على الرغم من حظر معظم مواقع التواصل الاجتماعي في إيران "رسمياً" وعلى رأسها فيسبوك وتويتر، إلا أن ذلك لم يمنع أن يكون للمسئولين الإيرانيين حسابات شخصية وعامة على بعضها، وخاصة موقع وتطبيق "انستجرام"، الذي انشأ الإيرانيين عليه ملايين الحسابات الشخصية، من بينهم مسئولين بارزين على رأسهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، السيد علي خامنئي. هذا يجعل علامات التعجب حول الحظر من جهة واستخدام المسئولين لهذه المواقع من جهة أخرى قائمة دوماً. مؤخرا واجه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، محمود واعظي، سؤال أحد مراسلي الوكالات الإيرانية حول، "كيف مع وجود حظر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على الشعب، يستخدمها المسؤولين في الحكومة في ذات الوقت؟ ، كما أن استخدام تلك الشبكات بين مسئولي النظام يتزايد بشكل ملحوظ، ووفقا لتصريح مساعد رئيس الجمهورية في عهد محمد خاتمي، محمد علي ابطحي والذي يعد أيضا أول المدونين الحكوميين، أن هذه الشبكات كما أنها محظورة لعامة الشعب إلا أن الوصول إليها ليس بالأمر السهل للمسئولين أيضا. وكتب ابطحي في "بوست" له منذ عدة أسابيع على "انستجرام": "يا ليت فيس بوك وتويتر يتم رفع الحظر عنه، حتى يظهر لكل شبكة مستخدميها، مثل الطفل الذي يستخدم انستجرام لنشر الصور الصحيحة والتي تحوله إلى شبكة خبرية ومتحدث ومسئول إعلامي، ولو تم رفع الحظر عن كلا الموقعين مع عدم تفضيل الصفحات التي تناقش عدد من الموضوعات سواء السياسية أو الأخلاقية فيتم حظرها والسماح بما تبقى من شبكات خاصة انستجرام، ما المشكلة إذا ؟ أول النتائج الإيجابية هي سيتم رفع جميع برامج تجاوز الحظر من الهواتف النقالة والحاسبات المحمولة لدينا، ولا وسوسة لشيطان أنك الأن اخترقت الشبكة وأصبحت في عالم سري نذهب فيه لأماكن ممنوعة". النقطة المهمة أن إقرار علاقات بين مستخدمي الشبكات الاجتماعية مع الشعب يجب أن يتم أخذه في الاعتبار لأن عرض وجهات النظر تحت كل منشور يتم عرضه ربما عدم مراقبة تطبيق انستجرام في إيران سبب لترحيب المستخدمين داخل الدولة لاستخدامه. الإنستجرام والحكومة الإسلامية يعتبر القائد الإيراني، علي خامنئي، أكبر مسئول سياسي لديه حساب يتبعه أكثر من 400 ألف حساب، ويتم تحديث الحساب الخاص به عبر فريق لديه إدراك بالشبكات الاجتماعية والذي يهتم بنشر أقوال القائد وأحاديثه وصور من لقاءاته الرسمية وأحيانا غير الرسمية. كذلك الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية، حسن روحاني، الذي يتابع أخباره عبر الصفحة أكثر من 350 ألف حساب، وكان أخر "بوست" عليها صورة لزيارة المستشار الخاص للرئيس، حسين فريدون، لأستاذ الموسيقى، محمد رضا شجريان في المستشفى، في الوقت الذي لم تنشر وسائل الإعلام مثل الإذاعة والتلفزيون لعدة سنوات أي خبر أو صورة لأستاذ الموسيقى الإيرانية بسبب دعمه للحركة الخضراء. رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، هاشمي رفسنجاني، لديه أيضا حساب يتبعه 170 ألف شخص، إذ ينشر صوره وأخباره الشخصية ولقاءاته الشعبية والرسمية لم يقتصر الحال على المسؤولين الحاليين، فمحمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق، لديه حساب يتابعه أكثر من 205 متابع، وحال إعلان منع تداول أخباره وصوره في وسائل الإعلام، أصبح حسابه أكثر فاعلية أكثر من ذي قبل، وعلاوة على هذا الحساب الذي يعد رسميا، هناك حسابا أخر لديه أكثر من 35 ألف متابع يهتم بنشر أخبار رئيس حكومة الإصلاحات الإيرانية، ويرسل الأشخاص الذين لديهم صورا له أو معه إلى هذا الحساب ليتم مشاركتها مع باقي المشتركين. ويبدو أن سبب ترحيب السياسيين الإيرانيين لإنستجرام، سهولة استخدام تلك الوسيلة التي تعتمد على الصورة، وتستطيع أن تنشر صورة وأسفلها تعليق مختصر تخاطب به متابعيك، في تواصل مباشر بدون أي وسيلة إعلام أخرى قد تحرف الكلام الصادر منك، ومن بين هؤلاء السياسيين، وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ومساعده للشؤون القانونية، عباس عراقجي، إذ استخدم كلاهما الانستجرام بهدف نقل أخبار المفاوضات النووية مع الدول الست الكبار، وعلى سبيل المثال، في يوم إعلان حدوث اتفاق بين الطرفين، نشر عباس عراقجي صورة ليد القائد الإيراني بدون أي توضيح وكتب فقط تاريخ 14 يوليو 2015. هذان السياسيان كانا يوجها الحديث مباشرة إلى المتابعين، وأحيانًا أجوبة وكتاباتهم يتم إرفاقها بأبحاث متعددة في الفضاء المجازي. علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، يتابعه على الانستجرام ما يقرب من 14 ألف حساب يهتمون بأخباره وصوره الشخصية ولقاءاته الرسمية أيضًا. نائب رئيس مجلس المدينة الإسلامي، والقائد السابق لشرطة طهران، مرتضى طلائي، عمل أيضا على تدشين حساب خاص له على "الإنستجرام" ويتبعه ما يقرب من 5 آلاف متابع والذي يسعى من خلاله لرابطة وثيقة مع مواطني المدينة. مؤخرا حرص مستشار القائد الإيراني للشؤون الدولية ووزير الخارجية الأسبق، علي ولايتي، على الانضمام لنادي حسابات انستجرام من الحكومة الإسلامية، والذي كتب في أول تدوينه له، "أهمية العالم الافتراضي الجديد، والشبكات الاجتماعية التي تسهم بنصيب جيدا في مجال الإعلام، سبب فرصة جديدة للحديث والاستماع بلا واسطة خلال هذا العالم. ومن بين تدوينات وصور المسؤولين في إيران، يعتبر حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، أحمد حسن الخميني، أكثرهم تنوعا في الصور والموضوعات إذ يقوم بنشر صور وتدوينات عن ماضي عائلته إضافة إلى بعض الكلمات عن أخته وهي تلعب مع أبيه الراحل، وعن طريق صور الانستجرام يتمكن الخميني عبر وسيلة غير رسمية ولا واسطة من الحديث عن حياة شاب من أهم العائلات المؤثرة في تاريخ الإيراني خلال ال 30 عاما الماضية، والميزة الموجودة عبر العديد من "بوست" الحسابات الرسمية للمسؤولين الإيرانيين في شبكات التواصل الاجتماعي خلوها من جو الرسميات، ونرى في ندرة يلاحظ العديد من تدوينات سخرية بمصحوبة بأحاديث مباشرة إضافة إلى كون الصور المنتشرة أغلبها هي صور رسمية يتم استخدامها عبر وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الرسمية داخل الدولة. كما لم تقتصر صفحات هذه الشبكة على المسؤولين فقط وإنما انضم إليها زوجات وسيدات القادة السياسيين في الحكومة الإسلامية، من بينهن حفيدة آية الله الخميني، زهرا أشراقي، لدى حسابها على الانستجرام ما يقرب من 55 ألف، واعترضت في مواقف مثل منع دخول السيدات للاستادات الرياضية قائلة: أنه لا مكان لنا نحن لأن نشجع فريقنا المحبوب لا شيء لنا سوى البسمة وتمني التوفيق لفريقنا". معصومة ابتكار مساعد رئيس الجمهورية، ورئيس هيئة الحفاظ على البيئة، وتنشر توضيح لصورها في الحساب الخاص بها على انستجرام الذي يتابعه أكثر من 33 ألف شخص من محبيها، وتسعى لعلاقة وأكثر قربَا مع مخاطبيها. وكتبت تعليقا على أحداث مسيرة يوم القدس لهذا العام على حسابها الخاص عبر الانستجرام، "كانت جماعة الصغيرة بالطبع ذات الصوت العالي والموجهه أولئك الذين يعترضون المواجهات وينتقدون القضايا المطروحة". نرجس موسوي، ابنة رئيس الوزراء الأسبق، مير حسين موسوي وزهرا رهنورد، باركت قبل عدة أسابيع على صفحتها على موقع انستجرام التي يتبعها أكثر من 26 ألف حساب حلول عيد ميلاد أمها زهرا رهنورد. إن نصيب الإصلاحيين في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للحديث مباشرة مع مناصريهم على الرغم من كونه ملحوظ لكن حسابات مستخدمي انستجرام المنسوبة لمير حسين موسوي ومهدي كروبي رئيس مجلس الشورى السابق والذان ترشح كلهما في انتخابات عام 2009 الرئاسية لا يزيد عدد متابعيهم سوى 13 ألف شخص. ووفق لإعلان وزير الاتصالات فإن عدد الأشخاص أصحاب الهواتف الذكية في إيران 28 مليون شخص فقط ومن ضمن هذا الرقم هناك 9 مليون شخص لديه خدمة الانترنت على هاتفه النقال. وعلى صعيد آخر دعم بعض المراجع الشيعية أمثال مكارم الشيرازي، استخدام شبكة انترنت محلية موضحًا أنها الحل لعدد من المشكلات التي تواجه الشباب الإيراني خاصة في ما يتعلق بالحريات إذ اعتبر أن تشغيل خدمات الانترنت السريعة يعد مخالفة للشرع والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، وذلك خوفًا من انتشار الفساد الأخلاقي المتمثل في الصور والأفلام المتعارضة مع العقائد الإسلامية. وفي حل للأزمة التي ذكرها الشيرازي المتمثلة في الفساد الأخلاقي تم تأسيس المجلس الأعلى للفضاء المجازي عام 2011 مكوّن من عدد من الشخصيات الأمنية والقادة العسكريين ومسئولي السلطة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية بهدف الإشراف على محتويات الإنترنت وتحديد الجرائم السيبرية.