استفتاء تاريخي خاضته اليونان في مرحلة مفصلية يحدد مستقبل هذا البلد الذي أرهقته الديون وتبعاتها، لكن الشعب اليوناني لم يخيب أمال رئيس حكومتة "ألكسيس تسيبراس" في التصويت ب"لا كبيرة" على حد قوله أثناء دعوته للشعب للمشاركة في الاستفتاء. اليونان تقول "لا" أعلنت وزارة الداخلية اليونانية أن نتيجة فرز أكثر من نصف أصوات المشاركين في الاستفتاء أظهرت أن 61.21 في المائة يرفضون الخطة الأخيرة التي اقترحها الدائنون الدوليون لهذا البلد، وأشارت الوزارة إلى أنه "بعد ثلاث ساعات من انتهاء التصويت تمَّ فرز نصف الاصوات، وأظهرت النتيجة تقدم رافضي الخطة بنسبة 61.21 في المائة مقابل 38.74 في المائة لمؤيديها". تعليقات على النتائج اعتبر نائب وزير الاقتصاد الروسي "الكسي ليخاتشيف" أن "تقدم رافضي خطة الدائنين لليونان في الاستفتاء يعني أن أثينا قامت بخطوة على طريق الخروج من منطقة اليورو"، وأضاف أنه "يتوقع تراجع اليورو في بادىء الأمر مقابل الدولار لكن ليس بشكل كارثي"، وتابع "إذا استخلص الاتحاد الأوروبي العبر فإن ذلك سيؤدي إلى تصحيح الموازنة في منطقة اليورو وستعاود العملة الأوروبية الارتفاع"، ورأى "ليخاتشيف" أنه "في حال خروج اليونان من منطقة اليورو فإن دولا أخرى يمكن أن تحذو حذوها، ما سيؤدي إلى عواقب لا يمكن اصلاحها على الاتحاد الأوروبي وعلى اليورو". بدوره، أشار وزير الاقتصاد الألماني "سيغمار غابرييل"، إلى أنه "يصعب تصور إجراء مفاوضات جديدة بين الأوروبيين واثينا، بعد رفض غالبية اليونانيين خطة الدائنين بحسب نتائج الاستفتاء"، معتبرًا أن "رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس قطع أخر الجسور مع اوروبا". اعتبر رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو، ووزير مالية هولندا "يروين ديسلبلوم"، أن فوز "لا" في الاستفتاء "أمر مؤسف جدًا لمستقبل اليونان"، أما وزير المالية السلوفاكي "بيتر كازيمير" فقد اعتبر أن خروج اليونان من منطقة اليورو أصبح "سيناريو واقعيًا". بدوره وجه الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو"، تحية إلى الشعب اليوناني بعد رفضه خطة الانقاذ الأوروبية التي وصفها "بالارهاب الاقتصادي"، واعتبر "مادورو" أن الشعب اليوناني يستحق الحياة، وقال "اليوم اليونان قالت كلمتها في وجه الإرهاب المالي لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، لبرلين والعالم الأوروبي، والنخب في أوروبا"، معتبرًا أن "اليونانيون أكدو أن الشعب اليوناني لن يركع، والشعب اليوناني لديه الحق في الحياة وسوف يبني اقتصاده ويعيش حياته الخاصة". تظاهرت أثينا بعدم وجود أي مشكلة تعيق عودتها للتفاوض من جديد، حيث جاءت ردة فعل رئيس الحكومة اليونانية "تسيبراس" مفاجئة للجميع، فقد أكد لمواطنيه أن نتيجة الاستفتاء لا تعني أبدًا "قطيعة مع أوروبا"، بل بالعكس هى تعزيزًا لقدرة حكومته على التفاوض"، مضيفا "ستطرح هذه المرة مسألة الديون على طاولة المفاوضات". اليورو يتراجع تراجع سعر صرف اليورو أمام الدولار بعد ظهور النتائج الجزئية للاستفتاء في اليونان، والتي اظهرت رفض الغالبية لإجراءات التقشف الجديدة الواردة في خطة الدائنين الجديدة، كما تأثرت اسواق أسيا وتراجعت أيضًا، حيث خسرت اليوم الاثنين بورصة طوكيو 1.34 بالمائة، وبورصة سيدني 1.33 بالمائة، وسيول 0.74 بالمائة، وبعد ساعة تراجعت بورصة هونج كونج بعد افتتاحها بنسبة 3 بالمائة. تبعات الاستفتاء أعلن وزير المالية اليوناني "يانيس فاروفاكيس" استقالته غداة رفض غالبية اليونانيين خطة الدائنين في الاستفتاء، وأوضح "فاروفاكيس" على مدونته الالكترونية أنه "بعد إعلان نتائج الاستفتاء تبلغت بأن بعض اعضاء مجموعة اليورو والشركاء يفضلون غيابي عن الاجتماعات، وهي فكرة رأى رئيس الوزراء أنها قد تكون مفيدة من أجل التوصل إلى اتفاق، ولهذا السبب أغادر وزارة المالية اليوم"، مؤكداً أنه "سوف اتحمل باعتزاز كراهية الدائنين"، ورأى "فاروفاكيس" أن نتيجة الاستفتاء لها قيمة مهمة مثل كل المعارك من أجل الحقوق الديموقراطية، مضيفاً أن "الشرعية الكبيرة التي منحت لحكومتنا يجب توظيفها على الفور في نعم لحل مناسب"، داعيًا إلى اتفاق يتضمن "إعادة جدولة للدين وتخفيف للتقشف وإعادة توزيع لصالح الأكثر فقراً واصلاحات حقيقية". في نفس السياق استقال زعيم حزب الديمقراطية الجديدة الذي يعتبر كم أبرز أحزاب المعارضة "انتونيس سامارس" إثر هذه النتيجة "المخيبة" بالنسبة له. من جهة أخرى بدأ قادة الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين مشاورات مكثفة لتقييم انعكاسات الرفض الواضح لليونانيين عبر استفتاء لخطة الدائنين ولإعداد استراتيجية للمستقبل، واتفقا الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند" والمستشارة الألمانية "انجيلا ميركل" على وجوب احترام تصويت اليونانيين، وعلى الدعوة لقمة لمنطقة اليورو ستعقد غدّا الثلاثاء ببروكسل، كما أكدت المفوضية الأوروبية من جهتها انها "تحترم نتيجة الاستفتاء". اليونان نحو الخروج من "اليورو" بحسب مراقبين فلا خيار أمام اليونان سوى الخروج من منطقة اليورو وربما الاتحاد الأوروبي برمته، وربما تشكيل تحالفات جديدة مع دول كروسيا والصين، كما تعني "لا" التي فازت بالأغلبية في الاستفتاء انهيار المصارف المحلية ومعها سعر صرف العملة الوطنية وتضخم الأسعار على المدى القريب، لكن على المدى البعيد قد تستعيد اليونان سيادتها المالية والنقدية، حيث ستعاني اليونان سنوات صعبة ولكن اقتصادها قد يعود إلى النمو خلال عامين وفق تقديرات الخبراء. الخروج من منطقة اليورو سوف يُدخل اليونان في ضغوط وأزمات اقتصادية لبعض الوقت، لكنه في المقابل سيصيب منطقة اليورو بتخبط في أسعار العملة الأوروبية الموحدة والبورصة، بالإضافة إلى تهديد الاستثمارات الأوروبية في اليونان، واحتمال خسارة منطقة اليورو دولاً أوروبية أخرى، مثل إسبانيا المتضامنة مع نتائج الاستفتاء في اليونان.