أكد صندوق النقد الدولي اليوم الخميس انه سيرسل بعثة الى مصر لبحث المساعدات المالية الممكنة للبلد، رغم أن حذر محللون من أن طوق النجاة المحتمل هذا قد لا يكون كافيا للقضاء على المخاوف الاقتصادية الخطيرة التي تبلورت بعد الاطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك . وكانت مصر قد رفضت قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار في يونيو, حيث قال المسئولون حين ذاك انهم لا يريدون اضافة عبء ديون اضافية على الحكومة المدنية فى مرحلة ما بعد مبارك . وفي أعقاب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع مبارك وفي ظل الاضطرابات السياسية المستمرة وعدم الاستقرار، تدهورت الحالة الاقتصادية في البلاد بشكل حاد على مدى العام الماضي ، مع انخفاض صافي الاحتياطيات الدولية بنسبة 50 % وتضررت بشدة السياحة والاستثمار الأجنبي . مع ارتفاع نسبة العائدات على السندات ، وأنخفاض التصنيف السيادي لمصر بشكل متكرر من قبل وكالات التصنيف الدولية الرئيسية الثلاث ، تعمل مصر جاهدة لإيجاد الأموال لتغطية العجز في الميزانية كما انها تتطلع لإرضاء السكان الغاضبين على نحو متزايد . وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي , جيري رايس , فى واشنطن , ان بعثة صندوق النقد الدولى ستصل القاهرة الأسبوع المقبل “للبدء في مناقشات من اجل دعم محتمل من صندوق النقد الدولي ” الذي سيكون بمثابة ” الخطوة الأولى” في العملية التي تؤدى إلى تقديم مساعدة مالية محتملة . ويتساءل محللون عما إذا كانت الأموال ، إذا تم عرضها وقبولها ، ستكون كافية للمساعدة في التغلب على الأزمة المالية التي يجري تضخيمها من خلال ضغوط انخفاض القيمة على الجنيه المصري وعدم ارتياح المستثمرين مع مسار الانتقال السياسي في البلاد . وقالت مجموعة كابيتال إيكونوميكس للبحوث الاقتصادية , التى مقرها لندن , في مذكرة بحثية , أن ” المساعدة المقترحة ب 3 مليار دولار ستساعد في سد فجوة كبيرة في الميزانية. لكنه لن تكون كافية لتحقيق الاستقرار في خلل المدفوعات الخارجية المتزايد للبلاد ”، واضافت ” أن انخفاض فى قيمة العملة لا يزال يبدو امرا مرجحا .” وأكد مسئولون مصريون انهم يريدون الحفاظ على عجز الموازنة المتوقع عند 8.6 % من الناتج المحلي الإجمالي – وهو الهدف الذى قال الاقتصاديون انه قد لا يكون قابلا للتحقيق نظرا لاستمرار عدم الاستقرار والحاجة إلى تمويل عدد كبير من المشاريع الاجتماعية وتلبية الزيادات في الأجور التى تم الوعد بها فى القطاع العام . وقالت مجموعة كابيتال ايكونوميكس فى تقرير لها ان أكثر من 62 مليار دولار من ديون مصر من المقرر انها مستحقة الدفع هذه السنة، أي ما يعادل تقريبا 30 % من الناتج المحلي الإجمالي. وقال التقرير انه ” حتى لو كانت الحكومة قادرة على تمويل معظم هذه الديون محليا ، فمن المرجح أن هذا من شأنه أن يأتي بتكلفة أعلى” ، بالإضافة إلى ذلك ”التزامات الانفاق لمصر بشأن دعم الوقود والغذاء والرواتب في القطاع العام من الصعب تقليصها اذا أحتاجت الحكومة الى شد الحزام (التقشف) “. ويمثل الدعم الحكومى حوالي 35 الى 40 % من الإنفاق الحكومي الإجمالي ، والمسئولون قلقون من أن قرض صندوق النقد الدولي يمكن ان يحمل معه شروط مسبقة مثل تقليص في تلك النفقات التي يمكن أن يتعذر الدفاع عنها من الناحية السياسية في بلد أرتفع فيها معدل البطالة منذ الاطاحة مببارك في منتصف فبراير وزحف التضخم العام في المناطق الحضرية ، عاما بعد عام ، ليصل الى9.55 % فى ديسمبر . قالت كابيتال ايكونوميكس انه ” منذ ان كان تضخم أسعار المواد الغذائية محركا رئيسيا للثورة المصرية ، فان المخاطر السياسية ستزداد” . زيارة بعثة صندوق النقد الدولي تأتي فى الوقت الذى أشتكى فيه مسؤولين مرارا انهم لم يتلقوا سوى القليل من المليارات التي تعهدت بها الجهات المانحة الأجنبية فى اعقاب الاطاحة مبارك لدعم الانتقال الى الديمقراطية ودعم الاقتصاد المتدهور فى مصر .