انطلق اليوم، مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ال24 التابع لوزارة الأوقاف تحت عنوان عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه.. طريق التصحيح، الذي يستمر لمدة يومين بحضور ممثلين عن أكثر من 40 دولة ومنظمة؛ في محاولة جادة لتجديد الخطاب الديني، ونبش ما به من نصوص جامدة تعتمد عليها التنظيمات والجماعات المتطرفة لسفك الدماء، دون فهم صحيح لها أو وعي. ويناقش المؤتمر أسباب الانفصال بين عظمة الإسلام في التعامل مع الآخر والمختلف وسلوكيات المسلمين، والتوظيف السياسي للدين، إضافة إلى توضيح أخطاء المنتسبين إلى الإسلام على الصعيد الفكري والسلوكي، فضلا عن إبراز أخطاء الجماعات المحسوبة ظلمًا على الإسلام، كما يتطرق المؤتر إلى تجديد الفكر الديني، وتصحيح الصورة لدى المجتمعات العالمية عبر الوسائل والآليات المحددة، ووضع دراسة وثائقية وتحليلية لصورة المسلمين في العالم. محلب: الإسلام دين إنسانية وحضارة لا قتل ولا إرهاب قال المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، في كلمته خلال المؤتمر، إن الإسلام برىء مما ظهر مؤخرًا في واقعنا من أعمال إجرامية وغلو انتهجه المتشددون والمتطرفون، مما دفعهم لسفك الدماء، وقتل الأبرياء، وحرق الأسرى، مؤكدا أن كل هذا دخيل على ديننا وبلادنا وعاداتنا. وأضاف "محلب": «نعجب أشد العجب ممن ارتدوا عباءة الإسلام، وحفظوا كتاب الله، إلا أنهم يستدلون بنصوص ربما يكون بعضها من صحيح السنة، لكن دون أن يفهموها، الأمر الذي أدى إلى انحرافهم عن الفهم الصحيح، وتفسيرها بما يخدم مصالحهم الشخصية». وتابع، إن الإسلام دين إنسانية وحضارة ورقيٍ، سبيله البناء والتعمير، لا الهدم أو التخريب، ويهدف لعِمارة الكون لا الفساد والإفساد، موضحا أن ديننا الإسلامي يدعو إلى العمل والإنتاج والتمسك بِمقومات الحضارة التي من شأنها أن تنهض بأمتنا وتعلو ببلادنا، وأن الإسلام دين رحمة وسماحة، لا دين قتل أو إرهاب. «الأوقاف» تطالب بدشين قوة عربية مشتركة لمواجهة المخاطر من جانبه، أوضح الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن العالم سيرى في جلسات وبحوث وتوصيات المؤتمر العام الدولي ال24 للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية، تجديد حقيقي في الفهم والفكر واللباب لا الشكل والقشور، مضيفا: «نحن على العهد وسننجح في مهمتنا الصعبة واقتحام الملفات الشائكة، وسنفتح الملفات الصعبة في الخطاب الديني دون خوف أو تردد من التجديد». وأَكد "جمعة" خلال كلمته بالمؤتمر: "سنعلن للجميع ما يخدم صالح الدين والإنسانية، وسنعمل على تحديد واضح لمفاهيم لم يجرؤ كثيرون على الحديث فيها بصراحة، مثل الخلافة ونظام الحكم والجزية والجهاد والتكفير والدولة الإسلامية والدولة الديمقراطية، وفق اجتهاد جماعي لحل المشكلات الفكرية التي يحجم الكثيرون عن مجرد الاقتراب منها، ولن نكون ممن يتسترون على جرائم الإرهاب والتطرف وممسكي العصا من المنتصف خوفًا من تقلب الأزمان". وطالب وزير الأوقاف بضرورة تدشين قوة عربية مشتركة لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة وتهدد أصل وجودها وتعمل على تفكيكها وتحويلها إلى دويلات وعصابات تسقطها في الفوضى. وأضاف أن الإسلام دين الرحمة والسماحة وحفظ العهود، وكان الهدف الأسمى لرسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، إتمام مكارم الأخلاق، وتتجلى عظمة الإسلام بإنصافه للمختلف وإيمانه بالتنوع الحضاري والثقافي، وتعد وثيقة المدينة أفضل نموذج في تاريخ البشرية للعيش المشترك بين الأجناس والقبائل والأعراق وحرية المعتقد. «مجمع البحوث الإسلامية»: الفكر الداعشي تجمد عند سنة 700 هجريًا من جانب آخر، قال عبد العزيز النجار، مدير عام الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن المؤتمر يهدف إلى تقديم حلول لما أصاب العالم من الإرهاب، وتوضيح أهمية وقيمة الدين الإسلامي الذي أتى لينظم حركة الكون وفق مقتضيات الشريعة التي لم تدعو إلى القتل بل نبذه وتحريم سفك الدماء، وتعليم الرحمة وكيفية التعايش والعفو والصفح. وأوضح "عبد العزيز" ل"البديل"، أن العقلية المتطرفة أضرت كثيرًا بالإسلام، حيث اعتمدت على الأمور الفرعية التي بها اختلافات، ونسيت أن نصوص الإسلام ليست جامدة، متابعا أن "الدواعش" تجمدت أفكارهم وتوقفت عقولهم عند سنة 700 هجريًا، ومؤكدا أن تجديد الخطاب الديني، سيقتصر على المتخصصين فقط، حتى لا يكون هناك تغيير في النصوص والحرص على عدم المساس بالثوابت. وبسؤاله، هل المؤتمر مزود ومدعم بترجمات للغات العالم، حتى تصل رسالته إلى كافة البلاد وألا يكون الحديث موجه لنا فقط، قال إن شيخ الأزهر أصدر تعليماته بأن جميع المؤتمرات سيتم ترجمتها وتوزيعها عبر جميع سفارات مصر، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لمؤتمر أو أكثر أن يمنع الفكر المتطرف، فالأمر لا ينتهي بين يوم وليلية، ولكننا نعمل للحد من انتشار هذا الفكر عبر الاجتماعات والأبحاث لتقليل انضمام الشباب لهم. باحث: المؤسسات الدينية تروّج للتطرف عبر قيادات «السلفية» من جانبه، قال هيثم أبو زيد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن المؤسسات الدينية الرسمية في حالة لا تسمح لها بمواجهة التطرف الذي نعاني منه جميعًا، مضيفا: «في الوقت الذي بذلت فيه وزارة الأوقاف جهدًا كبيرًا لضبط الحالة المذرية التي كانت عليها المساجد وضبط الدعوة، إلا أنها سمحت بعدها لقيادات الدعوة السلفية، وعلى رأسهم ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ويونس مخيون رئيس حزب النور، و300 آخرين، بالصعود للمنابر، بل ومنحتهم رخصة رسمية بحجة مواجهة تنظيم داعش، غافلة أن أفكارهم المتشددة الوهابية ساعدت على انتشار مثل هذا التنظيم وغيره». واختتم: «علينا ترتيب أوراقنا من الداخل ثم النظر للخارج، فالمعاهد الأزهرية في القرى والنجوع بها العديد من المشكلات وليست تحت السيطرة كما يظن القيادات في الأوقاف والأزهر، وعلينا أن نقوم أنفسنا في البداية ثم نتجه للغير».