وسط أجواء من الحميمية والانضباط، افتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورته السابعة والثلاثين مساء أمس الأربعاء، بالمسرح الكبير بدار الأوبرا. ودون كلمات طويلة افتتح وزير الثقافة حلمي النمنم المهرجان، مشيرًا إلى أن دورة هذا العام تأتي في وقت تواجه مصر فيه كثير من التحديات، مؤكدًا أنها ستتخطاها بالفن والثقافة والمساواة وإرساء دولة المؤسسات. وتضمن الحفل الذي قدمته الإعلامية جاسمين طه زكي، تقديم جوائز التكريم وأعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية والمسؤولين عن البرامج الموازية التي استحدثت الدورة الماضية، ويواصل المهرجان تنظيمها، وهي برامج آفاق السينما العربية، سينما الغد، أسبوع النقاد، إضافة إلى ورشة للإخراج برئاسة الدكتورة منى الصبان. اتسم الحفل الذي اخرجه خالد جلال، بطابع سينمائي يخاطب العالم، وتميز بالبساطة والتكثيف، معتمدًا على توظيف المشاهد السينمائية في الأفلام القصيرة التي قدمت لتحمل الكثير من الرسائل دون كلمات. وبشكل مكثف وإيقاع منضبط، بدأ الحفل بمشهد على الشاشة الكبيرة التي توسطت المسرح لدخول موكب كليوباترا روما، من فيلم كليوباترا للمخرج جوزيف مانكوفيتش، لتنفتح الشاشة وخلفها في أعلى عمق المسرح كرسي العرش وسط ديكور معبد فرعوني، وفي استعراض شديد البساطة تقدمت وصيفات للملكة بإزياء ذهبية اللون نموذج الهرم الذي يمثل نموذج جوائز المهرجان، العرض موسيقى أحمد طارق يحيي واستعراضات مجدي صابر، أزياء أسماء عبد الشافي وإضاءة متميزة لياسر شعلان. وعلى ثلاثة شاشات عرضت ثلاثة أفلام قصيرة تستعرض في تكثيف بليغ مشاهد من مسيرة النجوم الثلاثة الذين فقدتهم مصر هذا العام، والذين وجه لهم المهرجان تحية تكريم وهم: فاتن حمامة التي قدم الفيلم مشاهدًا لأشهر أفلامها، تعكس مسيرة متنوعة على صوت الخال عبد الرحمن الأبنودي في قصيدته عنها، وحمل فيلم نور الشريف عنوان حدوته مصرية، منطلقًا من أفلامه مع المخرج يوسف شاهين لاستعراض ملامح متنوعة من مسيرته السينمائية، وركز فيلم عمر الشريف على استعراض يضفر بين مسيرته في السينما المصرية والعالمية، مركزًا على بعض أهم أدواره خاصة في السينما العالمية ومنها لورانس العرب، ودكتور زيفاجو، ومشاهد مع عدد من نجمات السينما العالمية على خلفية بصوته وغنائه في أفلامه الرومانسية الأجنبية، ويوظف الفيلم تعبير عمر الشريف المتفرد عن مشواره من أحد أفلامه بأن هذه طريقته استلهامًا لإغنية فرانك سيناترا الشهيرة، مقابل مشهد آخر من أحد أفلامه المصرية لأغنية شعبية عن الحنين والعودة للوطن "يا مهون هونها..وتروح بلدك يا غريب"، مع مشاهد من تكريم عمر الشريف والاحتفاء به في عدد من المهرجانات العالمية. وعلى هذه الشاشات عرضت أيضا أفلام قصيرة وتنويهات عن الفائزين بجوائز هذه الدورة. وعن نموذج المعبد وكرسي العرش فتحت الشاشة التي تحمل شعار المهرجان عدة مرات ليخرج منها المكرمين الحاصلين على جوائز التكريم التي يقدمها المهرجان والتي تحمل هذا العام اسم سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وشارك في تسليمها مع وزير الثقافة ورئيسة المهرجان الدكتورة ماجدة واصف، نجلي فاتن: ابنها طارق عمر الشريف وناديه ذوالفقار، وهي التقديرية للنجمة العالمية كلوديا كاردينالي والنجم حسين فهمي وجائزة التميز للنجمة نيللي كريم والمخرجة ومصممة الاستعراضات الهندية فرح خان والتي أرجيء تكريمها إلى حين حضورها إلى حفل الختام. أسرت الإيطالية "كلوديا كاردينالي" الجمهور، وهي التي شهدت أولى دورات المهرجان، بكلماتها البسيطة، حين قالت إنها سعيدة وفخورة بتكريمها بجائزة تحمل اسم فاتن حمامة، وأن تكريمها في هذه الدورة التي تحتفي أيضا بعمر الشريف وبوجود نجله طارق، تشعر كأن ثلاثتهم هنا يحتفلون معها في المهرجان، وكانت كلوديا عبرت في مؤتمرها الصحفي الذي عقد صباح يوم الافتتاح عن عمق علاقة الصداقة التي جمعتها بعمر الشريف منذ فيلم "جحا" الذي قدماه معا في بداية مشوار كل منهما في السينما العالمية. فيما داعب النجم حسين فهمي الجمهور قائلًا: "لدي أفلام أخرى كثيرة غير "ياواد يا تقيل" التي عشت عليها عمري، في إشارة لإغنية السندريللا التي صاحبت مشاهد من أفلامه التي قدمت في الحفل، حرص على التوجه برسالة مباشرة باللغة الإنجليزية لضيوف المهرجان عبر فيها عن سعادته لوجودهم بيننا معتبرًا أن هذه رسالة للعالم أن مصر بلد آمن. وقال "فهمي" ستكتشفون ذلك حين تتحركون وسط المصريين وتزورون شرم الشيخ وتقوموا برحلات نيلية وستعرفون خلالها مصر الحقيقية مختتما "ربما سقطت طائرة، لكن مصر لن تسقط أبدا". وحرص حسين فهمي على تحية المدير الفني للمهرجان، وأحد أهم أعمدته الناقد يوسف شريف رزق، قائلًا إنه كان يطلق عليه لقب "المفتش العام" خلال فترة رئاسته للمهرجان، كما حرص على تحية الفنان عزت بوعوف، الذي حرص على الوقوف في الصف الأول أسفل خشبة المسرح وتحية المكرمين وزملائه وقوفًا، رغم متاعبه الصحية. واختتم حفل الافتتاح بتقديم فيلم "ريكي آند ذي فلاش" بطولة النجمة ميريل ستريب، إخراج جوناثان ديمى.