قدمت روسيا الأربعاء الماضي إلى مجلس الأمن الدولي نسخة معدلة عن مشروع قرار يحشد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ويشير المشروع الروسي بشكل خاص إلى كارثة طائرة الركاب الروسية وأحداث باريس الدامية، كما يركز على محاربة تنظيم داعش وتنسيق العمل الدولي المشترك في ضبط ومعاقبة كل من يتورط بأي عمل إرهابي، يؤكد أيضاً على ضرورة الأخذ بالمادة ال51 من ميثاق الأممالمتحدة التي تخول للدول الدفاع عن نفسها، كما يشدد على أهمية التعاون مع حكومات الدول التي تدار على أراضيها عمليات مكافحة الإرهاب. في المقابل دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مجلس الأمن الدولي في أعقاب الهجمة الإرهابية على بلاده إلى الانعقاد في أسرع وقت ممكن وتبني قرار أممي يتيح محاربة الإرهاب، حيث تعمل فرنسا حالياً على إعداد مشروع قرار فرنسي يركز بشكل خاص على مكافحة تنظيم "داعش"، ويشدد على ضرورة التعاون المشترك بين جميع أعضاء الأسرة الدولية، وبشكل خاص على مسار اقتفاء أثر الإرهابيين ممن ارتكبوا جرائم وحشية ووضعهم بين يدي العدالة. طرح مشروع قرار فرنسي مقابل المشروع الروسي في الأممالمتحدة، قد يعني وجود تعارض بين المشروعين خاصة وأن موسكو كانت قد عرضت نسخة أولية من مشروعها أمام مجلس الأمن في آواخر سبتمبر الماضي، إلا أن فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا رفضتها بسبب بند يدعو إلى مقاتلة الإرهابيين بموافقة النظام السوري، أضف إلى ذلك أن فرنسا قدمت الاثنين 9 نوفمبر إلى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يهدف لفرض عقوبات على الأطراف المتنازعة في بوروندي لتفادي "إبادة جماعية" في البلاد، وقتها عارضت روسيا ودول إفريقية أخرى هذه العقوبات إذ أن بعض الدول لا تريد التدخل في اضطرابات تعتبرها بأنها مشاكل داخلية في البلاد، كما استخدمت روسيا "الفيتو" في وقتٍ سابق ضد مشروع قرار قدمته فرنسا، حول تحديد استخدام حق النقض الفيتو للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. على ما يبدو أن تفجيرات باريس قاربت بين مشروع فرنسا والمشروع الروسي وخصوصاً بعدما أصبح لهما عدو مشترك وهو داعش، فعلى الرغم من تصرح سفير روسيا لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أن الصيغة الجديدة لمشروع القرار الروسي لا تزال تتضمن البند الذي هو محل خلاف روسي فرنسي وهو – مقاتلة الإرهابيين بموافقة النظام السوري – إلا أنه قلل من أهمية الخلافات عليه، كما أكد على عدم وجود "منافسة" بين النصين ولا حتى "تباعد كبير" دون أن يوضح إمكانية دمج النصين في مشروع واحد، في الوقت عينه عبرت فرنسا عن اهتمامها بفحوى مشروع القرار الروسي، لكنها قررت رفع مشروع خاص بها إلى المجلس، وصفه المندوب الفرنسي الدائم لدى مجلس الأمن فرانسوا ديلاتر "بالمقتضب والمتشدد، وأنه يركز على سبل مكافحة عدو مشترك". من الواضح أن النقاط العامة في المشروعين مشتركة إلى حد كبير، ولكن المشكلة في حال حدوثها قد تكمن بالتفاصيل، وهذا ما أشار إليه المندوب الروسي حيث قال: نص المشروع كتب بصيغة تجعله يرضي الجميع، ولكن إذا ما برزت الرغبة الجامحة في تعديله فإن الفاصلة (علامة الترقيم)، قد تتحول حينها إلى مادة للجدل، مشدداً على ضرورة توحيد جميع الجهود والتركيز على قضية رئيسية هي محاربة الإرهاب، ورأى السفير الفرنسي في المنظمة فرنسوا ديلاتر أن روسيا قدمت في نصها تعديلات "طفيفة" على النص الذي قدمته نهاية سبتمبر الماضي. تصريحات تبرز أحد أهم تفاصيل الخلاف الخفي بين المشروعين الروسي والفرنسي، فهناك جهود روسية واضحة بإشراك حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في جهود مكافحة الإرهاب، كما أنها تحاول إضافة محاربة جبهة النصرة وكل التنظيمات المرتبطة بالقاعدة، بالمقابل من المتوقع أن ينصب تركز فرنسا على داعش فقط دون غيرها.