"معاشي الآن بعد تقديم الشكاوى والزيادات 150 جنيه... وكيف يعقل أن أعيش بمثل هذا المبلغ الهزيل، وأنا مطالب أن أقوم بقيادة سيارتي لأحافظ على دخل لعائلتي، وهذا يعنى أنني قد أتسبب في كارثة تودي بحياتي وفي المقابل ماذا سيحدث لعائلتي إن توفاني الله".. بهذه الكلمات افتتح المواطن " فيليب " حديثه للبديل.. معبرًا عن مدى معاناته هو وأسرته، في ظل إتباع المسئولون لسياسة "التقشف" وعدم مراعاة "معدومي الدخل" وليس محدوديه . لم يكن يتوقع " فيليب شنودة " صاحب ال57 عام، أنه من الممكن أن يتدهور به الحال ليصبح مجبرًا على التوقف عن العمل بعد 28 سنة كاملة ليجد نفسه في وضع حرج بعد ذلك . تبدأ القصة بحادث تعرض له " فيليب شنودة جاد الرب " تسبب في وجود مياه بيضاء على العين ليتوجب عليه بعد ذلك إجراء عدة عمليات لإزالة المياه وتثبيت عدسات، تبعها 3 عمليات " ليزر" لتصحيح النظر، لكن جميعها لم تجدي نفعًا ليجد " فيليب " نفسه مضطرًا إلى التقاعد . وبعد عمله خلال 28 عام ك "سائق".. توجه إلى التأمينات ليحصل على مستحقاته، حيث أنه من المعروف إن كل العاملين يتم التأمين عليهم، إما بمعرفة أصحاب العمل أو بمعرفة أنفسهم إن لم يكونوا تابعين لأي جهة، وحين طلب تسوية معاشه لم يتم الموافقة . واستطرد " فيليب " قائلًا ..ظللت أدفع طوال فترة عملي ك "سائق" لمدة 28 عام مبالغ دورية، أقلها 15 جنيه أملاً في أن أحصل على معاش جيد عند التقاعد، وحين اضطررت لأن أتقاعد لم أجد أي مقابل مادي، وواجهت الأمرين وأنا أحاول أن أنهي خدمتي نظرًا لعدم قدرتي على ممارسة عملي بعد الحادث . وكلما قمت بعمل كشف طبي تابع للتأمينات أجابوني.. "أنت سليم يا عم فليب خد رخصتك"، وهنا قلت لهم أني لا استطيع الرؤية، وبالتالي لا استطيع القيادة، وبعد تكرار المحاولة صرخت هل تريدون منى أن أدمر نفسي وعائلتي؟؟ وأن أتسبب في حوادث على الطريق يهلك فيها من يهلك؟؟ واستكمل فاجئني الرد صاعقًا من أحد فاعلي الخير داخل التأمينات حيث قال لي.. "عم فليب أصل إحنا عندنا تعليمات منطلعش حد معاش دي تعليمات وزير وأنت فاهم" . تعجبت من هذه الدولة التي تدفع السائقين لارتكاب المخالفات، وتتهمهم بشرب الحشيش والمسكرات والبرشام، وقمت بتقديم شكوى وتم إجراء كشف طبي علي بمعرفة التأمينات ليثبت أنني على الرغم من إجراء عمليات زرع عدسات و ليزر، إلا أن الإبصار في عيني 6/36 ولا يتحسن بالنظارة وقلت وقتها أني سآخذ حقي... وأضاف " فيليب " كنت أظن أن المشكلات انتهت لكنها كانت قد بدأت للتو، حين أجبرت على الخروج بمعاش مبكر وترك 8 سنوات من العمل في مقابل أخذ 350 جنيه شهرياً كمعاش لي، فمن غير المضمون أن أظل على قيد الحياة حتى اضمن المعاش لأسرتي، وقمت بتسلم معاشي لأول مرة في شهر سبتمبر 2013 بواقع 352 جنيه، وكنت فرحًا للغاية، لكنني في الشهر التالي فوجئت بخفض المعاش إلى 91 جنيه، وفي الشهر التالي تم خفض المعاش مرة أخرى إلى 68 جنيه، وتم تثبيت الوضع على هذا الشكل . وتابع " فيليب " قمت بالشكوى فأجابوني أنها تعليمات وزير، وإن كل هذا طبقًا لمادة 165 من القانون المعدل للقانون 135 الملغي، والذي يطلق عليه قانون " الملاليم " نظرًا لأن الاستقطاعات فيه كانت بالقروش والمليم منذ أيام أجدادي . لأعود وأصرخ من جديد وأطالب بحقي وأتقدم بشكاوى، كيف يعقل أن يكون معاشي 68 جنيه وأنا اسكن في بيت إيجاره 200 جنيه، وادفع مياه في عداد مشترك ما يقارب من 50 جنيه وكهرباء ما يقارب من 30 جنيه وذلك شهرياً . تقدمت بشكوى لمسئول السائقين بالقاهرة ويدعى " الجبالي " فطلب منى أن أحضر إليه فأكدت أني لا استطيع السفر فطلب مني إرسال الشكوى بالفاكس وأرسلتها مرتين بالفعل ثم أفاجئ بتبرئه منى وإعلانه أن لا شيء قد وصل إليه على الرغم أنين متأكد من إرسالها . واختتم " فيليب " حديثه قائلًا ..وفي النهاية وصل معاشي الآن إلى 150 جنيه بعد شكاوى كثيرة قدمتها للمسئولين، وأعمل على سيارة لكي أضمن حياة كريمة لعائلتي، ولكن من منا يضمن عمره متى سينتهي...وأنهى " فليب " حديثه موجهًا تساؤله للمسئولين بكل غضب وحزن...كيف ستعيش أسرتي بال 150 جنيه بعد وفاتي ؟؟؟