يعد إحراق دمى "اللورد أللنبي" أحد أهم وأعرق التقاليد المرتبطة بأعياد الربيع وشم النسيم في محافظات مدن القنال، في عادة سنوية تمتد لأكثر من قرن، من خلال احتفالية شعبية يشارك بها كافة فئات المواطنين ، لاحياء ذكرى تستهدف التنديد بالإحتلال الإنجليزي وحرق اللورد "إدموند هنري ألنبي"، المندوب السامي لبريطانيا في مصر، إبان ثورة 1919، رمز الاحتلال الإنجليزى، والذى كان يتسم بالبطش. حيث تختلف احتفالات شم النسيم فى محافظات مدن القناة الثلاث: "السويس- الإسماعيلية- بورسعيد" عن باقى المحافظات فى بعض العادات والتقاليد التى ترتبط بتراث وتاريخ المحافظات، حيث تبرز احتفالات "السمسمية " وحرق "اللمبى" فى هذه الاحتفالات كعادات خاصة فى هذا اليوم، بينما تتشارك مدن القناة مع باقى محافظات الجمهورية فى "الفسيخ والرنجة" والتنزه بالحدائق العامة والمصايف. يقول "عادل شكوكو" أحد أبناء حي المحطة الجديدة بالإسماعيلية وأحد أعرق أحيائها، إنهم تعودوا منذ الصغر على تنظيم حفلات سمر ليلية في "شم النسيم" ثم يحرقون في الساعات الأولى من اليوم التالي تلك الدمى . وأشار "شكوكو" إلى أن الوضع لم يعد كما كان بسبب تشديدات الأمن على تلك الحفلات، بالإضافة إلى الخوف من إشعال الحرائق ووجود "مواسير" الغاز الطبيعي في كل مكان بالمحافظة، وهو ما يجعل قوات الأمن والمطافئ والإسعاف تطارد تلك الدمى . وأحيى حفلات هذه السنة في الإسماعيلية نجوم في الغناء الشعبي، مثل "سمسم شهاب وعصام ربيع وأحمد الأسمر"، إضافة إلى فرق السمسمية والضمة المعروفة، وتركزت معظم الحفلات بمنطقة المحطة الجديدة، أحد أقدم المناطق بالإسماعيلية، وذلك على الرغم من رفض مديرية الأمن تأمين تلك الحفلات والتوصية بإلغائها . وتطور فن صناعة دمى "اللورد أللنبي" في محافظتي الإسماعيلية وبورسعيد، بينما قل الاهتمام بهذه العادة في محافظة السويس، وبعدما كان التقليد الأصلي هو حرق "اللورد اللنبي"، استمر أهالي محافظات القناة في حرق دمى في نفس التوقيت يمكن أن ترمز إلى ظالمين أو أعداء من وجهة نظرهم . نرى في الإسماعيلية على سبيل المثال اتخذت دمية "اللورد أللنبي" شكل بعض الحكام الرياضيين ورموز سياسية ل "أمريكا والكيان الصهيوني"، ووصل إلى رموز نظام مبارك ورموز مرسي . بينما تطور الوضع في محافظة بورسعيد لتجسيد مشاهد كاملة بالدمى لرفض مشهد سياسي أو اجتماعي يعتبر مرفوضًا طبقًا للأعراف داخل مجتمع القنال . على الجانب الآخر ظلت الدمى في محافظة ك الإسماعيلية، مجرد رمزية من قماش وقش أو مواد سهلة الاشتعال، فيما يتم رسم أو طباعة الملامح، بينما في بورسعيد وصل الحال إلى تطوير كامل في صناعة الدمى واستخدام السيلكون والبلاستيك حتى أصبحت صناعة الدمى فنًا تعمل به محال بأكملها طوال السنة ويظهر بإتقان . وهذا العام سيطرت الأحداث الجارية على صناعة تلك الدمى، فأحرقت مدن القنال شخصيات اعتبارية لبعض المنتمين لصفوف التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش" . وتعود قصة تلك الدمى إلى شخصية "إدموند هنري هاينمان أللنبي Edmund Henry Hynman Allenby" هو ضابط بريطاني اشتهر بدوره في الحرب العالمية الأولى، استولى على فلسطين وسوريا عام 1918 و 1917، عاش في ثلاثينيات القرن الماضي، وعمل كمندوب سامي بريطاني في مصر، وكانت رتبته " فايكونت أول " . ولد " أللنبي " في أسرة لها قدر من الثراء ذات ارتباط بالكنيسة الإنجيلية الشرقية في 23 إبريل 1861، وتخرج من الكلية العسكرية الملكية في "ساند هيرست" عام 1881، انضم إلى فرقة "فرسان إنكلسينج السادس" المتواجدة بإفريقيا، حيث خدم لمدة 6 سنوات في "بيتشو آنلاند والزولو لاند" ثم التحق بعد ذلك بكلية الأركان في "كامبرلي" بإنجلترا، وبعدها عاد إلى جنوب إفريقيا ليشارك في حرب البوير "1899 – 1902″، وكان معروف عنه قسوته وشدته مع العرب والمصريين، واضطهاده لأبناء إقليم القنال . ويعد ظهور تقليد دمية " أللنبي " وحرقها على إثر فرض القوات البريطانية لحظر التجول في مدن القنال، إلا أن أهالي القناة رفضوا الحظر وأثناء تجوله راكبًا أحد المراكب في قناة السويس خرج أهالي مدن القناة الثلاث، واعدموا دمى كبيرة ترمز له، وقاموا بإحراقها أمامه . وتصاعدت الاحتجاجات الشعبية حتى تم عزله عن العمل كمندوب سامي في مصر، وعاد إلى بلاده بعد تقاعده عام 1925 عن العمل في مصر، وعاد إلى إنجلترا وقضى فترة وجيزة كرئيس جامعة "أدنبرة"، وتوفى في 14 مايو 1936 عن عمر يناهز 75 سنة ودُفن في "كنيسة وستمنستر" . وبعدها استمر التقليد سنويًا كنوع من المقاومة والنضال على مر تاريخ مصر ومدن القنال الباسلة، حيث تم اتخاذ دمية اللورد "أللنبي" رمزًا لمناهضة الفساد والظلم والطغيان داخل مدن القنال .