أشهر قليلة تفصل بين إعلان وزارة الداخلية عن حملة توزيع ملصقات وكراسات وكشاكيل للطالبات والسيدات بمحطات المترو؛ للحماية من التحرش والاتصال عبر الهواتف المتروكة بالملصقات فى حالات التحرش، وبين حالة الاغتصاب لفتاة التي اتهم فيها شرطيان. وبالرغم من أن الطب الشرعي أثبت صحة واقعة الاغتصاب التى قام بها هذان الشرطيان بمنطقة الترعة البولاقية بالقوة داخل سيارة، حيث بيَّن تطابق عينة من «السائل المنوي» تم الحصول عليها من أحد المتهمين مع العينة التي عثرعليها بملابس المجنى عليها، إلا أن محكمة جنح الشرابية قررت أمس الأول السبت إخلاء سبيل أمين الشرطة وفرد الشرطة بكفالة ألف جنيه لكل منهما، بعد أن كانت نيابة الساحل، برئاسة المستشار عمرو جمال، قد أمرت بحبسهما 15 يومًا، بتهمة اغتصاب فتاة داخل سيارة نجدة، في منطقة الساحل في ساعة متأخرة من الليل. تعود أحداث الواقعة إلى أكثر من أسبوعين، خلال مرور إحدى سيارات النجدة بمنطقة الساحل التابعة لحى شبرا، وفوجئت بسيارة تقف بجانب أحد الطرق، تبين وجود شاب وفتاة داخل السيارة، فقام أمين الشرطة، وبصحبته فرد الأمن بتنزيل الفتاة من السيارة، وصرف صديقها؛ بحجة أنهما سيوصلانها إلى منزلها بشبرا الخيمة، وقاما باغتصابها. وكشفت التحقيقات أن الفتاة خلال توصيلها لمنزلها، وجدت فردي الشرطة يسلكان طريقًا مختلفًا تمامًا عن الطريق المعتاد لمنطقتها بشبرا الخيمة، فقامت بإرسال رسالة عبر الهاتف المحمول لصديقها تخبره بأنها لا تعلم إلى أين ستذهب، وأنهما سلكا طريقًا غير معروف بالنسبة لها، وأسرع صديقها متجهًا لقسم الساحل، وقام بتحرير محضر بالواقعة. وأكدت التحريات أن السيارة كان يستقلها أمين شرطة وفرد أمن، أحدهما من محافظة الشرقية، والآخر من إحدى المناطق التابعة لمحافظة القاهرة، وهما من قوة نجدة العاصمة. وتعقيباً على قرار إخلاء سبيل الشرطيين رغم إدانتهما وتقرير الطب الشرعي، يقول مجدي الجوهري الخبير القانوني إن أحكام القضاء لا تعليق عليها وفقًا للقانون، لكن قوانين العدالة في الوقت الحالي بدأت تسير مسارات غريبة الأطوار، فنجد الظالم بريئًا والجاني متهمًا، وهذا ما يحدث في الوقت الحالي"، مشيرًا إلى أن خروج من قاموا بهتك عرض فتاة بريئة وإن كانوا من الشرطة هو أمر غير مقبول. وأوضح الجوهري أن ما حدث إهانة لحقوق الفتيات بشكل عام قبل أن يكون له مسار أو دخل سياسي، مشيرًا إلى أن الشرطة مهتمها الأساسية حماية المواطنين، وما نجده غير ذلك. وأكد الخبير القانوني أن خروج هذين براءة واستمرار حبس شباب الثورة هو إهانة للثورة، لافتًا إلى أن هذا الحكم من الممكن أن يتم الطعن عليه؛ حتى تسير الأمور في مجراها الطبيعي، ويسجن هذين الشرطيين؛ ردًّا لشرف الفتاة وردًّا لاعتبار المرأة. وقال الباحث الحقوقي مينا ثابت إنه حتى الآن لم ينشر كيفية تكيف القضية وعلى أى سند قانوني تم إخلاء سبيلهما، وهل تم إسنادها للجنح أم الجنايات. فعلى الرغم من وجود ما يثبت أن هذين الشرطيين ارتكبا الواقعة، تم إخلاء سبيلهما، وهو ما يثير عددًا كبيرًا من التساؤلات. وأضاف ثابت أنه لا بد من تعديل تعريف الاغتصاب فى القانون المصري، بحيث يتوافق مع المعايير الدولية، كما أنه لا بد من تغليظ العقوبة وتشديدها على من لهم سلطة ويقومون بهذا الفعل المشين. وتساءل ثابت: هل هناك ضمانة حقيقة بألا يكون لهؤلاء أي تأثير على سير مجريات التحقيقات التى لم تنتهِ وتم إخلاء سبيلهما على ذمة القضية؟ مطالباً بضرورة نشر السند القانوني للقضية وعلى أي أساس تم إخلاء سبيلهما. وألمح محمود عزت، عضو المكتب السياسي للاشتراكيين الثوريين، إلى أنه بالرغم من تقرير الطبيب الشرعي الذي يؤكد التهمة، إلا أن المحكمة تقوم بإخلاء سبيل المتهمين، وهذا يوضح توجهات رجال القضاء، أنهم لم يروا فى اغتصاب الفتيات من رجال الشرطة خطرًا، وإنما الخطر الأكبر يكمن فى معارضى النظام أصحاب النصيب الأكبر فى التنكيل والحبس الاحتياطي والمحاكمة السريعة.