كيف تمكن العالم من التوصل لحل العديد من ألغاز التاريخ وأصول الإنسان عبر جينات الميتوكوندريا، إن جيناتها تورث فقط من خلال الأم، وبالتالي فهي تورث كما هي دون تغيير، باستثناء الطفرات التي قد تحدث بها، والتي إن حدثت تكون هناك ثمة قرابة بل ويعكس معدل الطفرات زمن معيشة الأم الأولى، وفي النهاية توصل إلى إرجاع أصل الأوروبيين إلى سبع أمهات. أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، مؤخرًا، كتاب «لعنة آدم.. العلم الذي يكشف عن مصيرنا الوراثي»، للكاتب الإنجليزي بريان سايكس، وترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، ضمن إصدارات سلسلة الثقافة العلمية، الكتاب الذي صدر مسبقًا عن دار العين للنشر. في هذا الكتاب يكرر سايكس نفس الفكرة، التي سبق وقدمها في كتابه «سبع بنات لحواء»، لكن على جينات أخرى (عكس ما جاء في مقدمتنا للموضوع) تورث من الرجال فقط هذه المرة، هي الجينات الموجودة على كروموسوم "واى"، ويبدأ في الكشف عن أصول بعض العائلات ومنهم عائلته نفسها، ويحاول أن يقارن بين نتائجه التي توصل إليها مسبقًا في كتابه الأول عن جينات الميتوكوندريا المورثة من الأم فقط، بنتائجه في كتابه الثانى عن جينات كروموسوم "واى"، المورثة عبر الأب فقط، ويتطرق إلى مستقبل الذكور في العالم، وهل تفيد هذه التقنية في تفسير ظواهر مثل غلبة الإناث أو الذكور في بعض العائلات، وضعف الحيوانات المنوية لدى البعض، والشذوذ الجنسي والاستنساخ. يندر أن تجد ترجمة عربية سلسة غير منفرة للمواد العلمية، المترجم للكتابين "مصطفى إبراهيم فهمي" أحد القلائل جدًا الذين يترجمون العلوم باحتراف دون فذلكة للمصطلحات ودون أي اشتقاقات غريبة، بإضافة حواش مختصرة تصيب أهدافها. الفرق الأساسي -من الناحية الوراثية- بين الذكور والإناث يتمثل في وجود اثنين من الكروموسوم "إكس" لدى الإناث, بينما يوجد لدى الذكور كروموسوم "إكس" واحد وكروموسوم "واي" واحد. هل هذا الفرق البسيط -كروموسوم واحد مختلف بين 46 كروموسوم- هو السبب الكافي لكل الاختلافات بين الذكور والإناث, ليس فقط البيولوجية, وإنما النفسية وحتى الثقافية؟ هكذا يأتي النقاش في هذا الكتاب، إذ يناقش الأزمة التطورية النهائية: مستقبل بلا رجال. كيف يمكن للكروموسوم "واي" الذي كان وراء التميز بين الجنسين والذي مكن البشر من الصعود إلى قمة المملكة الحيوانية, كيف يمكنه أن يهدد التكاثر الجنسي بأكمله؟ يواجه المؤلف بريان سايكس التطورات الحديثة في نظرية التطور لكي يجد الإجابة عن الأسئلة التي لا مفر منها: هل هناك سبب وراثي للطمع والعدوانية والإباحية الجنسية لدى الرجال؟ وهل يمكن أن يكون هناك جينة للمثلية الجنسية؟ بريان سايكس، أستاذ للوراثة في جامعة أكسفورد، وقد حفزه للبدء بتأليف هذا الكتاب، أنه دعي إلى مؤتمر طبي كان الداعي إليه رجل أعمال يرأس شركة أدوية واسمه أيضاً سايكس، سأل الكثيرون سايكس العالم عما إذا كان على صلة قرابة بسايكس رجل الأعمال، استفزته كثرة الأسئلة فأخذ يجري أبحاثًا لإثبات أو نفي وجود صلة قرابة بينه وبين رجل الأعمال، واستخدم في أبحاثه هذه كروموسوم واي الذكوري.