يتناول كتاب "حكاية المجموعة 39 مدد يا رفاعي" بداية بروز نجم "الرفاعى "منذ تخرجه فى الكلية الحربية، حيث لفت أنظار قادته بذكائه وشجاعته الفائقة، وشارك فى حروب 1956، وفى حرب67كلفه اللواء محمد أحمد صادق، رئيس المخابرات الحربية، بمهمة استطلاع المحور الشمالي بسيناء، فقام بالمهمة ومعه سرية من الكتيبة9استطلاع وأربعة ضباط وتسع عربات مدرعة، وتحرك "الرفاعى" على رأس هذه القوة يوم7 يونيه، وأدى مهمته واشترك فى معركة جلبانة يوم8يوليه، ليتم ضمه إلى فرع العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية. كلف الرفاعى بأمر من اللواء صادق بتشكيل مجموعة تقوم بعمليات نوعية ضد العدو، وتوسعت أعمال المجموعة من5أغسطس عام 1968، عندما أمر اللواء صادق بتكوين "فرع العمليات الخاصة" فى إدارة المخابرات الحربية بقيادة الرفاعى ومعه عدد من الضباط، بلغ عدد هذه المجموعة13 ضابطا و96صف ضابط وجندى، وبقيادة الرفاعى عملت بتوجيه مباشر من اللواء محمد أحمد صادق، ومتابعة من الرئيس جمال عبدالناصر، ونفذت فى الفترة من أغسطس1968 حتى يوليو1969 عدد24 عملية خلف خطوط العدو، وبإضافة العمليات السابقة منذ يونيه67إلى يولية69يكون العدد39عملية، تم بعضها تحت"منظمة سيناء العربية"وأخرى تحت الكوماندوز المصرية، وفى يوليو1969 تأسست "المجموعة39 قتال". وصدرت التعليمات التنظيمية يوم24 يوليو بالتحديد عام1969 تحت رقم1641 بتشكيل المجموعة على أن تتبع فرع العمليات الخاصة بإدارة المخابرات الحربية، واستمر عملها من25 يوليو حتى25 أبريل 1974، وانضم إليها عدد من الضباط والصف والأفراد فى يوليو وسبتمبر1972، وشهدت منذ تشكيلها وحتى نهاية عملها عمليات إحلال وتجديد، وذلك لاستشهاد بعض أفرادها11 شهيدًا أو تسريح البعض، ولم يزد عدد الأفراد المقاتلين فيها عن96 فردًا فى أى وقت من الأوقات. ويشير الكتاب إلى أنه لم يتم بشكل قطعي حسم عدد العمليات التى نفذها أبطال المجموعة ضد العدو الصهيونى، وذلك نتيجة الخلاف حول التوقيت الذى يجب التأريخ منه، فهل يكون من العملية الأولى التى قام بها "الرفاعى" لاستطلاع قوات العدو يوم8 يونيه؟ أم منذ التحرك تحت مظلة "منظمة سيناء العربية"، أم منذ التحرك تحت مظلة "الكوماندوز المصرية"، أم منذ التحرك تحت مظلة"المجموعة39 قتال"؟ فى كل هذه الخيارات يظل الرابط الوحيد هو البطل إبراهيم الرفاعى، ولذلك يرصد الكتاب كل العمليات التى نفذتها ما يمكن تسميته ب"مجموعة الرفاعى" فى كل مراحلها والتى بدأت من شهر يوليو1967 وحتى أكتوبر عام 1973. يأتى الكتاب بجدول يشمل حصرا شاملا لأسماء وتواريخ وعدد عمليات"مجموعة الرفاعى"، وتبلغ81 عملية، ويأتى بجدول آخر أطلق عليه لقب "سجل الخلود" يشمل أسماء الأبطال الذين شاركوا فى أعمال المجموعة من ضباط وجنود. يشير الكتاب إلى أنه قبل تأسيس"المجموعة 39" قام إبراهيم الرفاعى بعمليات تحت اسم "منظمة سيناء العربية" التى تأسست كمقاومة شعبية ضد العدو الصهيونى بعد نكسة5 يونيه 1967، ويأتى الكتاب بقصة نشأة هذه المنظمة، التي تعبر عن تلاقى الإرادة الشعبية مع الجيش من أجل تحرير الأرض، ويقول الكتاب، إنه بعد عملية انسحاب الجيش، كان شباب السويس الأسبق فى التعامل مع العدو، حيث قاموا بالعبور إلى شرق القناة لجمع الجنود الشاردين، وجمع أى أسلحة يجدونها، ثم حمايتهم للمنشآت الحيوية بالمدينة، من خلال تنظيمهم وحدات مقاومة شعبية، وكان ضمن هؤلاء الشباب السائق عبد المنعم خالد الذي يعمل فى إحدى الشركات التى تذهب سيارتها إلى القاهرة كثيرا. فى إحدى سفريات هذا السائق البطل ذهب إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينيةبالقاهرة، وطلب منهم الانضمام إلى أبطال المقاومة الفلسطينية لمحاربة العدو الصهيونى، فرحب به أعضاء المكتب لكنهم اعتذروا عن طلبه لعدم معرفته ب"طبوغرافية" فلسطين، مما سيجعله عبئا على زملائه، وعاد عبد المنعم خالد إلى السويس حزينا، لكنه وجد طلبا باستدعائه من مكتب المخابرات الحربية بالمدينة، فذهب وتم سؤاله عن سبب ذهابه إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فأخبرهم بالحقيقة. قال له ضابط المخابرات المصرية: تستطيع محاربة العدو الصهيونى من السويس، فسأله خالد: كيف يتحقق ذلك؟، فسأله ضابط المخابرات" هل وجد من شباب السويس من يطلب نفس الطلب"؟، فأجاب عبد المنعم خالد: "كل شباب السويس لهم نفس طلبى". انصرف عبد المنعم خالد ليعود معه صديقه غريب محمد غريب، ثم توالى حضور شباب السويس مصطفى أبو هاشم، محمود عواد، محمود طه، ميمى سرحان، عبد المنعم قناوى، فتحى عوض الله وآخرين لتولد"منظمة سيناء العربية". كان هؤلاء المتطوعون من أبناء السويس هم الفرع المدنى من المنظمة الذى ضم مجموعة رائعة من الفدائيين الذين تدربوا على أيدى ضباط المخابرات الحربية وضباط الصاعقة، وتحولوا إلى محاربين من قوات الكوماندوز. فى نفس الوقت تقريبا الذى سعى فيه عبد المنعم خالد إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينيةبالقاهرة، كان النقيب أحمد رجائى عطية يسعى مع اللواء محمد أحمد صادق لتشكيل وحدة خاصة للقيام بعمليات نوعية ضد العدو الصهيونى، وتم تأسيس هذه الوحدة. كان التطوع ل"منظمة سيناء العربية" نموذجا على التصميم الشعبي على استرداد الأرض، بدليل أن مواطنين مدنيين انضموا إليها بإرادتهم الحرة، وتأكيدا على أن هناك من يريد أن يحارب إسرائيل فى العمق، وإلى جانب المدنيين فى"المنظمة"عمل أبطال من الجيش منهم البطل الأسطورى"إبراهيم الرفاعى". تعددت وتنوعت عمليات"المجموعة 39قتال" ضد العدو الصهيونى وقبلها العمليات الخاصة ب"إبراهيم الرفاعى"، وضمن هذه العمليات "اقتناص صواريخ إسرائيل"، والحصول على أجهزة من المدمرة إيلات الإسرائيلية التى أغرقتها البحرية المصرية فى عملية "اقتناص الصواريخ" جرت وقائعها على النحو التالى: فى شهر نوفمبر عام1967، اكتشفت عناصر الاستطلاع بقواتنا المسلحة أن العدو الصهيونى قام بنصب عدد من الصواريخ فوق الساتر الترابى لشرق القناة، وأن هذه الصواريخ موجهة ضد قواتنا غرب القناة، ولم يستطع خبراء السلاح فى جيشنا معرفة نوعية هذه الصواريخ من مجرد النظر إليها من غرب القناة، وطلبوا إحضار واحد من هذه الصواريخ لدراستها ومعرفة مدى تأثيرها على قواتنا المسلحة. تم رفع الأمر إلى اللواء محمد أحمد صادق، قائد المخابرات الحربية، فكلف المقدم إبراهيم الرفاعى الذى كان يتولى قيادة فرع العمليات الخاصة بدراسة الأمر وضرورة الحصول على واحد من هذه الصواريخ. اختار"الرفاعى" ثلاثة أبطال للقيام بالمهمة وهم: نقيب طبيب بحرى محمد عالى نصر، ونقيب بحرى إسلام توفيق قاسم، ورقيب بحرى محمد غلوش، وقبل تنفيذ المهمة تمت عملية استطلاع دقيقة للجبهة لتحديد أفضل الأماكن التى يمكن العبور منها والوصول إلى الصواريخ، وتم اختيار منطقة جنوب البحيرات كأفضل مكان للعبور، وفى مساء13 نوفمبر1967 تحرك الأبطال فى الساعة الحادية عشرة تماما، ونزلوا إلى مياه القناة، وحاولوا العبور"غطسًا"، ولكن سرعة تيار المياه حالت دون ذلك، فعبروا سباحة رغم خطورة ذلك عليهم، ورغم برودة المياه فى ذلك الوقت. وصل الأبطال إلى الضفة الشرقية للقناة، وتحركوا بهدوء وحذر حتى وصلوا إلى تلك الصواريخ المنصوبة على طول القناة، ليكتشفوا أنها موصولة بأسلاك كهربائية، وأن أى قطع فى الدائرة الكهربية سيؤدى فورا إلى إطلاق هذه الصواريخ. بعد دراسة الموقف تمكنوا من عمل توصيلة إضافية من السلك حتى لا تنقطع الدائرة وتنطلق الصورايخ فيكتشف العدو أمرهم. نجح الأبطال فى فك أول صاروخ فانفتحت شهيتهم وقرروا فك صاروخين آخرين، ليعودوا بالصواريخ الثلاثة، وقام خبراء السلاح بالقوات المسلحة بفحصها، واكتشفوا أنها صواريخ كهربائية، تزرع بطريقة خاصة فى اتجاه قواتنا، حيث يتم إطلاقها بشكل فورى عند حدوث أى عبور إلى الضفة الشرقية، كما اكتشف خبراء السلاح أن هذه النوعية من الصورايخ مضادة للدبابات والعربات المدرعة. فى حرب أكتوبر1973 كان استشهاد البطل العظيم العقيد إبراهيم الرفاعى، الذى قاتل الجيش الإسرائيلى طوال الحرب التى بدأت فى اليوم السادس من الشهر، حتى جاءت لحظة الاستشهاد يوم19 وهو يقاتل بالسلاح. فى الكتاب يتحدث الشافعى عن محاولة إبراهيم الرفاعى لفك وطأة ثغرة الدفراسور التى حاول الجيش الإسرائيلى من خلالها احتلال إحدى مدن القناة، وقبل أن يقوم بمهمته القتالية فى ذلك، قام بمهمة أخرى هى ضرب مطار"الطور" يوم17 أكتوبر فى عملية ل"المجموعة 39". فى يوم18 أكتوبر كان "الرفاعى" فى غرفة العمليات أمام الرئيس السادات، والمشير أحمد إسماعيل وزير الحربية، وطلبا منه وضع خطة لتدمير المعبر الذى أقامه الجيش الإسرائيلى، فوضع"الرفاعى" الخطة التى قامت على نسف المعبر عن طريق الضفادع البشرية، لكن عند وصوله إلى منطقة الجيش الميدانى وفى مركز قيادته علم استحالة نسف المعبر عن طريق الضفادع البشرية، والسبب كما يقول البطل نبيل عبد الوهاب أحد الضفادع الثمانية المكلفين بالمهمة، أن العدو الإسرائيلى سيطر على منطقة جنوب الدفراسور. فى مركز قيادة الجيش الثانى كانت التعليمات الجديدة ل"الرفاعي" من الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ضرورة تحرك "الرفاعى" ومجموعته على طريق المعاهدة للوصول إلى تقاطع "سرابيوم" عند قرية "نفيشة"، والتمسك بهذا الموقع مهما كان الثمن، وذلك لمنع قوات العدو من التقدم لاحتلال الإسماعيلية. احتل "الرفاعى"ومجموعته مواقعهم واكتشفت قوات الاستطلاع مجموعة من دبابات العدو تتقدم فى اتجاه أحد مواقع الصواريخ المضادة للطائرات، وفى اتجاه مواقع الصواريخ تقدم الرفاعى ومعه الرقيب أول مصطفى إبراهيم والعريف محمد الصادق عويس، والمقاتل شريف عبد العزيز، وهم من أمهر رماة القاذف الصاروخى آربى جى7والمدفع84 المضاد للدبابات عديم الارتداد. صعدت المجموعة إلى أعلى نقطة فى الموقع ليكشفوا قوات العدو، غير أنهم كانوا مكشوفين أيضا للعدو، وتم الاشتباك وتدمير دبابتين، فتوقف"قول الدبابات"ولكنه واصل إرسال قذائفه فى اتجاه الرفاعى ومجموعته. كان قرآن صلاة الجمعة يتواصل، بينما يقاتل أبطالنا بشراسة، ومع بداية أذان الجمعة سقط البطل إبراهيم الرفاعى بين رجاله الذين سارعوا إليه، فاكتشفوا أن شظية من قذائف العدو اخترقت صدره وأصابت قلبه. سالت دماء"الرفاعى"الذكية على تراب أرض مصر التى أعطاها عمره دون أن يأخذ شيئا أو يحصد غنيمة، حصد فقط إجلال المصريين ومحبتهم له، وصعود روحه إلى بارئها ليكون بين النبيين والصديقين.