يبدو أن قناة السويس لم تعد تحتل صدارة الممرات المائية العالمية، بعدما نشر موقع "CNN" أن ذوبان جليد القطب الشمالى الناجم عن الارتفاع المطرد لدرجات الحرارة خلق طريقاً ملاحيًّا جديدًا كان مُغلقًا بسبب تجمده بالكامل. وأشار التقرير إلى أن سفينة شحن صينية سافرت إلى أوروبا عبر القطب الشمالى، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة للخطوط الملاحية الآسيوية الأوربية، الأمر الذي قد يؤدي إلى منافسة حامية الوطيس مع قناة السويس. وجاء في التقرير أن سفينة الشحن الصينية «يونغ شينغ» عبرت ذلك الطريق في 33 يوماً، فيما تستغرق نفس الرحلة عبر قناة السويس 48 يوماً، بزيادة قدرها 15 يوماً كاملة، إلا أن الخبراء يقولون إن المخاطر لا تزال تفوق نسبة التوفير. ونقل الموقع عن "فوستر فنلاي" أن هناك حوالى 100 ميل بحري يُمكن توفيرها عبر المرور في المنطقة القطبية، إلا أنه عاد وأكد أن المشاكل تظهر نتيجة افتقار ذلك المكان للخرائط التفصيلية. فيما يؤكد "مارك مارو" المترجم الأجنبي أن الطريق البديل سوف يجبر السلطات المصرية حتمًا على أن تخفض بشكل ملحوظ الرسوم التي تفرضها على السفن التي تمر عبر قناة السويس حاليًّا، ولكون قناة السويس تعد إلى حد بعيد هي أقصر الطرق للسفر بين آسيا وأوروبا، فإن مصر تفرض رسومًا تمييزية للمرور من خلالها، والتي تقل بمقدار بسيط عن التكلفة الإجمالية للطريق المطول (الدوران عبر القرن الإفريقي). وأوضح مارك أن السلطات المصرية تضيف أسعار كميات الوقود الإضافية وأجور الطواقم وسائر التكاليف الزائدة الأخرى لعبور سفينة ما عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وتقوم بخصم دولار واحد من هذه التكلفة الإجمالية من أجل المحافظة على سعر تنافسي في سوق الشحن البحري الدولي، مؤكدًا أنه إذا كانت رسوم قناة السويس تفوق بشكل ملحوظ رسوم العبور عبر طريق الشمال، ففي المستقبل قد تختار السفن المرور عبر الممر الشمالي الشرقي، حتى لو جعل ذلك رحلتهم تطول. وعن ذلك تقول الدكتورة سلوى المهدي، الخبير في النقل الدولي، إن ما حدث نتيجة ذوبان جليد القطب الشمالي ليس بجديد، فذلك يحدث سنويًّا، وبالفعل يؤثر على قناة السويس خلال أشهر الصيف الثلاثة فقط، مشيرة إلى أن الذي ساعد على عبور السفينة الصينية هذا العام هو زيادة نسبة ذوبان الجليد إلى 10% عن العام الماضي. وتابعت "المهدي" أن الخطورة الحقيقية من قناة السويس ليست في الجليد الخاص بالقطب الشمالي، ولكن قناة "بنما" التي يتغافل عنها الإعلام في الوقت الحالي، فهي في واقع الأمر ستكون أكبر منافس لقناة السويس، لتباين الوقت الذي تستغرقه السفن أثناء مرورها من القناتين، فقناة السويس تستغرق السفن فيها من 8 ل 11 ساعة انتظارًا، و18 ساعة للعبور، وأفاد الموقع الرسمي للقناة بتقليص تلك المدة بعد المشروع لتصل إلى 11 ساعة، بينما تتقلص تلك الفترة عند عبور السفن حاليًّا من قناة "بنما" لتصل من 8 ل 10 ساعات. وأكدت خبيرة النقل الدولي أن هناك زيادة عالية في معدل استهلاك الوقود لهذا الطريق ومخاطر تنتنج منه أكثر من مكاسبه؛ لذا فلن يؤثر على قناة السويس. وأوضح خالد الطماوي، أستاذ النقل الدولي بجامعة الإسكندرية، أن الطريق الذي تسلكه السفن العالمية يحتاج إلى خرائط تفصيلية متواجدة ومحددة ومدروسة، لافتًا إلى أن السفن العالمية لا تسير في طرق جديدة مكتشفة، وهذا الطريق ليس به خرائط تفصيلية أو حتى دراسات تؤكد نجاحه. وأوضح "الطماوي أنه "لا أحد ينكر ما حدث من عبور سفينة صينية، لكن الأمر لا يزال محل التجربة، وإن زادت نسبة ذوبان الجليد كل عام، فخلق قناة جديدة يستدعي أكثر من 10 سنوات، وهذا ما يعني أنه ليس هناك خطر على قناة السويس في الوقت الحالي". مؤكدًا أنه "طالما أن البحار الشمالية متناثرة مع مياه ضحلة بعيدة عن آثار الرياح، فإن التهديد الذي يحتمل أن تشكله على قناة السويس سيظل مجرد خيال".