المشاط: موقف مصر ثابت تجاه قضية غزة    عقوبات الجيش الملكي.. الزمالك يواجه سموحة.. حديث حسام حسن وتريزيجيه| نشرة الرياضة ½ اليوم    ضبط نصاب بالإسكندرية يدعي قدرته على العلاج الروحاني    محافظ دمياط يشارك أقباط المحافظة احتفالات عيد الميلاد بكنيسة الروم الأرثوذكس (صور)    البنك المركزي يكشف أسباب تراجع معدل التضخم في مصر    اخر تطورات سعر الدولار اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 في البنوك    السفير التركي لدى ليبيا: سنقدم تقريرًا كاملًا حول حادث تحطم طائرة محمد الحداد    دميتروك: زيلينسكي أهان المؤمنين بتصريحاته حول الموت في عيد الميلاد    لأول مرة... مجموعة مسلحة موالية لإسرائيل تجبر سكاناً على النزوح في غزة    سيناريوهات التعامل الفلسطيني مع خطة ترامب وقرار مجلس الأمن بشأن مستقبل غزة    بصورة محمد صلاح والسقا.. الدوري الإنجليزي يشعل موقعة مصر وجنوب أفريقيا    وكيل تعليم القاهرة تتفقد وتفتتح معرض الفنية وتتابع استعدادات امتحانات حدائق القبة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    اصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص على طريق المنصورة - دمياط    النقض تحدد أولى جلسات طعن عمرو دياب في واقعة صفع شاب في إحدى حفلاته    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    بسبب الكلاب الضالة.. ضبط شخصين تعديا على جارهما في المنتزه    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    معهد «الصناعات الكيماوية» ينظم مؤتمرًا بالقومي للبحوث عن دعم المنتجات الوطنية    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    بعد أزمة ريهام عبدالغفور.. تصعيد جديد من المهن التمثيلية    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    اسعار كرتونه البيض اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحياء غزة يسكنون المقابر
نشر في البديل يوم 08 - 03 - 2015

في بعض الأحيان، ربما تتساوى الحياة مع الموت في قطاع غزة، القطاع الذي بتر الاحتلال الإسرائيلي ساقه حتى غدا فاقداً توازنه ومقدرته على العيش الكريم. في قطاع غزة، أصبحت المقابر مأوى جديداً للعديد من العائلات التي فقدت بيوتها في الحرب الأخيرة عليه. فكيف يستطيع الأحياء أن يعايشوا فكرة الموت في صحوهم ونومهم؟ هل تعرفون أن قطاع غزة فيه من يموت مرتين؟ نعم، هناك من يموت مرتين فعلاً، وربما هناك من لا يعيش الحياة حتى لو كان يتنفس جزءاً من هوائها المليء بالرماد والفوضى. ومؤخراً، تم الكشف عن عدد كبير من العائلات التي أصبح مسكنها المقابر نظراً لخسارتهم الأخيرة لبيوتهم ومآويهم خلال الحرب الأخيرة على القطاع. وقد تم التحدث مع هذه العائلات بعد أن كشفت البديل في غزة هذه الصورة الضخمة من المأساة والحزن الذي يحطم القلب الإنساني.
أجرى طاقم البديل حواراً مع أم علي، المرأة التي تربي أربعة أبناء لها في غرفة صغيرة بجانب بعض القبور، والتي قالت: "ماذا سنفعل إن حطَّم العدو بيتنا، دون أن نجد من يلم شملنا القديم في مكان غير هذه المقابر؟". ربما لم تجد أم علي من يمنحها بيتاً دافئاً كبيتها الذي كسرته الصواريخ وأجهضته مدافع العدو الصهيوني. وأضافت أم علي إلى قولها: "أن أعيش بين الأموات ربما يكون متساوٍ بطريقة ما مع المعيشة بين الأحياء الذين لم يشعروا بنا عندما رحلنا من بين الركام". هذه المرأة عظيمة بالطريقة التي جعلتها تتخلى عن العيش بين أولئك الأحياء الذين لم يشعروا بدور الحياة القاسي تجاه هذه العائلة التي ستبقى كريمة على مر الزمن.
أما عن المواطن خميس كحيل (27 عاما) فلم يجد مأوى له ولعائلته سوى خيمة صغيرة داخل أحد المقابر وسط مدينة غزة. ويقطن كحيل برفقة زوجته وثلاثة من أطفاله داخل الخيمة التي أقامها بين قبرين للموتى يلفها النايلون المقوي وسقف من الصفيح بعد أن فقد غرفتين من الاسمنت كان قد بناهما في أطراف المقبرة في غارة إسرائيلية استهدفتهما خلال الحرب الأخيرة على القطاع.
ويجاور كحيل وعائلته في السكن داخل المقبرة 15 عائلة أخرى تعيش في غرف من الصفيح ويعاني أفرادها أوضاعا اقتصادية صعبة وفقراً مدقعاً. وتقتات تلك العائلات على بقايا طعام العائلات ميسورة الحال وخضروات شبه فاسدة يجدونها هنا وهناك.
ويشكو كحيل قلة العمل في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر وإن وجد عملا "يكون بأجر زهيد لا يسد رمق العائلة". ويرفض كحيل اعتبار المبنى الذي كان يسكن فيه وعائلته قبل القصف الإسرائيلي مخالفا، ويشكو من "تقصير المسؤولين الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية والخيرية العاملة في قطاع غزة بعدم التوجه إليهم لحصر الأضرار وتعويضهم أو إعادة بناء منزله أسوة بمن دمر منزله خلال الحرب الأخيرة على غزة".
أما عن المواطن محمد النجار فقد ناشد حكومة التوافق الوطني بأن تقف عند مسؤولياتها تجاه أبناء الشعب الفلسطيني قائلاً: "نحن لا نريد شعارات ونريد أن تبدأ حكومة التوافق بخطوات عملية على الأرض من شأنها أن تغير أحوال الفلسطينيين عموماً وأبناء غزة على وجه الخصوص، لا سيما وأنَّ غزة تتعرض كل يوم لشكل جديد من أشكال المعاناة والقسوة التي يحيكها ويسقطها العالم عليها"، ودعى النجار الحكومة بأن توفر له منزل يأويه وعائلته من برودة الشتاء وحر الصيف وأن توفر له أدنى مقومات الحياة. وتابع النجار للبديل: "تصوروا فكرة العيش في مقبرة، هذا يعني أن يستيقظ أطفالك ليلاً مرعوبين من فكرة وجودهم بين الأموات، إضافة إلى الكلاب الضالة التي تكون في المحيط، وخطورة وجود الأفاعي والزواحف السامة"
أما عن زوجة المواطن النجار، فقد ناشدت الجميع "توفير بيت لها ولأطفالها مثل بقية أطفال العالم". وتقول الزوجة: "لا يوجد مكان لأطفالي للعب فيه سوى القفز على قبور الموتى فهو المتزه الوحيد بالنسبة لهم".
في المقابل، اعتبرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية أن سكن تلك العائلات في المقابر يمثل تعديا على حرمتها وحرمة الأموات. ويقول مدير الوزارة محمد سالم للبديل، إن جميع المقابر في قطاع غزة هي أراضي وقف إسلامي. ويضيف سالم: "ما يمنعنا من إزالة التعديات هو مراعاة حال الشعب الفلسطيني المحاصر، حيث لا يجد هؤلاء مأوى ولا ملجأ لهم وهم موجودون في هذه المقابر منذ عشرات السنين". وحول إمكانية إيجاد أماكن أخرى لإسكانهم فيها يوضح سالم: "الشعب الفلسطيني في قطاع غزة محاصر منذ ثماني سنوات وهذا الحصار ألقى بظلاله على المواطن وعلى الحكومات الفلسطينية المتعاقبة". ويضيف سالم: "إن وجود هؤلاء في المقابر هو انتهاك لحرمتها وعليهم أن يغادروها"، مشيراً إلى أنَّ وزارته لا تستخدم القوة معهم مراعاة لظروف الأمر الواقع التي يمر به الشعب الفلسطيني.
هكذا تطوي البديل حكاية أخرى من حكايات المعاناة والألم التي يعشيها شعب غزة الذي يواجه المخاطر بكلِّ أشكالها، والذي يعيد صياغة نفسه بسرد هذه المعاناة لكل العالم الإنساني محاولاً جلب الحب والحياة منه في الوقت الذي فيه تقع على عاتقه مجموعة من المؤامرات، وسيل من التعديات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.