في الوقت الذي استمرت فيه التظاهرات بالشارع اللبناني، من دون أن تنجح في الوصول إلى مقر البرلمان، بسبب منعها من قبل القوى الأمنية، تشهد ساحة الحوار أسبوع جديد سيحاول خلاله الفرقاء برعاية نبيه بري إبعاد نار الاحتجاجات الشعبية عن فتيل الأزمات المتجمعة والمتراكمة قبل أن تدخل البلاد في استراحتي «نيويورك» مع سفر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وعطلة عيد الأضحى المبارك. وبعدما تعثرت تسوية الترفيعات العسكرية التي دخلت في سباق محموم مع الوقت، تواجه طاولة الحوار تحدياً يضاف إلى تحديات جدول أعمالها الذي ما زال يدور في الفلك الرئاسي، يتمثل وفق المعلومات بغياب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون عن هذه الجلسة وإيفاد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بعدما اتخذ القرار بهذا الخصوص. ثمة تقارير لبنانية تشير إلى أن هناك بوادر انفراجات في موضوع إعادة تفعيل عمل الحكومة، وموضوع الترقيات العسكرية، وأفادت بأن هناك اتصالات تجري بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط و«حزب الله»، كما التقى الوزير وائل أبو فاعور سلام بهذا الخصوص، وكما أفادت هذه المصادر فإن تفعيل عمل الحكومة يقوم على إذا عارض مكونان من مكونات مجلس الوزراء قراراً أو مشروعاً معيناً لا يمر. وأكدت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن بري وسلام تطرقا خلال لقائهما، السبت، بداية إلى حل مشكلة النفايات والاجتماعات والمحادثات التي عقدت وتعقد لهذه الغاية التي اثمرت حلولا جدية لهذا الملف وفق الخطة التي وضعها الوزير المكلف أكرم شهيب، وأن بري وسلام التقيا على أن الحل لهذا الملف من شأنه أن يمتص نقمة الشارع خصوصاً بعد إشراك قادة الحراك المدني والهيئات البيئية في حل قضية النفايات، وعلى أن ذلك سوف ينسحب على الخط السياسي، وبالتالي عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد لاستكمال البحث في المشاريع الواردة على جدول الأعمال. واتفق في هذا الإطار على أن يدعو سلام بعد عودته من نيويورك وانتهاء عطلة عيد الاضحى مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وفي شأن الحوار أكد بري لسلام أنه لم يلمس من عون أي توجه لمقاطعة طاولة الحوار، وأنه يفضل أن يبقى التمثيل على مستوى القيادات خشية أن يتحول إلى الصف الثاني هو ما يرفضه بري. من جهته، رفض رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون المفاضلة بين الفوضى والرئيس الدمية، قائلاً: «لتكن الفوضى إذا استطاعوا»، وشدد العماد عون، خلال حفل «تجديد مسيرة التيار الوطني الحر»، على أن «المجلس الحالي لا يستطيع أن ينتخب الرئيس، ونحن لا ولن نقبل إلا بعودة الكلمة الفصل إلى الشعب اللبناني مصدر السلطات كي يمحو الباطل»، مشيراً إلى أن «الفساد المستشري في شرايين الدولة يقلقنا، والأكثرية المسيطرة على الحكم منذ العام 1992 غيبة قواعد المحاسبة ونامت نواطير مجلس النواب فاسقطت مراقبة أعمال الحكومة فغطى صمت النواب الفساد»، لافتاً إلى أن أمام كل ما يحصل، أصبح لزاماً على الشعب اللبناني تغيير نهج الدولة بأكمله وهذا لن يتحقق إلا بعودة السلطة إليها من خلال انتخابات نيابية وعلى نتائجها تبنى كل المؤسسات. ورأى عون خلال حفل تسليم رئاسة "التيار الوطني الحر" الى وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بعد إعلان فوزه بالتزكية الشهر الماضي لعدم استيفاء منافسه الشروط المطلوبة،أن «القوانين الانتخابية التي أقرتها السلطة الباطلة من العام 1992 جعلت تداول الحكم مستحيلاً»، معتبراً أن التمديد لمجلس النواب الحالي الذي فقد شرعيته الشعبية افقد السلطة الحالية إمكانية استمرارها في الحكم، لافتاً إلى أنه حتى اليوم تتهرب الاكثرية الممدد لها من إقرار قانون انتخاب جديد وتريد انتخاب رئيس جديد. في غضون ذلك، شهدت شوارع بيروت فصلاً جديداً من فصول تظاهرات الحراك الشعبي، حيث سجل مشاركة كثيفة في مسيرة في وسط بيروت، ووقعت مواجهات ومصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن أدت إلى وقوع إصابات من الجانبين. وفي انتظار أن يتمخض عن الحوار ما قد يفرج عن الرئاسة، تعوّل أوساط دبلوماسية على محطات عدة من شأنها أن تؤثر في الاستحقاق أبرزها لقاءات سلام مع كبار المسئولين الدوليين في نيويورك، لاسيما البابا فرنسيس ورؤساء فرنسا فرنسوا هولاند وأمريكا باراك اوباما وإيران حسن روحاني. من جانب آخر تحدثت أوساط لبنانية عن أزمة الرئاسة العالقة مستغربه كيف أن اللبنانيين يقفون عاجزين عن الاتفاق على رئيس جمهورية في ما بينهم في حين يضج العالم برجال لبنانيين كبار لامعين في أكثر من مجال عمل وفي مختلف الدول، يستحقون تبّؤ هذا المنصب لنقل نجاحاتهم من القطاعات الخاصة إلى المضمار الوطني، داعية إلى ترفع المسئولين والقادة السياسيين والمرشحين الذين انعدمت فرص وصولهم إلى قصر بعبدا إلى الإقدام على خطوة جريئة عبر تقديم واحد من هذه الأسماء إلى طاولة الحوار الوطني والاتفاق على انتخابه رئيساً، فيضعون لوضع حداً للشغور ويستعيدون زمام المبادرة ويثبتون جدوى الحوار الداخلي.