اجتاحت مياه الأمطار التي سقطت في قطاع غزة عدداً من الخيام التي نصبها الأهالي الذين شُرِّدوا جراء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع، هذا وقد نزح عدد من المواطنين من خيامهم التي غطتها مياه الأمتار لمسافة النصف متر نظراً لعدم جاهزيتها لمثل هذا المنخفض، وعجز السلطات عن توفير مصادر للحماية وتقنيات لمواجهة الفيضانات، والنقص الحاد في وسائل تصريف مياه الأمطار في البلدات المختلفة. هذا وقد عصف منخفض جوي نادر قطاع غزة، وأفادت الأرصاد الجوية أنه قد يستمر لعدة أيام في حالة تشبه ما حدث العام الماضي ولكن هذه المرة مع وجود أعداد كبيرة من الناس الذين لا يملكون بيوتاً أو أماكن آمنة تقيهم من هذه الأمطار. وقالت المصادر أيضاً أنَّ هناك توقعات باشتداد تأثير المنخفض الجوي خلال اليومين القادمين وإمكانية اتساع رقعة تساقط الأمطار في مختلف المناطق في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة على وجه الخصوص. هؤلاء المواطنين اختاروا أن يُشعلوا نيران التدفئة بالقرب من منازلهم المدمرة التي تحولت إلى ركام، في إشارةٍ إلى الحالة الصعبة التي يعيشها المواطنين في غزة خلال أيام المنخفض. يُذكر أنَّ المواطنين في القطاع قد ناشدوا أجهزة الدفاع المدني والطوارئ بالبقاء على جاهزية تامة خلال الساعات والأيام القادمة نظراً لاشتداد تأثير المنخفض الجوي وتساقط كميات كبيرة من الأمطار. أحمد الزوارعة هو مواطن يسكن في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، وقد أعرب للبديل عن تخوفه من أن تؤثر الأمطار مجدداً على حياة الناس في المنطقة الشمالية وفي المناطق المهمشة على وجه الخصوص، وتابع حديثه قائلاً: "الأمطار خير يأتي من رب السماء، ولكني أستطيع أن أؤكد لكم بأن الناس في غزة لا يحبون هذا الخير، ليس كُرها فيه.. بل لأنه سوف يكون نقمة عليهم لأنَّ بيوتهم لا تحميهم من الأمطار ولا من البرد، خاصة وأن عدداً من الناس لا يملكون بيوتاً أصلاً، ويحاولون قدر المستطاع حماية أنفسهم بالبلاستيك والنايلون، حيث يقومون ببسطه على أسطح البيوت، لكنه ليس حلًّا دائماً فهو حل مؤقت يهترئ مع أول موجة رياح ويتمزق، ناهيك عن جريان السيول الذي يكون عائقا للمرور وهنالك الخطر الأكبر عندما تواجه بركة تجمع الأمطار فهي خطر حقيقي يهدد الأرواح فما إن امتلأت؛ ستغرق البيوت المجاورة، والعام الماضي أغرقت البيوت الملاصقة وهي بيوت من الحجر والإسبست أو الزينكو، فما بالك بالناس الذين لا يملكون بيوتاً أصلاً!" واختتم الزوارعة حديثه: "يخشى أهالي الحي هنا من تكرار التجربة المريرة فهم يناشدون الدفاع المدني والبلدية بأخذ التدابير اللازمة لحمايتهم وحماية الممتلكات، حتى لا يتجدد مع حدث معهم العام الماضي". من جهته حذر نزار حجازي رئيس بلدية غزة، من كارثة إنسانية محققة جراء ارتفاع منسوب مياه الأمطار في بركة الشيخ رضوان وسط المدينة، وأفاد حجازي إن بركة الشيخ رضوان إحدى أكبر برك تجميع المياه في المدينة غير قادرة لاستقبال الحجم الكبير لمياه الأمطار الغزيرة. وأضاف: "نتخوف من حدوث كارثة إنسانية، وفيضان يحدث في البركة، الأمر الذي سيؤدي إلى مخاطر وكارثة للأحياء السكنية المحيطة بالبركة". وأشار إلى أنَّ "البنية التحتية لقطاع غزة ضعيفة وغير مجهزة لاستقبال أي منخفض جوي؛ بسبب الكارثة التي خلفها منخفض العام الماضي، كما أنَّ الحرب الأخيرة دمرت جزءً كبيراً منها". أما المواطنة أمنية منصور التي تسكن شرق بلدة جباليا المحاذية للسياج الفاصل، فقد تعرضت منطقتها لأضرار جسيمة وقد ترك ذلك أثراً على بيتها الذي لم يعد فيه نوافذ، وقد أشارت منصور في حديثها للبديل إلى المعاناة الكبيرة التي أحلت بها وبأسرتها خلال هذا المنخفض، مشيرةً: "النوافذ في بيتنا مغطاة بالنايلون الخفيف الذي يتحرك بفعل الرياح محدثاً برودة شديدة في المنزل، وقد تطاير هذا النايلون مع اشتداد الريح، نحن نشعر أننا نسكن في الشارع وفي الوقت نفسه ليس هناك كهرباء لتشغيل أي نوع من التدفئة، وقد أصيب أطفالنا بالبرد والانفلونزا مع عجزنا التام عن إيجاد أي حل لهذه الحالة" وحول معاناة الأطفال وأهاليهم، تابعت منصور: "طبعاً هناك الكثير من العائلات الغزية بلا مأوى ولا بيت يحميهم منذ نهاية العدوان وحتى الآن، هناك الكثير من الناس الذين يسكنون في الخيام، وآخرون ما زالوا في المدارس والكرفانات غير المهيئة، وجميعهم يعيشون أوضاعاً لا إنسانية وغير مقبولة البتة، ومع عدم توفر الكهرباء.. فإنَّ غالبيتهم يلجؤون إلى إشعال الحطب والجلوس حول النار، علها تقيهم برد هذا الشتاء".