نشر تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط لا يستهدف تدمير بعض الدول العربية الممانعة أمثال سوريا والعراق فقط، بل أيضا تدمير محور المقاومة وتفكيك ترابطه، بل وهدم خيار الكفاح المسلح من الأساس، ولعل هذا يتضح جيدا من خلال رصد محاولات إسرائيل المتواصلة لتشويه صورة المقاومة وكسر شوكتها التي طالما وقفت في حلق الكيان الصهيوني وحالت دون سيطرته على المزيد من الأراضي الفلسطينية واللبنانية، حيث يسعى الاحتلال لزرع تنظيم "داعش" الإرهابي داخل الأراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة، ليكون حجة وسببًا في استهداف الكيان الصهيوني للقطاع وبالتالي المقاومة الفلسطينية. أعلن جيش الاحتلال مساء الأربعاء الماضي، سقوط ثلاثة صواريخ في مناطق مفتوحة بمجلس مستوطنات "شاعر هنيغيف" وقرب عسقلان، فيما قال بيان للشرطة إنه تم تشخيص انطلاق 3 صواريخ من القطاع واحد باتجاه عسقلان، واثنان باتجاه شاعر هنيغيف. اتخذ الكيان الصهيوني من مزاعم إطلاق الصواريخ مبررا لما أسماه بالرد على الصواريخ المنطلقة من القطاع، حيث شنت الطائرات الحربية سلسلة غارات على قطاع غزة فجر الخميس الماضي استهدفت خلالها مواقع للمقاومة الفلسطينية دون وقوع إصابات، وقال شهود عيان إن الطائرات الحربية من نوع "اف 16″ أطلقت صاروخا واحدا على الأقل باتجاه موقع الخيالة التابع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الواقع في منطقة المقوسي شمال غرب مدينة غزة، كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية بصاروخين موقع أبو جراد التابع لكتائب القسام وسط مدينة غزة مما أدى إلى دمار كبير في المكان دون وقوع إصابات، وفي غارة ثالثة استهدفت الطائرات بصاروخين موقع للتدريب يتبع لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في محررة حطين بصاروخين غرب مدينة خانيونس. وفي السياق ذاته، علق مسئول كبير في حركة "حماس" على الأحداث قائلاً، "لسنا نحن الذين أطلقنا الصواريخ، من استهدف إسرائيل هو تنظيم سلفي يحاول جر المنطقة إلى حرب ووضع تحدي أمامنا". قبل أيام أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي على نحو صريح وجوده في قطاع غزة، مؤكدًا أن له عناصر واتباع ينفذون عمليات بإمرته تحت مسمى "جماعة أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس"، جاء ذلك بعد أن أعلن الناطق باسم الداخلية في غزة مقتل أحد العناصر التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي. حركة "حماس" وصفت العنصر المقتول التابع ال"داعش" والذي يدعى "يونس الحنر"، بالخارج عن القانون، وقالت أن علم "داعش" مرسوم على جدار غرفته، ويقال عنه إنه مقرب من التنظيم، وعثر على أسلحة وأحزمة ناسفة وعبوات وقذائف في منزله أثناء عملية مداهمة من قبل قوات الأمن الفلسطينية. تأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إصدار التنظيم بياناً يتبنى فيه استهداف القيادي في حركة "حماس" صابر صيام، بعبوة ناسفة أثناء وجوده في محله التجاري في غزة، واستهداف "داعش" للقيادي التابع لحركة "حماس" ليست المرة الأولي التي يستهدف فيها التنظيم الإرهابي حركات المقاومة الفلسطينية، فالخلاف بين التنظيم والحركة يتجاوز حدود القطاع ليصل إلى مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق، حيث المعارك العنيفة هناك. استكمالًا للمخطط الصهيوني الهادف إلى زرع "داعش" في قطاع غزة لتقوم بعمليات قصف وهمية للكيان الصهيوني، فيتخذ الكيان هذا القصف سببًا لقصف القطاع والمقاومة، قال وزير الدفاع الصهيوني "موشيه يعالون" إن "إسرائيل تعتبر حركة حماس المسئولة عما يجري في قطاع غزة"، وأضاف "حتى إذا كانت جماعة من المحسوبين على حركات "الجهاد العالمي" هي المسئولة عن إطلاق القذيفتين الصاروخيتين، إلا أن إسرائيل تعتبر حركة حماس المسؤولة عما يجري في قطاع غزة"، وتابع يعالون "لا أنصح أحدًا باختبار صبر إسرائيل إزاء الإرهاب إذ أنها لن توافق على العودة إلى واقع يستمر فيه إطلاق النار على أراضيها، إذا اقتضت الضرورة ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي سيرد بقوة أكبر على مثل هذه الاعتداءات". تنظيم "داعش" كان ولازال تستخدمه أمريكا وإسرائيل لتفتيت الدول وتفكيكها، حيث يقومون بزرع عناصر من التنظيم في الدولة المستهدفة ثم يطلقون الحملات والتحالفات الدولية لمحاربتها ظاهريًا بهدف وضع يدهم على الدولة ذاتها مثلما حدث في سوريا والعراق. المتابع لتاريخ ظهور "داعش" يجد أنها لم تهاجم ولو لمرة الكيان الصهيوني أو أمريكا وحلفائها، ولم تظهر على ساحة القتال بشكل واضح، ولم تعلن في أي وقت نيتها دخول فلسطين لتحريرها من الكيان الصهيوني المغتصب، والسبب بسيط وهو أن "داعش" تأتمر بأوامر أمريكا وإسرائيل.