تشهد لبنان فراغا رئاسيا منذ أكثر من 7 شهور تقريبًا عقب نهاية ولاية الرئيس السابق «ميشال سليمان»، الأمر الذي وضع بيروت في مفترق طرق، لاسيما مع تمسك كل تيار لبناني بمواقفه السياسية الداخلية والإقليمية ، لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أحدث تغيرًا هذه المرة بعدما عجل بإقامة حوار وطني لحل أزمة الفراغ الرئاسي بعيدًا عن مواقف كل طرف في القضايا الداخلية والخارجية، وفق مبدأ استعادة هذا الملف من القوى الإقليمية، وهو ما لقي ترحيبًا من رئيس تيارالمستقبل سعد الحريري. طرح هذا الحوار سينعش الأمل مرة أخرى ولو ضئيلًا لدى اللبنانين بأن يروا رئيسًا يشغل قصر بعبدا الذي ظل فارغًا طيلة ال 7 أشهر الماضية ، من أجل أن يتصارع مع مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجهها لبنان منذ فترة ليست بالقليلة، ولكن يبقى السؤال هل ينجح الحوار اللبناني ؟..هل تستعيد القوى السياسية الملف الرئاسي من الخارج الاقليمي؟. يري المتابعون للوضع اللبناني أن ترحيب الحريرى وكلامه عكس رغبه في الذهاب إلى حوار غير مشروط مع حزب الله، لن يناقشا فيه المحكمة الدولية ولا سوريا ولا سلاح المقاومة، بل فقط الرئاسة من دون الخوض في الأسماء، ما يعطي إشارة بأن الحوار قد ينجح ولكن مع تواضع نتائجه المرجوة، في ظل عدم تأكيد الطرفين على مرشح توافقي. بدا واضحًا من خطاب الحريرى أن هذا الترحيب كان له ارتباطًا زمنيًا مع تهيئة قواعد المستقبل مع بدء العد التنازلي لجلوس المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل والمعاون السياسي لرئيس المستقبل نادر الحريري قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، فور انجاز «أجندة الحوار التي يساعد في وضعها نبيه بري والنائب وليد جنبلاط»، ما يعني أيضًا أن لقاء القيادات ليس على جدول أعمال الحوارفي هذه الفترة. أغلب الظن أن حزب الله قد يرجئ التعليق على كلام الحريري لبحث مضمونه، وإن كانت المؤشرات توحي بأن حزب الله سيستقبلها بالترحاب باعتباره هو الداعي للحوار، لاسيما وأن هذا الحوار وبغض النظر عما قد يؤدي إليه من نتائج وتسويات مؤقتة أو دائمة هو أمر مرحب به ومطلوب، لأنه يؤدي إلى تخفيف التوتر ويريح الوضع الداخلي في البلد. لم يبق البطريرك بشارة الراعي بعيداً عن أجواء التشجيع، إذ أكد بعد عودته من روما، تعليقاً على حوار المستقبل وحزب الله، أن «كل حوار ضروري، ويجب ألا ننسى أن انقطاع الحوار بين 14 و8 آذار أوصلنا إلى ما وصلنا إليه حالياً، ونحن نرحب من كل قلبنا بحوار كهذا ونباركه بفرح كبير». خارجيًا اعتبر المراقبون الخطوة التي أجرتها السعودية مباشرة بعد دعوة نصر الله للحوار، بمطالبتها في إحدى جلسات الأممالمتحدةبنيويورك على لسان مندوبها بإدراج «حزب الله» على قوائم الإرهاب كادت أن تعطل الحوار؛ لأن الحزب له أنصاره ويشكل كتلة برلمانية قوية، فضلا عن تأثير ذلك على موقف «المستقبل» من إجراء الحواربالاساس، إلا أنه أثناء تواصل بري وجنبلاط جهودهم لتحريك الحوار، تلقوا ومعهم الحريرى جرعة دعم من الرياض عبر سفيرها ببيروت في حوار له كان ملخصه أن مواقف السعودية من الحوار في لبنان مختفلة عن ما حدث في نيويورك. لا يمكن أيضًا أن نغفل تأجيل المفاوضات الإيرانية وانعكاساتها على الحوار الدائر في لبنان، فالراصد عن كثب لجوهر الحراك السياسي لكل مكونات الساحة يخرج باستنتاج فحواه أن كل الأطراف السياسية بنيت الكثير من آمالهما ورهاناتهما ومستقبل حراكها على ساعة هذا التفاهم، لكن النتيجة التي آلت إليها مؤخرا، فرضت على هذه الأطراف أن يتخذوا موقفًا آخر وهو الانخراط في الحوار وعدم تداخله مع هذه القضايا الإقليمية.