اللهجة الليبية هي لهجة عربية مغاربية، تنقسم تقسيمًا جغرافياً إلى شرق وغرب ووسط وجنوب، وهذه التقسيمات الجغرافية تحتمل أكثر من لهجة في داخلها، حتى على صعيد المناطق، ويصنف علماء اللغويات الغربيون اللهجة الليبية ضمن اللهجات البدوية الصرفة ويجعلونها في فئة ما بعد الهلالية، وهي تعرف عندهم باللهجة السلمية، نسبة إلى قبائل بني سليم بن منصور، والتي استوطنت ليبيا. صدر مؤخرًا عن دار الفارابي للنشر، كتاب «محكية طرابلس وأمثالها التراثية»، للكاتب محمد سنجقدار، المؤلف الذي خصص عددًا كبيرًا من العناوين عن ليبيا وتراثها وتاريخها، ومن كتبه في هذا المجال "مذكرات طرابلسية.. حكاية مدينة في مائة عام، طرابلس: العائلات والمشاهير، التراث الفكري الطرابلسي: صحافة ومطبوعات، وتميز كتاباته باعتبارها قراءة تحليلية نقدية. في تصريحاته للصحافة عن إصداره الجديد، يقول: "منذ عقود وأنا أقوم بجمع وتدوين المفردات الشعبية كهواية. كما إني أقوم بجمع التراث الطرابلسي القديم, وأنا أملك الكثير من الوثائق والعملات القديمة والمخطوطات والمجموعات التاريخية القيمة. وكنت في نفس الوقت أقوم بجمع المفردات الشعبية القديمة المنقرضة أو التي أشعر بأنها على طريق الانقراض. لقد أتممت هذا العمل من خلال سنوات طويلة من تخزين المعلومات ومن تدوين المفردات ومن جمع الأمثلة الشعبية. وبعد أن تقاعدت، عدت إلى ملف المفردات العامية والأمثال الشعبية فوجدته قد أصبح غنيًا ويتضمن الكثير من الجواهر، ومن المؤسف أن تُطوى في صفحات النسيان أو يتآكلها الإهمال. لهذا وجدت أن تلك المواد أو تلك الجواهر تستحق أن توضع في كتاب قيم، فأعددت كتاباً لهذه الغاية واسميته محكية طرابلس وأمثالها التراثية". الكتاب يعتبر سجل شبه كامل لمحكية طرابلس وأمثالها التراثية، اللغة الشعبية العامية، بتعابيرها ومفرداتها الحلوة المذهلة التي نطق بها الناس لأجيال، منحدرة من أصولها العربية في الغالب، ومن أصول أخرى كالعثمانية والفارسية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والسريانية والآرامية وغيرها من اللغات. وعن هدف كتابه يقول: "لم يكن الهدف من إصدار هذا الكتاب استبدال اللغة العربية باللغة المحكية إنما هدف الكتاب هو المحافظة على بعض من ذاكرتنا التراثية الطرابلسية، خاصة أن هناك بعض المفردات العامية والأمثلة التي لم تعد تستخدم في عصرنا هذا". يعتبر في كتابه أن اللغة العامية أو المحكية تمثل حالات معينة عند عامة الناس. فالعامية في معظم الأحيان تقوم بتصوير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والحياتي والنفسي أكثر من اللغة الفصحى. ومعظم الناس لا يستطيعون التعبير عن خوالجهم الداخلية وانفعالاتهم بالفحصى لهذا يعبرون بكلمات عامية بسيطة وعفوية. وفي أحاديثه يؤكد: "حتى اللغة العامية تعيش حالة مد وجزر. فالناس لم تتوقف عن الكلام. لهذا فهي تختلق دائماً مفردات جديدة، خاصة أن بلادنا مرت عليها حضارات كثيرة منها التركية التي حكمتنا أكثر من أربعة عقود وغيرها من الحضارات. لهذا نرى أن ما يصيب اللغة الفصحى يصيب اللغة العامية من ازدهار أو من إندثار. فهناك الكثير من الكلمات العامية ذهبت ولا أحد يتذكرها أو يذكرها. لكنها تبقى وسيلة من وسائل التفاهم الاجتماعي، ويعود أصول هذه اللغة إلى لغات قديمة لشعوب مرت في بلادنا. وكما يقال سادت ثم بادت، مثل اللغة السريانية والعربية والطليانية والتركية. وقد ذكرت في مقدمة الكتاب أنني لا أبغي رد العامية إلى أصولها، لكن عملي يختصر على البحث في اللغة العامية كتراث شعبي، خاصة وأن هناك اختلافاً أدبياً وسياسياً حول رد أصول اللغة العامية. تتميز اللهجة الليبية بشقيها بنطق الحرف (ق) كالجيم المصرية أو الحرف اللاتيني Gواستخدام حرف (ن) بدلاً من آلاف في كلام المتحدث فبدلا من (أريد) تنطق (نريد أو نبي). تمثل اللهجة الليبية حلقة وصلٍ بين لهجات الشرق العربية بسهولتها وانفتاحها، ولهجات المغرب العربي بانغلاقها وحدتها. بشكلٍ عام تتمتع اللهجة الليبية بمخارج حروف واضحة، وهناك الكثير من الخصائص التي عرفت بها لهجات العرب في الجاهلية متواجدة في اللهجة الليبية لاسيما من ناحية مخارج بعض الحروف كمثل نطقهم للقاف جيما مصرية أو ما تعرف بالقاف البدوية.