تزامنا مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقررة 17 مارس الجاري، شهدت ميادين تل أبيب خلال الأيام القليلة الماضية عدة تظاهرات تجمع خلالها الآلاف يطالبون بالتغيير ورحيل "بنيامين نتنياهو"، الذي جعل كل وقته مخصصا لمهاجمة إيران وبرنامجها النووي، دون الالتفات إلى المشاكل الداخلية والأزمات التي يمر بها الكيان الصهيوني من غلاء في الأسعار خاصة الشقق السكنية، وطرد مئات العمال من المصانع، الأمر الذي دفع عشرات الآلاف للتظاهر في تل أبيب تحت شعار "إسرائيل تريد التغيير". زاد خطاب رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني "بنيامين نتنياهو" في الكونجرس الأمريكي خلال الأسبوع الماضي من وتيرة الغضب على المستويين السياسي والمجتمعي، حيث وجه العديد من قادة الأحزاب اليسارية انتقادات حادة لرئيس الحكومة بعد خطاب الكونجرس، لاسيما وأنه جاء على غير رغبة الإدارة الأمريكية، معربين عن تخوفهم من مستقبل العلاقات بين واشنطن وتل أبيب بعد خطاب "نتنياهو"، أما على الصعيد المجتمعي فقد أعرب العديد من الذين شاركوا في التظاهرات والاعتصامات التي شهدها ميدان روتشيلد عن استيائهم من سياسات حكومة "بنيامين نتنياهو"، حيث تتجاهل الأوضاع الداخلية وتستمر في الحديث عن البرنامج النووي ومخاطره على تل أبيب منذ عدة سنوات. الاحتجاجات والاعتصامات التي شهدتها تل أبيب على مدار الأيام الماضية، أكدت مجددا أن التظاهرات الواسعة التي بدأت منذ 4 سنوات في صيف 2011 الماضي لم تنته وأنها ما زالت مستمرة، لكن هذه الأيام يضاف إليها سببا آخر وهو طرد مئات العمال من المصانع وفقدانهم للوظائف التي يعملون بها، الأمر الذي يعني إلقاء مئات الأسر والعائلات على أرصفة الطرقات دون مصدر دخل تعيش منها، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الشقق السكنية. شارك في احتجاجات الأيام القليلة الماضية بوسط تل أبيب العديد من القيادات السياسية والمنظمات الإجتماعية، وظهر جليا رئيس الموساد السابق "مائير داجان" في قلب هذه التظاهرات، موجها انتقادات شديدة اللهجة لرئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، واصفا إياه بأنه "يحارب على جبهة واحدة وهي بقاؤه في السلطة"، معربا عن تخوفه من توجهات رئيس الحكومة الذي يفتقد للرؤية قائلا " أخشى تلاشي الرؤية وضياع الطريق، أو التردد والجمود، وأكثر ما يخيفني هو أزمة القيادة التي تعتبر الأشد خطورة"، مؤكدا أن شعار حكومة "نتنياهو" الذي دائما ما تتفاخر به وهو حفظ الهدوء وتوفير الأمن كاذب ولا أساس له، مستشهدا بنتائج الحرب الأخيرة التي خاضها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة قائلا "إن الحرب انتهت ب صفر إنجازات وصفر ردع". بجانب هذه الاحتجاجات والتظاهرات التي تنادي برحيل "نتنياهو" وحكومته في ميادين تل أبيب، أكد استطلاع للرأي أجرته الإذاعة العبرية الأسبوع الماضي تقدم تحالف المعسكر الصهيوني بقيادة "تسيبي ليفني واسحاق هرتسوج" على حزب الليكود تحت قيادة "بنيامين نتنياهو"، حيث حصل الأول على 24 مقعدا، بينما الأخير حصد 22 مقعدا فقط، الأمر الذي يشير إلى تراجع شعبية حزب رئيس حكومة الاحتلال، كذلك ارتفع رصيد القائمة العربية المشتركة وحزب هناك مستقبل تحت قيادة "يائير لابيد" ليصل إلى 12 مقعد لكل منهما. على الرغم من تراجع شعبية حزب رئيس الحكومة الصهيونية "بنيامين نتنياهو" في استطلاعات الرأي الأخيرة، إلا أن المنافسة التي تخوضها قوى المعارضة الإسرائيلية بزعامة وزيرة الخارجية المُقالة "ليفني" وزعيم حزب العمل "هرتسوج" صعبة للغاية، وحظوظ اليسار فيها محدودة برغم تراجع شعبية حزب الليكود، نظرا لوجود عدة عوامل أخرى مؤثرة في انتخابات الكنيست المقبلة، لا سيما وأن التيار اليميني لا يزال يتصدر المشهد السياسي في تل أبيب حتى الآن، كما أن اليسار يحتاج إلى مزيد من التحالفات واتفاق في الرؤى بين قياداته السياسية من أجل الانتصار في المعركة الانتخابية.