استعدادًا للانتخابات التركية المقررة في أوائل نوفمبر المقبل، يحاول حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان محاصرة الأكراد وتقيدهم سياسيًا وعسكريًا، لاسيما بعدما رجح بعض المراقبين أن قرار استئناف العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، في هذا الوقت يهدف تحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات المبكرة، التي تعد وبحسب بعض المصادر فرصة جديدة لأردوغان من أجل الحصول على أغلبية تتيح لحزبه تعديل الدستور لمنح الرئيس مزيدا من الصلاحيات بما يحول النظام السياسي من البرلماني إلى الرئاسي. وفي الوقت الذي تشتد فيه المعارك بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني في جبهات القتال جنوب شرق تركيا، تزداد حدة التوتر بين السياسيين الأتراك والأكراد في الأروقة السياسية، ويراهن اليوم حزب العدالة والتنمية على خسارة حزب «الشعوب الديموقراطي» إذا لم يستطع الوصول إلى عتبة ال10%، بحيث ستذهب هذه النسبة لحزب «العدالة والتنمية». ويري مراقبون أن من أجل ذلك ذهب حزب العدالة والتنمية إلى انتقاد من صوّتوا لحزب «الشعوب الديموقراطي»، واعتبره حزباً فاشلاً بسبب عدم فهمه لعملية السلام مع الأكراد، التي تعني ضرورة الابتعاد عن حزب «العمال الكردستاني»، لذلك أكد أغلب المراقبون أن صراع أردوغان، في انتخابات الأول من نوفمبر، لا يبدو أنها ستكون مع حزب «الحركة القومية» أو حزب «الشعب الجمهوري» الذي يتمتع بكتلة ثابتة، بل معركته ستكون مع حزب «الشعوب الديموقراطي»، وأكد مراقبون أن توجه تركيا نحو الانتخابات المبكرة جاء بعد الإصرار الذي أبداه حزب العدالة والتنمية على الانفراد بالحكم، ما أفشل أي مسيرة نحو تحالف مُحتمل مع كُتلٍ حزبية داخل برلمان يونيو الماضي، الذي فشل بدوره في الخروج بحكومة ائتلافية لعدم حصول أي حزب على النسبة الكافية لتشكيل حكومة الحزب الواحد،فالعدالة والتنمية الذي حصل على النسبة الأعلى من مقاعد البرلمان، خسر نحو 3 ملايين من الأصوات التي اعتادت جعله يفوز بنسبة تفوق 50%، ما جعله رهن التحالف مع حزب آخر لتشكيل الحكومة. وبعد انتهاء المهلة المحددة بالدستور التركي دون الوصول إلى تشكيل ائتلاف داخل البرلمان؛ دعا الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إعادة الانتخابات البرلمانية في نوفمبر القادم، على أملٍ بأن يُعوّض الحزب ما خسره في الانتخابات الماضية. رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يرى أن تركيا بحاجة إلى حكومة من حزب واحد لمحاربة الإرهاب، متعهداً باستعادة الأكثرية المطلقة في الانتخابات المبكرة ، ويتعهد في المؤتمر الدوري الخامس لحزب العدالة والتنمية مواصلة القتال ضد المسلّحين الكرد، ويتهمهم بخرق اتفاق الهدنة وبشَن هجمات ضدّ المناطق التركية. وتذهب الاتهامات أنّ هدف أردوغان وحزبه من وراء إشعال الأزمة، كسب تأييد الناخبين الأتراك، المُحافظين منهم والقوميين بخاصة، الذين يُشاطرونه عداء حزب العمال الكردستاني والطموحات الكردية بالانفصال، ما يُعزز من فرص حزبه في البرلمان القادم،لكن وعلى ما يبدو فإنّ الاتجاه الرسمي للأحزاب المُحافظة ليست هي التي قد يأملها أردوغان، على سبيل المثال اتخذ حزب الشعب الجمهوري موقفًا أقرب إلى الحيادية بين الطرفين، حين أعرب عن قلقه من أن تتحول تركيا إلى عراق جديد أو سوريا جديدة، دون أن يوجه اتهامًا لأي من الطرفين. أما القوميون ممثلون في حزب الحركة القومية اليمني، فقد دعوا إلى إعلان حالة الطوارئ مصحوبة بفرض حكم عسكري في المناطق التي تشهد معارك مُسلّحة، ما يفتح المجال للجيش بالنزول إلى الشوارع والميادين مرّة أخرى، وهو الأمر المُقلق بالتأكيد للعدالة والتنمية، بخاصة وأنّ حزب الحركة القومية، طالب أيضًا بتأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة، هذه الانتخابات يرى حزب الشعوب الديموقراطية "استحالة" إجرائها في ظل هذه الظروف، التي وصفتها بعض التقارير بأنّها شبيهة بالظروف التي مهّدت لانقلاب الجنرال كنعان إفرين عام 1980.