جاءت كارثة منجم سوما، التي راح ضحيتها أكثر من 300 من عمال مناجم الفحم، لتوجه ضربة قاسية لحكم رئيس الوزراء التركي حينئذ "رجب طيب أردوغان" وحزبه المستمر منذ أكثر من 11 عاما، ولتعيد تركيا إلى أجواء التوتر والاستقطاب، وقد أجلت محكمة تركية الشهر الماضي النظر في القضية التي تعد أسوأ كارثة صناعية أسفرت عن مصرع 301 عاملا بالمنجم قبل حوالي سنة في سوما، من أجل ضمان مثول المتهمين الثمانية الرئيسيين الذين لم يكونوا حاضرين في الجلسة، مما أثار احتجاجات. يلاحق القضاء في هذه المحاكمة 45 شخصا منهم أكبر ثمانية مسؤولين في الشركة المستثمرة للمنجم بتهمة الإهمال المتعمد لسلامة عمالهم في إطار سباق محموم لتأمين وجني الأرباح، وفي هذا السياق، قالت صحيفة "توداي زمان" التركية إن مع مرور الذكرى الأولى لكارثة التعدين "سوما" في تركيا، والتي خلفت 301 قتيلا، لا تزال أوضاع العمال في حالة يرثى لها، حيث إن العمال الناجين من الكارثة تم تسريحهم من شركة التعدين، وينتظرون بفارغ الصبر التئام جروحهم. وتوضح الصحيفة أنه في 13 مايو 2014، صدمت تركيا بوقوع انفجار وحريق في منجم فحم سوما، في بلدة غرب محافظة مانيسا، مما تسبب في مقتل 301 عامل لم يتمكنوا من التنفس وأصيبوا بالتسمم لأستنشاقهم اول أكسيد الكربون، ويقول "إسماعيل كولاك" أحد العمال الناجين من الكارثة، إن الدولة مسؤولة عن ما حدث، كما أنها فشل في ضمان تأمين اجراءات السلامة الضرورية تجاه المنجم. وتلفت "تودي زمان" إلى أنه بعد عام من وقوع الكارثة ارتفعت نسبة البطالة في قطاع التعدين، حيث قامت الشركة المسؤولة عن المنجم بتسريح نحو ألف عامل، وقد غادروا المدينة للبحث عن أماكن أخرى للعمل، والكثير منهم الآن يعملون في المقاهي التقليدية أو مشاريع البناء، مضيفة أن الدولة عقب الحادث لم تتخذ أي خطوات لمواجهة أوجه قصور السلامة في مناجم الفحم الأخرى والتي لا تزال تشكو من المخاطر الجدية على حياة العمال. يذكر أن شروط ومعايير السلامة في قطاع التعدين التركي دون المستوى ولا مراقب عليها منذ بداية سياسة الخصخصة المنتهجة من قبل الحزب الحاكم، وخاصة في قطاع التعدين، ففي المنجم نفسه تم خفض تكلفة إنتاج طن الفحم من 130دولار إلى 24 دولار وكانت هذه النسبة تم خصمها من رواتب العمال ومن تكاليف الأمن الصناعي داخله، ويذكر أيضا أن هذا الحادث ليس الأول في قطاع التعدين التركي، فكان هناك حوادث مشابهة في الماضي القريب لعل أشهرها الحادث الذي وقع في منجم زونفولد شمال البلاد عام 1992والذي نتج عنه مصرع 263 عامل في انفجار غاز مشابه، وقبل حادث منجم سوما بعدة أشهر تظاهر مئات عمال الفحم في منجم في مقاطعة زونجلداك مطالبين بتحسين ظروف عملهم وضمان سلامتهم، كما قدم استجواب في البرلمان التركي في نهاية إبريل الماضي حول معايير الأمان في منجم سوما ولم يتم مناقشته بعد أن رفض من أغلبية الأعضاء.