«القطايف».. ملكة الحلويات الرمضانية بلا منازع، ارتبط ذكرها بالشهر الكريم، فلا يوجد بيت مصري يستطيع الاستغناء عنها خلال رمضان، كانت في البداية طعاما للملوك، حتى أصبحت اليوم لا تفرق بين غني وفقير، تبعث السعادة في بطون وعقول محبيها. تعد «القطايف» أحد الحلويات المفضلة لدى المصريين على المائدة الرمضانية، وتفنن فيها العرب من خلال حشوها بالعديد من المكونات اللذيذة والمتنوعة، بين المكسرات والجبن، والكريمة وغيرها. تعتبر «القطايف» من أقدم أنواع الحلوى العربية والشرقية على وجه الإطلاق، وتعددت الروايات حول تاريخ نشأتها، فقال بعض المؤرخين إن تاريخ إنتاجها يرجع إلى ما قبل اختراع الكنافة، أي في أواخر العهد الأموي وأول العباسي، وبالتحديد بين سنة 41 هجرية حتى 132. وأول من أكل القطايف في رمضان، كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك عام 98 هجريا، وفي روايات أخرى يقال إن موطنها الأصلي كانت الأراضي المصرية خلال العصر الفاطمي، بينما أشار آخرون أنها ترجع إلى العهد المملوكي، حيث كان يتنافس صانعو الحلوى في عمل أطيب الأنواع، فاخترع أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها في شكل مزين وجميل ليقطفها الضيوف، ومن هنا سميت ب«القطايف». حظيت القطايف بمكانة مهمة في التراث الشعبي والعربي، فكانت ولاتزال من عناصر فلوكلور الطعام خلال شهر رمضان، ويختفى هذا الطبق الشهي مع أول أيام العيد مودعا المائدة العربية والمصرية لعام كامل حتى يعود مع الشهر المبارك. ومن الطرائف التي لا يعرفها الكثيرون، وجود عداوة بين الكنافة والقطايف في الوسط الثقافي والشعري في التراث العربي، حيث تغنى بعض الشعراء العرب بالكنافة، بينما تغنى آخرون بالقطايف، كالشاعر أبو الحسين الجزار الذي كان يعشق القطايف، بينما فضّل ابن الرومي الكنافة. تتكون القطايف من عجينة دائرية من الدقيق والحليب، ويضاف إليها القليل من الملح وبكربونات الصوديوم، ونصف كوب من اللبن الرائب، تكلفتها بسيطة وتحضيرها يستغرق حوالي دقيقتين أو ثلاثة على الفرن الدائري الخاص بها، وتقدم غالبا محشوة بالمكسرات والزبيب، لكن البعض يتفنن في الحشو ويضع بداخلها الجبنة بأنواعها المختلفة، بينما يلفها آخرون على شكل قرطاس وحشوها بالكريمة أو المربي، كما يمكن أيضا حشوها باللحم المفروم. تنقسم القطايف إلى نوعين، الأول "الحمام" نوع العادي كبير الحجم إلى حد ما، ويتم حشوها بالزبيب والمكسرات في الغالب، أما النوع الثاني "العصافير" أصغر حجما من الأولى، ويتم حشوها بالقشطة، ولا يتم تسخينها بل تقدم نيئة، وهي منتشرة في الشام وفلسطين. يقول الدكتور هاني عبد اللطيف، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، إن النشأة الحقيقة للحلوى في رمضان كانت في العصر العباسي، بالقطايف والكنافة والبغاشة، وجدت أثارها بكثرة في العصر العباسي، حتى الملوك العباسيين في رمضان حين يرسلون رسالة إلى دولة أخرى كانت مرفقة بطبق من الحلويات وكان يطلق عليها قديمًا "بغاشيات "، لكن تطور شكل القطايف واستخدامتها المتعددة كما هي في الوقت الحالي، فهذا يرجع إلى السوريين في العصور الحديثة أي في القرن ال21 ، موضحًا أن القطايف لدى الأمويين والعباسين كانت نوعا من الحلوى لأن العجينة الخاصة بها محلاه وهي بداخلها كانت تحشى بالمأكولات كالفراخ والأرز. وأضاف "عبد اللطيف" أن صناعة القطايف على وجه التحديد أثارت الأقاويل في العصر الأموي، وهناك بعض الكتب التاريخية التي ترصد بدايتها في العصر الأموي. وأوضح أستاذ التاريخ أن الحديث عن أصول ما نفعله في رمضان من عادات، يعد له فائدة كبيرة على الأجيال الحالية؛ حتى يعرفوا تراث الحضارات والأمم بشكل فيه اختلاف.