هجوم عنيف تشنه الدول العربية تحت مظلة الأزهر الشريف علي الفيلم الذي يجسد رحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الولادة إلي الممات "محمد رسول الله"، في ثلاثة أجزاء، صدر الجزء الأول منها الذي يصور ميلاد النبي وطفولته، الفيلم من إنتاج إيراني، ساهم في هذا الإنتاج الدولة الإسلامية الإيرانية. صرح مجمع البحوث الإسلامية بأن عرض الفيلم يشوه صورة النبي والإسلام، وأن إيران تعرض هذه الأفلام من أجل نشر التشيع ومد نفوذها في البلاد السنية التي تعتبر الأزهر مظلة لها، وأكد الأزهر علي إجماع علماء الأمة بتحريم تجسيد الأنبياء والصحابة، وإيران لا تعتد بهذه الآراء ولا يهمها إلا تسريب فكرها الشيعي من خلال هذه الأفلام والمسلسلات إلي الوجدان العربي السني. التصريحات نفسها التي صدرت بشأن هذا الفيلم صدرت من قبل عن أفلام مشابهة تصور الأنبياء مثل فيلم آلام المسيح، الذي بالفعل عرض في دور العرض المصرية والعربية ولاقى استحسانا كبيرا من المشاهد العربي، وتلاه مسلسل النبي يوسف ذو الإنتاج الإيراني، والذي لاقى رواجا كبيرا في السوق العربي، وكان قد طالب الأزهر أيضا بوقفه إلا أن إحدى القنوات الخاصة تكفلت بعرضه وحقق نجاحا كبيرا. تلك المسلسلات والأفلام لم تجعل المشاهد المصري والعربي يتخلى عن دينه أو مذهبه، ولم تجعله يؤمن بأن مجسد هذه الشخصيات هو النبي ذاته أو الصحابي نفسه، بل جعلته تلك العروض أكثر علما بحياة هؤلاء الأنبياء والصحابة، وأكثر إدراكا لما عانوه أمام قوى الكفر والظلام، وذلك ما لم يفعله أي نظام عربي أو إسلامي منذ فيلم الرسالة، للمخرج الشهيد مصطفي العقاد. ضعف المذهب السني الممثل في الأزهر وفي مدرسة محمد بن عبد الوهاب السلفية المتطرفة، وإدراك هاتين المؤسستين لهذا الضعف جعلهما يخشيان أي فكر ورؤية أخري تخالف أو توافق رؤيتهما، هذا الضعف جعلهما لا يستطيعان مواجهة أي فكر آخر بشكل علمي ومنهجي، فبدلا من طرحهم لحل عملي ينشر صورة الإسلام الصحيح الذي شوهه من خرج من جلباب محمد بن عبد الوهاب "داعش" يواجهون به الفكر الذي يخشونه، أخذوا يصيحون ويصرخون ويستصرخون أهل السنة بالباطل حتي يداروا على هذا الضعف المخزي. لم يعد للعرب من حجة أمام النجاحات الإيرانية في السياسة والاقتصاد والعلوم والفنون سوى إلقاء الإشاعات على من استطاع الوصول لهذه النجاحات، سواء بالادعاء أن الشيعة ليس وراءهم سوى سب الصحابة في الليل والنهار، والسعي لمد المذهب الشيعي في جميع الأنحاء ومد النفوذ في كل أركان السنة للإيقاع بالإسلام الصحيح الذي يمثله الأزهر الضعيف والسلفية المتطرفة، ورغم ذلك لا زالت إيران الشيعية تتقدم، ومازالت الأنظمة العربية السنية تتقهقر، وستظل تتقهقر هكذا إلي أن تستيقظ وتجد الحل المنهجي لعلاج ذلك الانبطاح والانصياع لكل ما هو مستبد وقاهر. الفيلم لم يره أحد حتي الآن من الأزهر أو من أبناء ابن عبد الوهاب، ولا يستطيعون الحكم عليه بأنه يقدح في الصحابة ويسيئ لصورة النبي، شاهدوه أولا ثم انقدوه أو انقضوه كما تشاؤون، ولكن احكم بشكل علمي، وواجه بمنهج علمي ليس بالصراخ والاستصراخ. سنشاهد الفيلم وسيراه العرب جميعا مهما حاولتم منعه، وسنقيمه ونعرضه علي عقولنا وقلوبنا، ولن نستمع إلي فتاواكم وآرائكم العقيمة إلا حين تصبحون مثل من تنتقدونهم، تملكون العلم وتقدرون الفن وتحاربون الفكرة بالفكرة.