ناقوس خطر.. العنف الأسري يهدد المجتمع التحرش والاغتصاب أشباح تطارد أطفال مصر ملاحقة الأطفال المتسولين ليست من تخصص الداخلية ما بين العنف الأسري والإهمال الطبي وعمالة الأطفال والاعتقال أصبح أطفال مصر يئنُّون من حاضر يهمشهم ومستقبل بلا معالم. مركز مكافحة الأمراض واتقائها في الولاياتالمتحدة عرَّف سوء معاملة الطفل بأنها فعل أو مجموعة أفعال مورست من طرف أحد الوالدين أو من يقوم برعاية الطفل، والتي تسببت في إيذاء حسي أو معنوي أو تهديد بإيذائه. هناك أربع فئات رئيسية للاعتداء على الأطفال: الإهمال، الاعتداء الجسدي، الاعتداء النفسي أو المعنوي، الاعتداء الجنسي. تجدر الإشارة إلى أن إساءة معاملة الطفل في المجتمع والعنف البدني هما السببان الجذريان اللذان يدفعان الأطفال للشوارع. هذا هو تعليق أحد تقارير "اليونيسف" على ظاهرة العنف الذي يتعرض له الأطفال في مصر، والتي أكدت على تنوع أنواعه من عنف بدني أو جنسي أو إهمال أو سوء معاملة. كما أكدت التقارير أن عدد أطفال الشوارع في مدن محافظات مصر يقدر بمليون و600 ألف. فيما أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة رصده 1023 حالة عنف وانتهاك ضد الأطفال خلال الربع الأول من العام الحالي. وقال المجلس في تقرير له إن الحالات الواردة كانت بواقع: 620 حالة كان الضحية بها طفلاً ذكرًا، و403 حالات كان الضحية فيها طفلة أنثى. وأضاف التقرير أنه جاء في المرتبة الأولى حالات الأطفال في الفئة العمرية (7-12) بواقع 375 حالة، وفى المرتبة الثانية الأطفال في الفئة العمرية من (13-18) بواقع 329 حالة، وفى المرتبة الثالثة من (1-6)، وبلغت 319 حالة. كما أن قضية العنف في المدارس طرحت نفسها بشدة في مصر بعد تكرار حوادث الاعتداء التي تعرض لها عدد من طلاب المدارس في الفترة الأخيرة. ووفقًا لآخر الإحصائيات الصادرة عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة فإن هناك 198 حالة إصابة للأطفال؛ نتيجة للعنف المدرسي. كما أكدت معظم الدراسات والإحصائيات أن العديد من حوادث التحرش بالأطفال لم يتم التبليغ عنها لأسباب عائلية، ويتم التكتم عليها؛ خوفًا من الفضيحة الاجتماعية. وفي آخر إحصائية للمجلس القومي للأمومة والطفولة رصدت 1000 حالة اغتصاب، تعرض لها الأطفال في الفترة من يناير إلى أكتوبر العام الماضي، بالإضافة إلى الحالات غير المسجلة التي تصل إلى أكثر من 3000 حالة سنويًّا، إضافة إلى 97 حالة تحرش واغتصاب للأطفال في الربع الأول من العام الحالي، وذلك وفقًا للمجلس. وفى تقرير انفردت CNNبنشره تحت عنوان «أطفال مصر يبيعون الجنس والمخدرات بإيطاليا.. بعدما باعتهم عائلاتهم» أثبت وجود عدد هائل من أطفال مصر بروما الذين هاجروا بطريقة غير شرعية من مصر. وهو ما أكدته منظمة العفو الدولية في آخر تقريرها بشأن أطفال مصر، بأنه في أغسطس الماضي كانت مصر أكبر دولة مصدرة لأطفال الهجرة غير الشرعية، حيث وصل منهم 495 طفلاً إلى شواطئ إيطاليا في ذلك الشهر وحده. وأكدت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة في آخر إحصائياتها أن هناك 127 حالة اختطاف، و123 ضحية اتجار بالبشر، تعرض لها الأطفال في مصر. وفي مايو الماضي أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن نحو 9.2 مليون طفل يعيشون في الفقر المادي في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عامًا، بما يمثل 28.8 %من إجمالي الأطفال في الفئة العمرية ذاتها، لافتًا إلى أن 53 % من الأطفال في الوجه القبلي يعانون من الفقر. وأكدت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة في آخر إحصائياتها أن هناك 151 حالة إهمال طبي، 2459 إصابة في حوادث، و27 حالة انتحار، و184 حالة غرق، و839 حالة قتل في حوادث، تعرض لها عدد من أطفال مصر. وفي مايو الماضي أعلن فريق الاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة أن عدد الأطفال المعتقلين في مصر منذ 30 يونيو 2013 حتى نهاية مايو من العام الحالي أكثر من 3200 طفل تحت سن 18 عامًا، تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح داخل مراكز الاحتجاز المختلفة. وأكد تقرير الفريق أن أكثر من 800 منهم ما زالوا معتقلين، وأغلبهم تعرضوا للتعذيب. كما حثت منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناسونال" اليوم مصر على الإفراج فورًا عن صبي يبلغ من العمر 14 عامًا، أكدت أسرته أنه تعرض لانتهاكات جنسية على يد الشرطة باستخدام عصا، وطالبت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم الحكومة بتقديم المسؤولين عن واقعة تعذيب الصبي إلى القضاء. أما بالنسبة لعمالة الأطفال فقد تترك تلك الظاهرة آثارًا سلبية، تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. وأخذ هذا الاستغلال أشكالاً عديدة، أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديًّا ونفسيًّا للقيام بها. حيث أكدت تقارير منظمة "يونيسيف" أن العالم به 215 مليون طفل يعملون، وأكثرهم من يعمل بدوام كامل. وبالنظر إلى حال إفريقيا فإنه يوجد طفل عامل من كل 4 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا. وأشار المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر إلى أن حجم الأطفال العاملين في مصر 1.59 مليون طفل، 63.8% منهم يعملون في النشاط الزراعي، و18.5% في النشاط الخدمي، و17.7% في النشاط الصناعي، وفقًا لتقرير 2010. وأكد الدكتور محمود بسطاوي، رئيس قسم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن عدد الأطفال المصريين المنخرطين في سوق العمل يتجاوز ال 3 ملايين، وأن غياب الأرقام الرسمية حول هذه الظاهرة يرجع لكونها ظاهرة خفية، حيث يعمل هؤلاء الأطفال في إطار غير مشروع. وأوردت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل جملة من الحقوق المدنية في شكل توصيات لحكومات العالم؛ من أجل الرقي بفئة الأطفال، وجاءت في المواد من 02 إلى 41. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل، التي عرَّفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وأكدت ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يُرجَّح أن يكون خطرًا، أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررًا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي. بالإضافة إلى الاتفاقية العربية رقم 18 لسنة 1996، والتي تُعتبَر أول اتفاقية عربية متخصصة في مجال عمل الأطفال، وجاءت استكمالاً لسلسلة المبادئ التي أكدتها الاتفاقيات العربية السابقة في هذا المجال، وحظرت عمل من لم يتم الثالثة عشرة من عمره. وقالت الدكتورة سمية الألفي، الاستشاري في مجال الطفل، إن هناك مجموعة من الاقتراحات لا بد من وضعها لحل أزمة الطفولة، لكن في الحقيقة تلك الحلول تحتاج لتكاتف جهود الجميع ليست فقط الدولة، وإن كان عليها دور كبير، ولكن أيضًا المجتمع والبيئة المحيطة بما فيها الأسرة. وأكدت أن المجتمع يخطئ عندما يتخيل أن الطفل غير واعٍ لما يدور حوله، فيسفه من أفكاره وطموحاته وكلامه، لكن الحقيقة أن الأطفال مثل الأشخاص البالغين، وعلينا سماعهم جيدًا واحترام آرائهم ورغباتهم. وأشارت الألفي إلى أن الأسرة المصرية غير مؤهلة لتنشئة أطفال أسوياء بالقدر الكافي، وبالتالي على الدولة أن تبتكر طرقًا لتوعية الأسر بكيفية تربية الأطفال ومعاملتهم. من جانبه طرح أحمد مصلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين، عددًا من الحلول لخلق مستقبل أفضل للأطفال، منها عودة المجلس القومي للأمومة والطفولة إلى سابق عهده بتبعيته لرئاسة الوزراء أو جهة منفصلة بدلاً من تبعيته لوزارة الصحة؛ حتى يتسنى له التنسيق مع عدد من الوزارات، مثل الداخلية والخارجية والصحة والتعليم؛ لتحسين وضع الطفولة. وتابع أن لدينا تشريعات لحماية الطفل، وكل المطلوب فقط تطبيقها، وطالب وزارة القوى العاملة بإنشاء لجنة تفتيش على عمالة الأطفال؛ لمكافحة هذه الظاهرة التي تفشت في الفترة الأخيرة، كما طالب وزارة الداخلية بالتوقف عن ملاحقة الأطفال المتسولين وأطفال الشوارع؛ لأن هذه المهمة من الأساس ليست من تخصص وزارة الداخلية، وأن تنشئ وزارة العدل محاكم مختصة للنظر في القضايا المتهم فيها أطفال، بالإضافة إلى ضرورة تحسين أوضاع والتفتيش على المؤسسات العقابية للأطفال، مشددًا على أنه لا يجوز الحكم على طفل أكثر من 15 عامًاوفقًا للمواثيق الدولية. وتابع مصلحي الحلول مطالبًا برفع جودة التعليم والإنهاء على ظاهرة العنف المدرسي من وزارة التعليم، وإيقاف وزارة الخارجية الهجرة غير الشرعية، وخصوصًا عن طريق الموانئ؛ حيث أن أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين في الفترة الأخيرة كانوا من الأطفال.