أول من طالته رقابة مصريو الخليج وتهمة الإساءة لسمعة مصر صاحب 3 أفلام من أهم 100 في تاريخ السينما المصرية تأخرت جائزة الدولة التقديرية كثيرًا عن شاعر السينما، المخرج سعيد مرزوق، (26 أكتوبر 1940 – 13 سبتمبر 2014)، كنا نتمني أن ينالها في حياته لتكون فرحة أخيرة في طريق حياة حافل بالمعاناة ختمتها سنوات من مكابدة ألم المرض الأخير. في فترة انحسار لمسيرة السينما المصرية؛ قدم مرزوق عددًا من أفضل أفلام عقدي السبعينيات والثمانينيات، وكانت المحطة الأهم في مسيرته الفنية، اختيار ثلاثة من أفلامه "زوجتي والكلب، أريد حلًا، المذنبون" ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. لفت الأنظار بفيلمه الروائي الطويل الأول «زوجتي والكلب»1971، كتب هو السيناريو والحوار، وقام ببطولته كل من سعاد حسني ومحمود مرسي ونور الشريف. أطلق فيه أسلوبه الذي امتاز بحرية التجريب في اللغة السينمائية، وانشغل بتحليل دواخل النفس البشرية وتناقضاتها، وبلغ تأثير فيلمه «أريد حلًا»1975، بطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة وقصة الكاتبة حُسن شاه، مدى كبيرُا في التنبيه لمعاناة النساء في قانون الطاعة وكان له دورًا في تغيير قانون الأحوال الشخصية. في العام التالي تعرض فيلمه "المذنبون" لسيف الرقابة والمنع لكشفه مظاهر الفساد المجتمعي، حيث قبض عليه مرتين، وحقق معه أمن الدولة بتهمة الإساءة لسمعة مصر، بعد شكاوى مصريون في الخليج من أنه يشوه صورة مصر، فتمَّ رفعه من دور العرض، وأقيلت «اعتدال ممتاز» رئيس جهاز الرقابة حينها، ومعها 14رقيبًا. واصل «مرزوق» انحيازه لتقديم قضايا اجتماعية خاصة مشاكل النساء ومن وجهة نظرهن، منها: إنقاذ ما يمكن إنقاذه (1985)، أيام الرعب (1988)، المغتصبون (1989، الدكتورة منال ترقص (1991)، هدى ومعالي الوزير، السلاحف (1996)، المرأة والساطور 1997، جنون الحياة (1999) وقصاقيص العشاق (2003(. هو ابن التجربة والتكوين الحر، لم يدرس السينما التي عشقها طفلًا يسكن بجوار استديو مصر، ثم صبيًا سحره فيلم "الوصايا العشر" للمخرج سيسيل دي ميل، وقد شاهد تصويره في صحراء الهرم، ورغم أن صعوبة أحوال حياته ماديا منعته من فرصة دراسة السينما، إلا أنه اختار أن يثقف نفسه عبر قراءات موسعة ودراسة الأفلام نفسها. في السابعة عشرة من عمره عمل بوظيفة في الإذاعة ليعول عائلته بعد رحيل الوالد، وتميز في وضع موسيقي الأعمال الفنية وصولا إلى الأفلام، وعمل مخرجًا في التلفزيون المصري منذ عام 1964. وأخرج عدة أعمال، منها مسلسلًا تلفزيونيا من ثلاثة أجزاء بعنوان "حكاية وراء كل باب" 1979، بطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة. بداية مشواره كان قد أخرج عدة أفلام تسجيلية وروائية قصيرة، منها: أعداء الحرية (1967)، الذي نال جائزة مهرجان "لايبزج" في ألمانيا. أنشودة السلام (1965)، طبول (1968)، دموع السلام (1970)، الذي اختير أفضل فيلم عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، رغم اعتماد «مرزوق» على بواقي قصاصات أهملها المخرجون الذين صوروا الجنازة، ليقدم منها ومن خطب الزعيم، فيلمًا يصور ناصر وهو يطل على الحشود في جنازته، يخطب برسالته الأخيرة: «مصر باقية بعدي» في اقتباس بصوته من إحدى خطبه.