رئيس جامعة جنوب الوادي يستقبل نقيب المحامين ووفد النقابة العامة    المنطقة الغربية العسكرية تنظم لقاءً مع شيوخ وعواقل محافظة مطروح    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد    انخفاض أسعار النفط مع تصاعد مخاوف الرسوم الجمركية    «الخدمات البيطرية» توضح مزايا ذبح الأضاحي في المجازر الحكومية    الإحصاء: معدل التضخم الشهري 1.8% لشهر مايو 2025    MIDBANK يجدد التزامه بالاستدامة والتحول الأخضر تزامنًا مع يوم البيئة العالمي    الحكومة للمواطنين: جميع السلع متوفرة بالأسواق ولدينا مخزون استراتيجي كاف    خامنئي: تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض    استهداف مباشر لمراكز توزيع المساعدات بقطاع غزة يحصد أرواح المدنيين    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لوقف حرب الإبادة في غزة    زيمبابوي تقرر ذبح الفيلة وتوزع لحومها للاستهلاك البشري    تريزيجيه يوجه رسالة مؤثرة لجماهير الأهلي بعد عودته: «أقاتل من أجل أحلامكم»    أنشيلوتي يصل ميدان معركته الأولى مع البرازيل    البعثة الطبية للحج: أكثر من 33 ألف حاج تلقوا الرعاية.. وفرق ميدانية للمتابعة    أخبار الطقس في الكويت.. ارتفاع درجات الحرارة ورياح معتدلة السرعة    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    صرف الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ استعدادًا لعيد الأضحى المبارك    ب «كلام فارغ».. أصالة تحقق 700 ألف مشاهدة في 24 ساعة    فيلم سيكو سيكو يقترب من 182 مليون جنيه في 9 أسابيع عرض    «هنو» يعتمد برنامج فعاليات الوزارة للاحتفاء بعيد الأضحى المبارك    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    أفضل الأدعية في يوم التروية    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    شوبير يكشف مفاجأة في قائمة الأهلي لكأس العالم للأندية بأمريكا    الجباس: بيراميدز بطل الدوري هذا الموسم.. ومواجهة الزمالك أصعب من صن داونز    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    خالد سليم يشارك جمهوره صورًا تجمعه بعمرو دياب وعدد من النجوم    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    محافظ أسيوط يفتتح معرض "اليوم الواحد" لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة بنسبة تصل إلى 30%    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    الرعاية الصحية: نتطلع من خلال التعاون مع شركة انطلاق إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتميز الطبي والسياحة العلاجية    «الطفل 14 عاما والطفلة 17 عاما».. «الطفولة والأمومة» يبلغ النيابة العامة في واقعة خطوبة طفلين بالغربية    نقيب المحامين يوجّه بمتابعة التحقيقات في واقعة مقتل محامي كفر الشيخ    اليوم.. توقف عمل آلية المساعدات الإنسانية في غزة والمدعومة من واشنطن    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    رئيس جامعة مطروح يهنئ السيسي بعيد الأضحى المبارك    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    تذاكر مجانية ومقاعد مخصصة.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    سعر الدولار اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    طريقة عمل الكول سلو، أشهر سلطة أمريكية وبأقل التكاليف    حظك اليوم الأربعاء 4 يونيو وتوقعات الأبراج    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الكريم شروس وتجديد الخطاب الديني
نشر في البديل يوم 28 - 07 - 2015

مع أواخر القرن التاسع عشر، بدأت الحداثة تدق أبواب منطقتنا العربية بقوة، طارحة العديد من التساؤلات المرتبطة بالهوية والعقلانية وعلاقة الدين بالمتجمع، ورغم ظهور العديد من المشاريع التنويرية التي تسعى لتجديد الفكر والخطاب الديني إلَّا أن هذه المشاريع تم وأدها عن طريق تحالف التيارات السلفية مع المحتل الأجنبي ومن بعده الأنظمة الحاكمة.
على الجانب الآخر طرحت هذه الإشكالية على الدول والمجتمعات الإسلامية غير العربية، أبرزها وأقربها لمنطقتنا العربية إيران، ومن أهم الأطروحات الإيرانية التي سعت إلى تقديم مشروعات تجيب على أسئلة الحداثة أطروحة المفكر عبد الكريم شروس، الذي اختارته مجلة "الفورين بوليسى" ضمن المفكريين العشرة الكبار في العالم عام 2009.
تعرف شروس على نتاج الفكر الغربي من خلال دراسته ببريطانيا للصيدلة وللعلوم الفلسفية، عمل بعدها لفترة كعضو في لجنة الثورة الثقافية الإسلامية، التي جاء اختياره بها بناء على توصية من الإمام الخميني، ما مكنه من سبر غور السياسة الإيرانية القائمة على فكرة ولاية الفقيه، ليضع يده على الأمراض التي تعتري الخطاب الديني الشيعي والإسلامي بوجه عام.
يقدم عبد الكريم شروس مشروعه لتجديد الفكر والخطاب الديني من خلال نظرية أطلق عليها اسم "القبض والبسط"، وقد استعار هذين المصطلحين من الصوفية، والقبض والبسط عند أهل التصوف هما حالتان تتعاقبان على القلوب تعاقب الليل والنهار، فإذا غلب حال الخوف على القلب كان مقبوضًا، وإذا غلب حال الرجاء عليه كان مبسوطًا، وبناء على هذا المعنى للقبض والبسط أسس شروس نظريته التي تقوم على انقباض وانبساط المعرفة الدينية، حيث يرى شروس أن الدين ثابت لا يتغير بتغير الزمن، لكن المعرفة الدينية بشرية قابلة للتغيير، أي أنها نسبية كسائر المعارف البشرية، وحيث إن هذه المعارف تتعرض للتغيير فالمعرفة الدينية هي أيضًا تتغير، ويقول شروس: "القبض والبسط هي ذلك النوع من المعرفة البشرية الخاضع للتطور والتغيير والتبدل بتفاعله مع العلوم الأخرى، أي أن المعرفة الدينية لأي إنسان وفي أي عصر تنقبض وتنبسط بحسب مجموع معلوماته ومعارفه البشرية، وأينما وقع تغير في جزء سيصيب التغير للكل".
ويؤكد سروش أن النصوص الدينية هي نصوص صامتة، وكل من ادعى الحياد في قراءتها كما هي فقد فشل، فقراءتنا لها دائمًا مرتبطة بمفاهيم مسبقة خارجة عنها؛ لاختلاف الزمان وتبدل الأحوال وغرض القارئ من قراءته، فالحقائق تختلط وتتعدد لمقروء واحد، فالنص لا يحمل معه وعلى أكتافه المعنى، فهو رهين بالمعارف من حوله، والأسئلة الجديدة التي يعجز عن إجابتها تدعونا إلى تبني خطاب جديد يدرك المعارف الجديدة في دوائر علم الاجتماع والإنسان والأديان.
ومن هذا المدخل يؤسس شروس للقاعدة الثانية في نظريته التي يتحدث فيها عن كون تطور المعارف، ومنها المعرفة الدينية، وتغيرها وفقًا لوعى الإنسان يجب التعامل معها باعتبارها قاعدة ثابتة وراسخة، ولذلك يصبح الدين وتطور المعرفة هما الأمرين الثابتين فقط وما دونهما متغيرًا، ليصل سروش إلى صلب نظريته، وهي أن جميع المعارف البشرية بما فيها الدينية مرتبطة ببعضها، خاصة أن حدوث أي تغير في أحدها يعني بالضرورة تطور في الأخرى، بما في ذلك معرفة الإنسان بدينه، وتكون النتيجة أن فهمنا وقراءتنا للدين سوف تتطور بحسب تطور العلوم البشرية الأخرى.
من هذا المنطلق يذهب شروس إلى أنه بما أن المعرفة الدينية أمر نسبي غير ثابت فإن هذا يخرجنا من الاعتقاد الاصطفائي، كالاعتقاد بالفرقة الناجية وما دونها في النار، هذا الاعتقاد يحول المجتمع لمعسكرات متقاتلة، ويوقف أي حركة باتجاه تطور المجتمعات وتنميتها، ويشير شروس إلى أن الركيزة الأساسية لتجديد الفكر والخطاب الديني، هى خلق مجتمع إسلامي يؤمن بالتعددية والاختلاف والحق في التساؤل بعيدًا عن سيطرة الفهم الأصولي لنصوص دينية، الذي يحتكر الحقيقة والتحدث باسم الله، وفي هذا السياق يقول: "إن التشيُّع والتسنُّن فهمان وقراءتان للدين، وليس أيٌّ منهما عينَ الإسلام النقي الخالص وذاته. كلٌّ منهما مزيج من حقٍ وباطل. كلٌّ منهما معرفة بشرية وبالتالي مشوبة بالنقص وعدم الكمال وقابلة للخطأ".
ويؤكد شروس على كون التعددية والاختلاف هى جوهر الإسلام، وكذلك باقي الديانات السماوية، مشيرًا إلى أن الله هو أول من أسس للتعددية ودعا لها، حينما أرسل الرسل والأنبياء لشعوب مختلفة برسالات مختلفة في الشرائع متفقة في الدعوة لله، ويرى شروس أن ثقافتنا الدينية تهتم للغاية بالجانب السماوي في حياة النبي، وتهمل الجانب البشري، رغم كون النبي منذ اللحظة الأولى من نزول الوحي يتعامل بثقافة عصره ويخاطب قومه بلغتهم، وجاء القرآن ليؤكد هذا فضرب لهم الأمثلة التي تعبر عن واقعهم المعاش، لذلك يجب أن يدرك الجميع أن جوهر الخطاب والفكر الديني في قدرته على التجدد والتطور وليس في الجمود.
وقد سعى شروس لتأسيس مشروع قادر على نقد كل ما هو ثابت في المجتمع دون مواربة، الأمر الذي أدخله في صراعات مع السلطة بداخل المجتمع الإيراني، خاصة بعد نشره عدة مقالات في مجلة (كيهان) الإيرانية، تتحدث عن القبض والبسط في الفكر الديني في الثمانينيات، مما دعاه لمغادرة إيران للولايات المتحدة.
وفي الولايات المتحدة الإمريكية قام شروس بالتدريس في عدد من الجامعات والمراكز العلمية الأمريكية، على رأسها جامعة جورج تاون كأستاذ زائر، حصل في عام 2004 على جائزة إيراسموس مقاسمةً مع كل من المفكر السوري صادق جلال العظم والمغربية فاطمة المرنيسي، وذلك عن كتاباتهم في مجال "الإسلام والحداثة" واهتمت الجائزة بتسليط الضوء عليه عام 2004، اختارته مجلة "الفورين بوليسى" ضمن المفکرين العشرة الكبار في العالم في عام 2009. له العديد من المؤلفات المترجمة نقل أغلبها للغة العربية المفكر العراقي أحمد القبانجي منها "الصراطات المستقيمة" "بسط التجربة النبوية" "القبض والبسط في الشريعة" "العقل والحرية" "السياسة والتدين" "الدين العلماني" "التراث والعلمانية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.