاقات من أجل رفع مستوى الأوضاع المعيشية لهم. وكانت السلطات السودانية قد وجهت بإغلاق الحدود المشتركة مع جنوب السودان، في أعقاب انفصال الأخيرة؛ مما قاد إلى مضاعفة معاناة سكان الولايات المتاخمة للسودان، وهي أعالي النيل والوحدة وغرب بحر الغزال وشمال بحر الغزال وواراب. واشترطت السودان لفتح حدودها مع جنوب السودان أن تطرد جوبا متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال،الذين تقول الخرطوم إن حكومة جنوب السودان تؤويهم لمحاربة الحكومة السودانية. ومنذ انفصال الجنوب عن الشمال السواني، بعد مطالبة سكان الجنوب بنيل حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ظن الطرفان أن الأوضاع ستنفرج، إلا أن المؤشرات عكست غير ذلك، حيث عانى البلدان من آثار الانقسام الذي أفقدهما نحو نصف إيراداتهما. فبعد انفصال جنوب السودان، فقد السودان 46٪ من إيرادات الخزينة العامة و80٪ من عائدات النقد الأجنبي. وفي مارس 2014 تَوصَّل السودان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يراقب بموجبه موظفو الصندوق الاقتصاد السودانيفي الفترة ما بين يناير إلى ديسمبر 2014، دون مساعدةمالية أو تأييد من قِبَل المجلس التنفيذي للصندوق. وبعد فقد السودان للنفط الذي يقع في أرض الجنوب، أعلنت الخرطوم أنها تنوي إتاحة فرص استثمار للأجانب؛ لاستخراج الغاز الطبيعي، فضلًا عن استيرادها لدعم الصناعة وتوليد الكهرباء؛ حتى تعوض خسارتها العظيمة بفقدان النفط. ظل البلدان في حالة من الشد والجذب وعدم الوفاق، خسرت كل منهما الكثير، لكن يبدو أن هناك خطوات جادة على طريق إصلاح العلاقات بين البلدين، بعد التأكد من أن الشمال مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالجنوب، وأن الانفصال لم يكن الحل الأمثل.