منذ فترة قرأت مقترح الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، بجريدة الوطن، بشأن مقترحه بمحاكاة التجربة الأمريكية لكتائب الخدمة المدنية التي استخدمتها الولاياتالمتحدة في عهد الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت 1933، بهدف مواجهة الكساد الكبير وتزايد نسبة البطالة بين شباب الولاياتالمتحدة، والتي كانت قد بلغت رسميًا 25%، فكانت فكرة كتائب الخدمة المدنية Civilian Conservation Corps)) هي أداة ومخرج حكومة فرانكلن لإحداث تنمية اقتصادية مع احتواء معدلات البطالة المتزايدة. وأطلقت الحكومة حملة إعلامية موسعة تحت مسمى "الصفقة الجديدة، New Deal" لجذب الشباب (18-25عاما) إلى برامج تأهيل الخدمة المدنية لمدة 6 أشهر، وبعدها يتم نقل الشباب إلى مخيمات للعمل ويبدأ تقسيم مهام تلك الكتائب بشكل شبه نظامي لتنفيذ مشروعات خاصة (تمهيد طرق, استصلاح الأراضي.. إلخ)، وكان كل متطوع يتقاضى 30 دولارًا في الشهر مع تخصيص إلزامي من 22 -25 دولارًا ترسل كإعانة لعائلاتهم الفقيرة. ورغم عظمة المشروع المقترح والتي تجاوبت معه الرئاسة، إلا أننا لماذا لا نحاول إنتاج تجربة مصرية أقوى وأذكي.؟، فهذا البرنامج الذى نفذ في الولاياتالمتحدة كان يعتمد على احتواء نسبة البطالة، فلماذا لا نطرح نحن برنامجا يوظف حديثي التخرج، وفى نفس الوقت يعمل على احتواء معدلات البطالة؟، فالطرح الذى سنقدمه هنا هو تكميلي للطرح السابق وليس اعتراضا أو اقتباسا منه، وفيما يلي نحاول توصيف ملامح الطرح الذي نقدمه: عند يتخرج الشاب يطلب للخدمة العسكرية، ثم يعفى من يعفى ويلتحق بصفوف القوات المسلحة من يلتحق، اجعلونا نقف هنا لنضع تصورا لبداية تنفيذ المقترح الذى أمامكم، فى البداية لن يعفى أحد من الخدمة سوى أصحاب الحالات الخاصة التي ينظمها القانون، ولكن سيلتحق الجميع في صفوف القوات المسلحة، ثم بعد انتهاء فترة التدريب الأساسية تأخذ القوات المسلحة كفايتها من الأفراد ثم يلحق بقية الأفراد إلى مؤسسات الدولة للخدمة براتب الجندي، على سبيل المثال (خريج تربية يوزع على المدارس –الأطباء يعملون في المستشفيات -المهندسون يعملون في مواقع مشروعات الدولة -خريجو كليات الزراعة في الإشراف الزراعي والاستصلاح, خريجو الدبلومات الصناعية يعملون في مصانع الدولة بعد إعادة هيكلتها وتأهيلها، والدبلومات الزراعية في استصلاح الأراضي ..إلخ). وما إن ينتهى من خدمته يحصل على شهادة الخدمة الوطنية، وتكون الشهادة شرطا للعمل أو للسفر للخارج شأنها شأن شهادة الخدمة العسكرية. ثم تمنح الدولة شهادات خبرة لكل من خدم حسب الجهة التي خدم بها (وزارة التعليم, الصحة, الحكم المحلي, الزراعة ..إلخ) ثم تجدول الدولة عناصر الخدمة الوطنية حسب التخصصات، وتعلن من خلال وزارة الخارجية عن وجود خريجين بخبرات في مؤسسات الدولة، ويرسل هذا الإعلان لكل الدول التي ترغب في عمالة حسب التخصصات، على أن تحدد الدولة في مراسلتها رواتب منصفة لهم. وبهذا لا يكون هناك عجز في خدمات الدولة أو احتياج للمؤسسات، مع احتواء معدلات البطالة وإعادة تأهيلها عمليا، وفى نفس الوقت تتضاعف قوة الاحتياط المدربة في صفوف القوات المسلحة. وهذا الطرح الذي نقدمه بين أيديكم يبدو متشابها مع قانون الخدمة العامة الذي كان مطبقا بقرار جمهوري سنة 1975، إلا أنه بعكس ما يبدو مختلف عنه من حيث جدية الآليات وجدوى الأهداف، وسنعمل لاحقا على تقديم هذا الطرح بشكل تفصيلي في دراسة متكاملة تتناول مفهوم التجييش الشعبي للتنمية. ربما يكون هذا الطرح خياليا أو واهما في نظر البعض، ولكن هكذا تنهض الأمم. [email protected]