النائب العام ووزير الاتصالات يوقعان بروتوكول تطوير التحول الرقمي بالنيابة العامة    جوتيريش: مقتل 6 من قوات حفظ السلام في غارة جوية بطائرة مسيرة استهدفت منشأة تابعة للأمم المتحدة بالسودان    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    عمرو أديب عن عودة محمد صلاح للمشاركة مع الريدز: الدم جري في عروق ليفربول    عمرو أديب عن تكرار حوادث التحرش بالمدارس: إيه يا سيادة وزير التعليم.. الأخبار دي زادت    شيرين عبدالوهاب بخير ومستقرة.. محاميها ينفي كل الشائعات ويؤكد تحضيرها لأعمال فنية جديدة    وزير الصحة: لا توجد محافظة أو قرية في مصر إلا وبها تطوير.. ونعمل على تحسين رواتب الأطباء    الداخلية تنظم مؤتمرًا صحفيًا للإعلان عن قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    محامي "عروس المنوفية" يكشف مفاجآت وتفاصيل قاسية بشأن واقعة القتل وعقوبة المتهم    تخصصات مختلفة ورواتب مجزية.. العمل تُعلن عن فرص عمل جديدة في شركات خاصة    إطلالة ملكية ل دارين حداد في حفل زفافها بدبي | صور    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    «رحلات المهندسين» تختتم أعمالها بحفل تكريم ونجاحات بالأرقام وخدمات بشفافية كاملة    الأرصاد يُحذر من منخفض جوي يضرب البلاد غدًا وأمطار متوقعة بهذه المناطق    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    المتسابق عمر ناصر: مسابقة دولة التلاوة طاقة أمل للمواهب علشان تتشاف    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    صاحب الصوت الشجي.. تكريم الشيخ حمدي محمود الزامل في برنامج "دولة التلاوة"    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    وزير الشباب يشهد ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية باستاد القاهرة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى فى هجوم تدمر السورية    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    تشيلسي وإيفرتون في مواجهة حاسمة بالبريميرليج.. متابعة كاملة للبث المباشر لحظة بلحظة    أنفيلد يشهد صدام القمة.. ليفربول يواجه برايتون في مباراة حاسمة بالبريميرليج    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الصبان: يعني إيه "شلن"؟
نشر في البديل يوم 26 - 08 - 2015

منذ بضعة أيام فاجأني ابني الصغير ذو السبعة أعوام بسؤال "يعني إيه شلن يا بابا؟"، وعرفت أنه سمعني وأنا أحكي بعض الذكريات التي ورد فيها لفظ شلن وبريزة مع أحد أقاربي.
فاجأني السؤال حقا، لأنني تذكرت وقتها أنني سألت والدي في صغري "يعني إيه تعريفة؟"، وابتسمت عندما وجدت نفسي أتحدث تماما كما كان والدي يتحدث، حيث قمت باستعراض ذكرياتي وأيامي الخوالي وطفولتي، وكيف كانت الدنيا على أيامي كلها بركة وخيرا، وتذكرت كيف كنت أشعر بالملل من حديث أبي هذا حين يكرره على مسامعي في كل مناسبة، ولكنني اليوم أجيد التحدث بنفس الأسلوب.
"الشلن" كان عملة نتداولها في أيام طفولتنا وربما مراهقتنا أيضا، وكانت له قدرة شرائية مقبولة، كان هناك تعدد في العملات كبير وغني، فكنا نقول الشلن والبريزة والريال والربع جنيه والنص جنيه، وهكذا كان حال والدي مع التعريفة والمليم والقرش صاغ، وحال جدي مع السحتوت والنكلة والبارة.
ولكن ما أوقفني أن حال ابني اليوم أسوأ بكثير، ففي حالتي أنا وأبي وجدي كان الجنيه موجودا أيضا، وكان الوصول له فقط يختلف من جيل لجيل، تعدد هذه العملات الصغيرة على مر الزمن كان يجعل دائما من الجنيه قيمة معنوية ومادية، أما اليوم لا أعرف ماذا سيقول ولدي لحفيدي؟ وليس بعد الجنيه سوى الإفلاس.
فوجئت بحقيقة أن أصغر عملة يتم تداولها اليوم هي "الجنيه"، والذي باتت قوته الشرائية مثل الشلن أو البريزة، فهو يشتري مثلا "كيس شيبسي أو باكو لبان"، وبعيدا عن علم الاقتصاد الذي لست على إحاطة به، فمن الناحية الاجتماعية المحضة لا أرى سوى مأساة في ضياع الأجيال القادمة، خصوصا حين تذكرت حديثا نبويا شريفا يقول "ستفتحون بلدا يذكر فيها القيراط"، وبغض الظر عن صحة الحديث أو عدم صحته إلا أنه يشير بقوة إلى أن المصريين "الشعب الغلبان منذ الأزل" لا يتعايش إلا مع التجزئة والتصغير للعملة وكأنها صفة مميزة له عن باقي الشعوب ليستطيع معايشة حياته اليومية ومآسيها، فمن الناحية الاجتماعية غياب هذه الحالة أظن أنه من الأسباب التي تثير توتر المصريين وسخطهم وأمراضهم، وأتمنى من علماء الاجتماع والدراسات الإنسانية أن يفيدونا أكثر في هذا الشأن.
فالشعب الذي منذ الأزل يعتبر الجنيه أو العملة الرسمية شيئا ضخما وقيمته كبيرة -حتى أنني وجدت عملات مصرية تسمى "ربع عشر القرش" و"نصف عشر القرش" بتاريخ 1327 هجرية، يعني قبل أقل من قرن واحد- بات اليوم هذا لا يمتلك سوى وحدة نقدية واحدة تسمى الجنيه قيمتها ضئيلة للغاية، وهي عبارة عن عملة معدنية تشبه لحد كبير البارة والنكلة والمليم والشلن والبريزة وغيرها، وليس على الفرد سوى أن يعد منها ما استطاع مئات أو ألوفا ليعيش حياته اليومية.
هل نعيش بالفعل انتهاء عصر وبداية عصر جديد؟، وهل هذا الوصف السابق يعد مؤشرا للوصول لمرحلة الانفجار الكبير الذي بات حتميا وطبيعيا؟
صحيح أن الشعب المصري وعلى مدار تاريخه عانى من الضغوط، وأغلب وقته كان "شعب غلبان" بمعنى الكلمة، حتى في أكثر العصور ازدهارا من الناحية السياسية، ولكن بالمقارنة، أليس ما يمر به اليوم مختلفا جذريا عن أي ضغوطات مرت به من قبل؟، حتى بات أغلبنا متوترا عنيفا فظا غليظا، وتفشت بيننا الأمراض النفسية والمجتمعية الرهيبة التي لم تكن موجودة حتى في أحلك الظروف التاريخية، ربما فعلا لأن ما نمر به يتنافي حتما مع طبيعة وادي النيل الضاربة في جذور التاريخ.
هذه التساؤلات يجب أن تكون محط اهتمام النخبة التي من المفترض أنها تراقب هذا الشعب عن كثب لتعبر عن آلامه وأوجاعه، والذي بات يتوجع من الجنيه، بل إنه حتى غير قادر على استخدام مصطلح القرش التاريخي الموروث، فليس بمقدوره اليوم أن يقول "اللي معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره"، و"اللي معاه قرش يساوي قرش" و"القرش صعب" لأنه لم يعد هناك قروش وإنما جنيهات، جنيهات مهما زادت فهي لا تلبي احتياجاته الأساسية.
قديما كانت جدتي تقول "القرش بيوجع"، فإذا كان القرش "بيوجع" في حضرة الجنيه، فهل لنا أن نقول اليوم إن "الجنيه بيقتل؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.