الطرابيلي: "سليم الأول" شنق طومان باي فخلدنا اسمه في شارع بمنطقة الحلمية جاء قرار اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، بحصر أسماء الشوارع بجميع المحافظات؛ تمهيدًا لرفع وإزالة أسماء الطغاة ومن أساءوا لمصر، وإحلالها بأسماء شهداء مصر الذين عملوا على رفع رايتها. العديد من التساؤلات ثارت حول هذا القرار، هل ستخلد تلك الخطوة أسماء الشهداء حقيقة، وستمحو أسماء الطغاة من الشوارع، ومن هم الطغاة التي جرى تسمية شوارع بأسمائهم؟ قال الدكتور صالح الدسوقي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان: إن قرار المحافظ ينقصه الكثير من الأشياء، حيث يتوقف على تعريفه هو أو اللجنة لمعنى مصطلح "الطغاة" ما المقصود به؟. وأضاف أن التعريف الذي ستصل إليه الوزارة مهما كان، لن يتوافق عليه الجميع، فالطاغي بالنسبه لجهة قد يكون بطلًا لفئة أخرى من وجهة نظرهم، والعكس، حسب المنظور الذي نرى من خلاله الشخص. وتابع: من الناحية الأخرى أكاد أجزم أن جميع الشوارع التي سيتم تغييرها، لن تؤثر على مسمع المواطن أبدًا، وسيتجاهل المسمى الجديد لها مهما عظم شأنه، وسيظل الاسم القديم مهما كان سيئًا محفورًا في الأذهان ومتداولًا على لسانهم. وضرب"الدسوقي" مثالًا بشارع فؤاد الذي تغير فيما بعد إلى 26 يوليو، فحتى الآن يظل اسم شارع فؤاد هو المنتشر والمتردد بين الناس، ولا يوجد من يقول الاسم الجديد، ومثل آخر هو شارع نوال بمنطقة العجوزة، تم تغييره إلى شارع الشهيد حسن الرزاز، وعلى الرغم من تعليق لافته بذلك وإزالة القديمة، إلَّا أنه لم يذكر شخص واحد الاسم الجديد ولا زال اسم "نوال" مخلدًا حتى في المواصلات. وأشار إلى أن وزير التنمية المحلية إذا أراد تخليد أسماء الشهداء كما يقول، فعليه أن يلجأ إلى المدن الجديدة كالشروق وأكتوبر والعاشر من رمضان، حيث تتوفر هناك الشوارع الجديدة، وسيكون اسمها مألوفًا على المواطن هناك ولم يسبقه اسم آخر، الأمر الذي يساعد على ترديده وانتشاره، ولكن إذا استمر على رأيه في المدن القديمة، فلن يذكر الناس شوارع الشهداء وسيكررون أسماء الطواغيت. ويقول عباس الطرابيلي، صاحب كتاب شوارع لها تاريخ "سياحة في عقل الأمة"، فصل "غزاة في شوارع مصر": إن في مصر من الغرائب ما يحير العقل ولا يجد إجابة مقنعة، حيث يمجد الشعب من أذلوه واستعمروه. وذكر أن في منطقة الزيتون والحلمية نجد شارع السلطان سليم الأول، السلطان العثماني الذي غزا مصر وقضى على استقلالها عام 1517، بعد أن غزا الشام وهزم جيش مصر بالخيانة والخديعة في معركة مرج دابق شمال حلب عام 1516، ودخل مصر ليهزم آخر سلاطينها الوطنيين، طومان باي في معركة الريدانية عند العباسية، وأيضًا بالخيانة، ثم أمر بشنق البطل المصري طومان باي على باب زويلة. وقال: ما هي الحكمة في ذلك، حاكم يقضي على دولة مصر المستقلة – فنكرمه ونسجل اسمه على واحد من أهم شوارعنا. كما ذكر أنه رغم كراهيتنا التامة للاحتلال الانجليزي لمصر، إلَّا أننا نجد من أطلق أسماء من حكم مصر – باسم بريطانيا – من ضباطهم مثل كيتشنر، الذي أطلقنا اسمه على أهم وأقدم مستشفي في حي شبرا، وهو مستشفي كيتشنر، وما زال الاسم يتردد حتى الآن، وكذلك أطلقنا نفس الاسم على واحد من أكبر المصارف الزراعية في وسط الدلتا، وما زال هذا المصرف، يحمل اسم كيتشنر.