لم تكتفِ الجماعات الاستيطانية الصهيونية باغتصاب الأراضي الفلسطينية عنوة، والتنعم في الموارد الفلسطينية المحروم منها أبناء الدولة أنفسهم، بل زادت على ذلك بجرائم أقل ما توصف به أنها "إرهابية" وتحمل طابعًا وحشيًا بل ترقى إلى أن تكون جرائم حرب، كل ذلك دون أن يحرك باقي العالم ومنظماته الدولية ساكنا. أعلنت أسرة "دوابشة" في ساعة مبكرة من فجر اليوم الاثنين وفاة والدة الطفل الرضيع "علي" "ريهام دوابشة"، متأثرة بجروح بالغة أصيبت بها نهاية مطلع يوليو الماضي، حيث قال "نصر دوابشة" شقيق زوج "ريهام"، إن "أطباء مستشفى تل هشومير أعلنوا وفاة ريهام فجر اليوم"، وذلك بعد تعرضها السبت الماضي لتدهور خطير في وضعها الصحي، مما أدى لتوقف كافة أعضاء الجسد عن العمل باستثناء القلب، ووصفت حالتها بالوفاة السريرية، لافتًا أن جثمانها سيوارى الثرى في بلدتها دوما جنوب شرق نابلس. خلفية الحادث في 31 يوليو الماضي أقدم ملثمون على إلقاء زجاجات حارقة داخل منزل عائلة "دوابشة" القائم في قرية "دوما"، من نافذة منزل العائلة التي تركت مفتوحة بسبب الحر، وبعد لحظات تحول المنزل إلى رماد، وكتب على الجدران المتفحمة لمنزل الأسرة الفلسطينية كلمات "انتقام" و"دفع الثمن"، وهي العبارة التي يستخدمها المستوطنون وناشطو اليمين المتطرف الاسرائيلي لتوقيع جرائمهم، ليلقى الحادث استنكار شعبي ودولى كبير. على أثر العملية الإجرامية تم تدمير العائلة بأكملها، حيث استشهد الرضيع "علي دوابشة" البالغ من العمر "18 شهرًا" في الحريق على الفور، وبعد ثمانية ايام قضى والده "سعد دوابشة" متأثرًا بحروقه، وأصيبت "ريهام" بحروق خطيرة بنسبة 92%، توفيت على أثرها اليوم، في حين لا يزال الأبن الثاني للأسرة "احمد" ذو الأربع سنوات يتلقى العلاج. فلسطين تغلي انتفض الداخل الفلسطيني، حيث دعت حركة "حماس" إلى تنفيذ عمليات "نوعية"، ضد المستوطنين الإسرائيليين ردًا على استشهاد "ريهام دوابشة"، وقالت الحركة إن "استشهاد ريهام دوابشة لتلحق بزوجها وطفلها الرضيع، يؤكد على حجم الجريمة التي ارتكبها المستوطنون ضد هذه العائلة"، وأضافت الحركة "التحركات السياسية والاعتماد على المواقف الدولية، لم يعد كافيا لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني أمام جرائم الإسرائيليين والمستوطنين، وهو ما يستدعي التحرك الذاتي في الضفة"، وتابعت الحركة في بيانها، "نحن ندعو رجال المقاومة في الضفة، إلى القيام بعمليات نوعية تردع إجرام المستوطنين، وتؤدبهم"، وتابعت "تصاعد المقاومة في الضفة لن يتراجع وصولا إلى المواجهة الشاملة، المباشرة مع الاحتلال، من أجل تغيير الوقائع على الأرض". من جانبه قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة "نبيل أبو ردينة"، إن الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" أعلن الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، على روح العائلة، فيما دعا مجلس الوزراء الفلسطيني المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إلى عدم الاكتفاء بإدانة جرائم المستوطنين الإرهابية، ولا بوصف الاستيطان بأنه غير شرعي، وإنما اعتبار الاستيطان الإسرائيلي الذي يفتك بالأرض الفلسطينية "جريمة حرب"، كما دعا المجلس، إلى إدراج العصابات الاستيطانية ومجموعاتها الإرهابية التي تتحرك تحت مسميات "دفع الثمن" أو "شبيبة التلال" وغيرها وكل من يدعمها ويوفر الحماية لها، على قائمة الإرهاب العالمي، واتخاذ كافة الإجراءات لمحاربتها أسوة بالحركات الإرهابية في مختلف أنحاء العالم. جماعات استيطانية إجرامية جماعات "تدفيع الثمن"، هي منظمة صهيونية إرهابية ظهرت في عام 2009، وقائمة على مبدأ طرد العرب والتخلص منهم، وتقوم من حين إلى أخر بجرائم على شاكلة جريمة حرق عائلة "دوابشة"، وتشمل عملياتها الإجرامية، تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية، وإحراق سيارات ودور عبادة اسلامية ومسيحية، واتلاف او اقتلاع اشجار زيتون، ومهاجمة المزارعين الفلسطينيين في قراهم، وتخط هذه العصابات الصهيونية شعارات عنصرية مسيئة للديانتين الإسلامية والمسيحية، وشعارات تدعو لترحيل العرب و"ترسيم الحدود". على الرغم من أن هذه المنظمة الإرهابية تعمل في وضح النهار، وسبق أن اقبلت على جرائم لاقت استياء العالم كله، إلا أن الشرطة وحرس الحدود الاسرائيلي لا تحرك ساكن، ولا تقوم باعتقال أعضاء تلك العصابة أو التحفظ عليهم لمنع تكرار الاعتداء، بل تتركهم يتجولون بحرية تحت أعين الشرطة الإسرائيلية، وكأن هذه العصابات جزء من المخطط الصهيوني القائم على تهجير الشعب الفلسطيني، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 93% من جرائم المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تغلق دون فتح ملفات جنائية وتحقيقات، ويتم تسجيل الاعتداءات ضد مجهول. سجل أسود يحوي بداخلة العديد من الجرائم التي لا تُعد ولا تُحصى، لكن أبرزها مذبحة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، بقيادة "باروخ غولدشتاين" في مدينة الخليل، حيث أطلق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة، وقتل 29 مصليًا وجرح 150 آخرين، قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه، وجريمة قتل الطفل "محمد أبو خضير" الذي خطف وعذب وأحرق على أيدي متطرفين في يوليو 2014.