وزير الري: إثيوبيا فشلت في إدارة السد.. تركز على «الشو الاعلامي» ولا تكترث بحياتنا    زيادة أسعار الوقود للمرة 20 في مصر منذ يوليو 2019 وحتى الجمعة 17 أكتوبر 2025 - المحطات السعرية كاملة    ب«سوق المزارعين».. «تجارية الإسكندرية» تشارك في المعرض الدولي لأغذية البحر المتوسط    روسيا: بريطانيا وأوكرانيا تستعدان لعمل تخريبي يستهدف خط أنابيب السيل التركي    خبير سياسي: الهدنة بداية فقط.. والجهد المصري لرأب الصدع العربي «تاريخي»    طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات جوية على جنوب لبنان مستهدفًا منشآت صناعية    منتخب 2007 يختتم معسكره بالفوز برباعية على نجوم المستقبل    قائد منتخب قطر يتبرع ببناء مدرسة وقاعة رياضية بغزة    علاء عبد العال يعلن قائمة غزل المحلة لمواجهة كهرباء الإسماعيلية    دعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية للاتحاد الأفريقي لتنس الطاولة    مقتل «ربة منزل» طعنا بسكين في ظروف غامضة بالمنيا    الإسكندرية: ضبط 137 ألف لتر سولار مدعم خلال حملات تموينية مكبرة    رسميًا.. لينك تقديم حج القرعة 2026 في مصر    آمال ماهر: تكريمي اليوم من مهرجان الموسيقى العربية هو الأغلى في حياتي    الإسكندرية جدارية من الأحياء.. انطلاق النسخة ال16 من أيام التراث السكندري نهاية أكتوبر    قافلة مسرح المواجهة ترسم البسمة على وجوه طلاب مدارس رفح    تنطلق 30 أكتوبر.. قنصل فرنسا تكشف تفاصيل النسخة ال16 لأيام التراث السكندري (صور)    «الميزان» بيحضن المخدة و«الأسد» بينام مستقيم.. طريقة نومك تكشف برجك الفلكي    «التأمين الصحي الشامل»: المواطن يدفع 480 جنيهًا فقط حتى لو وصلت تكلفة العملية مليون جنيه    إنجاز طبي جديد بمستشفيات جامعة قناة السويس    «لسهرة يوم الخميس».. حضري طاجن «أم علي» بمكونات بسيطة في منزلك (الطريقة والخطوات)    مواقيت الصلاة غدًا الجمعة 17 أكتوبر 2025 في المنيا    بعد حادثة عم فوزي.. محافظ الدقهلية في جولة ميدانية جديدة بحي غرب المنصورة    محافظ الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يشهدان احتفالات عيد القوات الجوية    مصادر أمريكية: واشنطن أبلغت إسرائيل اهتمامها بمواصلة تنفيذ اتفاق غزة    إدارة الزمالك تواصل الاستعداد للجمعية العمومية    لتفادي نزلات البرد .. نصائح ذهبية لتقوية المناعة للكبار والصغار    حسام شاكر: ذوو الهمم في قلب الدولة المصرية بفضل دعم الرئيس السيسي    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    رابطة المحترفين الإماراتية تعلن موعد طرح تذاكر السوبر المصري في أبوظبي    بعد مقتل رئيس أركان الحوثي.. نتنياهو: سنضرب كل من يهددنا    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الله حرم الخمر والخنزير والبعض يبحث عن سبب التحريم    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    بيع أكثر من مليون تذكرة ل كأس العالم 2026 والكشف عن أكثر 10 دول إقبالا    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    وزير العدل: تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تعزز الثقة في منظومة العدالة    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي بمدخل المراشدة في قنا    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    بعثة بيراميدز تتفقد منشآت الدوحة استعدادًا للمشاركة في كأس الإنتركونتيننتال بدعوة من "فيفا"    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فشل الأيدلوجيات السياسية أيقظ الأدب الصوفي من غفوته
نشر في البديل يوم 16 - 11 - 2014

«حمودة»: تتلاشى الحدود والطلاسم في الأدب الصوفي فينعم بالحرية المطلقة
«ضيف»: التصوف منطقة التصالح مع الخيال وتحقيق التوزان بين الروح والجسد
«الروح» ذلك اللغز الذي مهما حاولنا البحث عنه لا نسطيع فك طلاسمه، لذا دعونا نأخذ الأمور على علتها، فهذه الطاقة الخفية داخلنا تنجذب دائمًا للحب وكأنها تتصالح مع فطرتها التي خلقت بها، وللمصريين في هذا الشأن حالة خاصة إذ ترأهم ينجذبون لكل شئ ينبض في الحياة جمالًا وحبًا.
في الفترة الأخيرة، تحديدًا بعد ثورة 25 يناير ظهرت بعض الكتب الروائية التي غلبت عليها النزعة الصوفية لشباب الكُتاب مثل «ترنيمة سلام» لأحمد عبد المجيد، والتي لاقت قبولًا شديدًا لدى القراء –ليس هذا فحسب- بل استطاعت الوصول للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2013 فرع المؤلف الشاب، إذ ناقشت الصراع الروحي الذي يحياه الإنسان في العالم اليوم، فقد ذهب المؤلف والقارئ في رحلة يبحثون فيها عن السلام النفسي.
أيضًا لاقت بعض الروايات المترجمة مثل «قواعد العشق الأربعون»للكاتبة التركية (إليف شافاق) التي تناولت لمحات من حياة أحد رواد الصوفية في العالم (جلال الدين الرومي، الحلاج)، إقبال الكثير من القراء وطبعت عدة طبعات شعبية.
قبل الدخول إلى عالم الكتابة ذو النزعة الصوفية، التي انتشرت مؤخرًا بين الشباب في مصر، يمكننا تقسيم الأدب الصوفي إلى ثلاثة أطوار: الأول بدأ مع ظهور الإسلام وانتهي في أواسط القرن الثاني للهجرة؛ وكل ما بين أيدينا منه طائفة كبيرة من الحكم والمواعظ الدينية والأخلاق تحث على كثير من الفضائل، وتدعو إلى التسليم بأحكام الله ومقاديره، وإلى الزهد والتقشف وكثرة العبادة والورع، وعلى العموم تصور لنا عقيدة هذا العصر من البساطة والحيرة.
أما الطور الثاني بدأ من أواسط القرن الثاني الهجري إلى القرن الرابع، وهنا يبدو ظهور آثار التلقيح بين الجنس العربي والأجناس الأخرى، وفيه يظهر اتساع أفق التفكير اللاهوتي، وتبدأ العقائد تستقر في النفوس على أثر نمو علم الكلام، وفيه يظهر عنصر جديد من الفلسفة.
والأدب الصوفي في طوريه الأول والثاني أغلبه من النثر، وإن ظهر الشعر قليلًا في طوره الثاني، وفي الطور الثاني هذا بدأ تكوّن الاصطلاحات الصوفية كالشطحات والإشراقات وغيرها.
أما الطور الثالث فيستمر حتى نهاية القرن السابع وأواسط القرن الثامن، وهو العصر الذهبي في الأدب الصوفي، غني في شعره، غني في فلسفته، شعره من أغنى ضروب الشعر وأرقاها، وهو سلس واضح وإن غمض أحيانا، هذا، وقد تطور الأدب الصوفي نثرا وشعرا، وبلغ الشعر الصوفي ذروته مع ابن العربي وابن الفارض في الشعر العربي، وجلال الدين الرومي في الشعر الفارسي.
ولم ينته القرن الثالث الهجري حتى أصبح الشعر الصوفي شعرًا متميزًا يحمل بين طياته منهجا كاملا للتصوف، وأما الذين جاؤوا بعدهم فإنهم تميزوا بالإفاضة والتفسير.
كانت هذه بداية الأدب الصوفي الذي قل انتشاره وانتاجه شئيًا فشيئا مع مرور الزمن وتغير الحياة، وها اليوم يعود على استحياء مع تجارب إبداعية لشباب الكُتاب، لكن يا تُرى ما هو السر وراء احتفاء القراء به والحرص على تداوله خاصة بين الشباب؟، يجيبنا في ذلك النقاد: الدكتور حسين حمودة، والدكتور سيد ضيف.
يرى «حمودة» أن أدب التصوف يمثل تجربة مهمة من تجارب الإبداع، ويرتبط بنوع التحول عبر فترات التاريخ، حتى نصوص التصوف،كما كتبها المتصوفة في أزمنة قديمة لم تكن جزء من الأدب، ولكن النظرة إلى هذه النصوص في هذا العصر الحديث أكتشفت فيها جماليات وصيغات إبداعية رفيعة المستوى، استلهموها بطرق متنوعة، فمن القيم الكبرى في هذا النوع من الأدب، أنه يمنح المبدع مساحة رحبة من الحركة عبر الأزمنة المتعددة والأماكن المختلفة والشخصيات المتباينة، وفيه تتلاشى الحدود والطلاسم وهذا كله يقدم للإبداع قدرًا هائلًا من الحرية.
وأكد «حمودة» أن هناك تنظيرات حديثة كثيرة حول الأدب الجديد الذي يستلهم تجربة التصوف، ومن هذه التنظيرات ما طرحة الباحث والروائي المغربي عبد الله بن عرفه، الذي صاغ تصورًا حول ما يسميه (الرواية العرفانية) التي تحتفي برؤى الإشراق والتجلي، لكن التجربة الإبداعية الأهم خصوصًا في مجال الرواية لا نجدها عن عبد الآله بن عرفه وإنما نجدها عند أسماء أخرى مهمة في هذا الاتجاه، منها تجربة الروائي جمال الغيطاني، خصوصًا في رواية «كتاب التجليات»، والكاتب عمار علي حسن في «شجرة العابد»، وهناك أعمال لها صله غير مباشرة بالتصوف منها «أصداء السيرة الذاتية» لنجيب محفوظ، «فساد الأمكنة» لصبري موسى، وبشكل عام إن أدب التصوف يمثل نبعًا غنيًا يمكن للمبدع المعاصر أن ينهل منه.
كما يعتقد أستاذ النقد الأدبي بآداب القاهرة، أن هناك جانبين أساسين يجعلان هذا النوع من الأدب مغريًا على مستوى الكتابة والتلقي بوجه عام، يرتبط أولهما بمساحة الحرية الكبيرة وبجانب الخيال الذي لا حدود له، والثاني يتعلق بالجمليات والصياغات المهمة التي تمثل جزءًا من أدب التصوف خلال تاريخه.
فيما كان للناقد الأدبي الدكتور سيد ضيف، رأي آخر، غلبت عليه النزعة السياسية، قائلًا: في حالة تعرض الناس للخطر وسيطرة الخوف والذعر عليهم وتعرضهم لشتى أنواع الموت الرخيص، يكون أمامهم عدة طرق، منهم من يتجه لزهد الدنيا إما عن طريق الملاهي الليلة والرغبة في الانتصار على الواقع، أو الاستغراق في التوحد مع الله والالتصاق مع مصدر الحماية والأمان والمصير الذي سينتهي إليه، وذلك عن طريق «التصوف».
وهذا ما نجده على مستوى الرواية، اليوم الشباب يشعر أنه لا قيمة له ولا أحلام لديه، بعدما فشلت الأيدلوجيات السياسية الكبرى في استيعابهم وخلق أحلام جديدة لهم، فأصبح الشباب سواء على مستوى الكتابة أو التلقي يعانون إنعدام الوزن بين الروح والجسد، لذا لجأ المبدع الشباب إلى روح الكتابة الصوفية؛ حيث وجد منطقة للتصالح مع الخيال الذي حرمته منه إيدلوجيات الإسلام السياسي، كما وجد فيه منطقة ثرية لتغذي عالم الرواية.
وعن أسباب إقبال الشباب على قراءة هذا النوع من الأدب ذو النزعة الصوفية، يقول «ضيف»: استطاعت هذه التجارب الجديدة التعبير عن احتياج الشباب في التواصل النفسي والروحي وتحقيق التوازن بينهما وبين الواقع وهذا هو سر إقبال الشباب عليها في ظل الجمود المادي الذي يعيشون فيه.
إذن نحن نقف أمام تجربة أدبية تحاول النهوض من مرقدها بعد غفوة لمئات السنوات، محاولة جذب العديد من الشباب وصحبهم لعالم القراءة من جديد. «الروح» ذلك اللغز الذي مهما حاولنا البحث عنه لا نسطيع فك طلاسمه، لذا دعونا نأخذ الأمور على علتها، فهذه الطاقة الخفية داخلنا تنجذب دائمًا للحب وكأنها تتصالح مع فطرتها التي خلقت بها، وللمصريين في هذا الشأن حالة خاصة إذ ترأهم ينجذبون لكل شئ ينبض في الحياة جمالًا وحبًا.
في الفترة الأخيرة، تحديدًا بعد ثورة 25 يناير ظهرت بعض الكتب الروائية التي غلبت عليها النزعة الصوفية لشباب الكُتاب مثل «ترنيمة سلام» لأحمد عبد المجيد، والتي لاقت قبولًا شديدًا لدى القراء –ليس هذا فحسب- بل استطاعت الوصول للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2013 فرع المؤلف الشاب، إذ ناقشت الصراع الروحي الذي يحياه الإنسان في العالم اليوم، فقد ذهب المؤلف والقارئ في رحلة يبحثون فيها عن السلام النفسي.
أيضًا لاقت بعض الروايات المترجمة مثل «قواعد العشق الأربعون»للكاتبة التركية (إليف شافاق) التي تناولت لمحات من حياة أحد رواد الصوفية في العالم (جلال الدين الرومي، الحلاج)، إقبال الكثير من القراء وطبعت عدة طبعات شعبية.
قبل الدخول إلى عالم الكتابة ذو النزعة الصوفية، التي انتشرت مؤخرًا بين الشباب في مصر، يمكننا تقسيم الأدب الصوفي إلى ثلاثة أطوار: الأول بدأ مع ظهور الإسلام وانتهي في أواسط القرن الثاني للهجرة؛ وكل ما بين أيدينا منه طائفة كبيرة من الحكم والمواعظ الدينية والأخلاق تحث على كثير من الفضائل، وتدعو إلى التسليم بأحكام الله ومقاديره، وإلى الزهد والتقشف وكثرة العبادة والورع، وعلى العموم تصور لنا عقيدة هذا العصر من البساطة والحيرة.
أما الطور الثاني بدأ من أواسط القرن الثاني الهجري إلى القرن الرابع، وهنا يبدو ظهور آثار التلقيح بين الجنس العربي والأجناس الأخرى، وفيه يظهر اتساع أفق التفكير اللاهوتي، وتبدأ العقائد تستقر في النفوس على أثر نمو علم الكلام، وفيه يظهر عنصر جديد من الفلسفة.
والأدب الصوفي في طوريه الأول والثاني أغلبه من النثر، وإن ظهر الشعر قليلًا في طوره الثاني، وفي الطور الثاني هذا بدأ تكوّن الاصطلاحات الصوفية كالشطحات والإشراقات وغيرها.
أما الطور الثالث فيستمر حتى نهاية القرن السابع وأواسط القرن الثامن، وهو العصر الذهبي في الأدب الصوفي، غني في شعره، غني في فلسفته، شعره من أغنى ضروب الشعر وأرقاها، وهو سلس واضح وإن غمض أحيانا، هذا، وقد تطور الأدب الصوفي نثرا وشعرا، وبلغ الشعر الصوفي ذروته مع ابن العربي وابن الفارض في الشعر العربي، وجلال الدين الرومي في الشعر الفارسي.
ولم ينته القرن الثالث الهجري حتى أصبح الشعر الصوفي شعرًا متميزًا يحمل بين طياته منهجا كاملا للتصوف، وأما الذين جاؤوا بعدهم فإنهم تميزوا بالإفاضة والتفسير.
كانت هذه بداية الأدب الصوفي الذي قل انتشاره وانتاجه شئيًا فشيئا مع مرور الزمن وتغير الحياة، وها اليوم يعود على استحياء مع تجارب إبداعية لشباب الكُتاب، لكن يا تُرى ما هو السر وراء احتفاء القراء به والحرص على تداوله خاصة بين الشباب؟، يجيبنا في ذلك النقاد: الدكتور حسين حمودة، والدكتور سيد ضيف.
يرى «حمودة» أن أدب التصوف يمثل تجربة مهمة من تجارب الإبداع، ويرتبط بنوع التحول عبر فترات التاريخ، حتى نصوص التصوف،كما كتبها المتصوفة في أزمنة قديمة لم تكن جزء من الأدب، ولكن النظرة إلى هذه النصوص في هذا العصر الحديث أكتشفت فيها جماليات وصيغات إبداعية رفيعة المستوى، استلهموها بطرق متنوعة، فمن القيم الكبرى في هذا النوع من الأدب، أنه يمنح المبدع مساحة رحبة من الحركة عبر الأزمنة المتعددة والأماكن المختلفة والشخصيات المتباينة، وفيه تتلاشى الحدود والطلاسم وهذا كله يقدم للإبداع قدرًا هائلًا من الحرية.
وأكد «حمودة» أن هناك تنظيرات حديثة كثيرة حول الأدب الجديد الذي يستلهم تجربة التصوف، ومن هذه التنظيرات ما طرحة الباحث والروائي المغربي عبد الله بن عرفه، الذي صاغ تصورًا حول ما يسميه (الرواية العرفانية) التي تحتفي برؤى الإشراق والتجلي، لكن التجربة الإبداعية الأهم خصوصًا في مجال الرواية لا نجدها عن عبد الآله بن عرفه وإنما نجدها عند أسماء أخرى مهمة في هذا الاتجاه، منها تجربة الروائي جمال الغيطاني، خصوصًا في رواية «كتاب التجليات»، والكاتب عمار علي حسن في «شجرة العابد»، وهناك أعمال لها صله غير مباشرة بالتصوف منها «أصداء السيرة الذاتية» لنجيب محفوظ، «فساد الأمكنة» لصبري موسى، وبشكل عام إن أدب التصوف يمثل نبعًا غنيًا يمكن للمبدع المعاصر أن ينهل منه.
كما يعتقد أستاذ النقد الأدبي بآداب القاهرة، أن هناك جانبين أساسين يجعلان هذا النوع من الأدب مغريًا على مستوى الكتابة والتلقي بوجه عام، يرتبط أولهما بمساحة الحرية الكبيرة وبجانب الخيال الذي لا حدود له، والثاني يتعلق بالجمليات والصياغات المهمة التي تمثل جزءًا من أدب التصوف خلال تاريخه.
فيما كان للناقد الأدبي الدكتور سيد ضيف، رأي آخر، غلبت عليه النزعة السياسية، قائلًا: في حالة تعرض الناس للخطر وسيطرة الخوف والذعر عليهم وتعرضهم لشتى أنواع الموت الرخيص، يكون أمامهم عدة طرق، منهم من يتجه لزهد الدنيا إما عن طريق الملاهي الليلة والرغبة في الانتصار على الواقع، أو الاستغراق في التوحد مع الله والالتصاق مع مصدر الحماية والأمان والمصير الذي سينتهي إليه، وذلك عن طريق «التصوف».
وهذا ما نجده على مستوى الرواية، اليوم الشباب يشعر أنه لا قيمة له ولا أحلام لديه، بعدما فشلت الأيدلوجيات السياسية الكبرى في استيعابهم وخلق أحلام جديدة لهم، فأصبح الشباب سواء على مستوى الكتابة أو التلقي يعانون إنعدام الوزن بين الروح والجسد، لذا لجأ المبدع الشباب إلى روح الكتابة الصوفية؛ حيث وجد منطقة للتصالح مع الخيال الذي حرمته منه إيدلوجيات الإسلام السياسي، كما وجد فيه منطقة ثرية لتغذي عالم الرواية.
وعن أسباب إقبال الشباب على قراءة هذا النوع من الأدب ذو النزعة الصوفية، يقول «ضيف»: استطاعت هذه التجارب الجديدة التعبير عن احتياج الشباب في التواصل النفسي والروحي وتحقيق التوازن بينهما وبين الواقع وهذا هو سر إقبال الشباب عليها في ظل الجمود المادي الذي يعيشون فيه.
إذن نحن نقف أمام تجربة أدبية تحاول النهوض من مرقدها بعد غفوة لمئات السنوات، محاولة جذب العديد من الشباب وصحبهم لعالم القراءة من جديد. «الروح» ذلك اللغز الذي مهما حاولنا البحث عنه لا نسطيع فك طلاسمه، لذا دعونا نأخذ الأمور على علتها، فهذه الطاقة الخفية داخلنا تنجذب دائمًا للحب وكأنها تتصالح مع فطرتها التي خلقت بها، وللمصريين في هذا الشأن حالة خاصة إذ ترأهم ينجذبون لكل شئ ينبض في الحياة جمالًا وحبًا.
في الفترة الأخيرة، تحديدًا بعد ثورة 25 يناير ظهرت بعض الكتب الروائية التي غلبت عليها النزعة الصوفية لشباب الكُتاب مثل «ترنيمة سلام» لأحمد عبد المجيد، والتي لاقت قبولًا شديدًا لدى القراء –ليس هذا فحسب- بل استطاعت الوصول للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2013 فرع المؤلف الشاب، إذ ناقشت الصراع الروحي الذي يحياه الإنسان في العالم اليوم، فقد ذهب المؤلف والقارئ في رحلة يبحثون فيها عن السلام النفسي.
أيضًا لاقت بعض الروايات المترجمة مثل «قواعد العشق الأربعون»للكاتبة التركية (إليف شافاق) التي تناولت لمحات من حياة أحد رواد الصوفية في العالم (جلال الدين الرومي، الحلاج)، إقبال الكثير من القراء وطبعت عدة طبعات شعبية.
قبل الدخول إلى عالم الكتابة ذو النزعة الصوفية، التي انتشرت مؤخرًا بين الشباب في مصر، يمكننا تقسيم الأدب الصوفي إلى ثلاثة أطوار: الأول بدأ مع ظهور الإسلام وانتهي في أواسط القرن الثاني للهجرة؛ وكل ما بين أيدينا منه طائفة كبيرة من الحكم والمواعظ الدينية والأخلاق تحث على كثير من الفضائل، وتدعو إلى التسليم بأحكام الله ومقاديره، وإلى الزهد والتقشف وكثرة العبادة والورع، وعلى العموم تصور لنا عقيدة هذا العصر من البساطة والحيرة.
أما الطور الثاني بدأ من أواسط القرن الثاني الهجري إلى القرن الرابع، وهنا يبدو ظهور آثار التلقيح بين الجنس العربي والأجناس الأخرى، وفيه يظهر اتساع أفق التفكير اللاهوتي، وتبدأ العقائد تستقر في النفوس على أثر نمو علم الكلام، وفيه يظهر عنصر جديد من الفلسفة.
والأدب الصوفي في طوريه الأول والثاني أغلبه من النثر، وإن ظهر الشعر قليلًا في طوره الثاني، وفي الطور الثاني هذا بدأ تكوّن الاصطلاحات الصوفية كالشطحات والإشراقات وغيرها.
أما الطور الثالث فيستمر حتى نهاية القرن السابع وأواسط القرن الثامن، وهو العصر الذهبي في الأدب الصوفي، غني في شعره، غني في فلسفته، شعره من أغنى ضروب الشعر وأرقاها، وهو سلس واضح وإن غمض أحيانا، هذا، وقد تطور الأدب الصوفي نثرا وشعرا، وبلغ الشعر الصوفي ذروته مع ابن العربي وابن الفارض في الشعر العربي، وجلال الدين الرومي في الشعر الفارسي.
ولم ينته القرن الثالث الهجري حتى أصبح الشعر الصوفي شعرًا متميزًا يحمل بين طياته منهجا كاملا للتصوف، وأما الذين جاؤوا بعدهم فإنهم تميزوا بالإفاضة والتفسير.
كانت هذه بداية الأدب الصوفي الذي قل انتشاره وانتاجه شئيًا فشيئا مع مرور الزمن وتغير الحياة، وها اليوم يعود على استحياء مع تجارب إبداعية لشباب الكُتاب، لكن يا تُرى ما هو السر وراء احتفاء القراء به والحرص على تداوله خاصة بين الشباب؟، يجيبنا في ذلك النقاد: الدكتور حسين حمودة، والدكتور سيد ضيف.
يرى «حمودة» أن أدب التصوف يمثل تجربة مهمة من تجارب الإبداع، ويرتبط بنوع التحول عبر فترات التاريخ، حتى نصوص التصوف،كما كتبها المتصوفة في أزمنة قديمة لم تكن جزء من الأدب، ولكن النظرة إلى هذه النصوص في هذا العصر الحديث أكتشفت فيها جماليات وصيغات إبداعية رفيعة المستوى، استلهموها بطرق متنوعة، فمن القيم الكبرى في هذا النوع من الأدب، أنه يمنح المبدع مساحة رحبة من الحركة عبر الأزمنة المتعددة والأماكن المختلفة والشخصيات المتباينة، وفيه تتلاشى الحدود والطلاسم وهذا كله يقدم للإبداع قدرًا هائلًا من الحرية.
وأكد «حمودة» أن هناك تنظيرات حديثة كثيرة حول الأدب الجديد الذي يستلهم تجربة التصوف، ومن هذه التنظيرات ما طرحة الباحث والروائي المغربي عبد الله بن عرفه، الذي صاغ تصورًا حول ما يسميه (الرواية العرفانية) التي تحتفي برؤى الإشراق والتجلي، لكن التجربة الإبداعية الأهم خصوصًا في مجال الرواية لا نجدها عن عبد الآله بن عرفه وإنما نجدها عند أسماء أخرى مهمة في هذا الاتجاه، منها تجربة الروائي جمال الغيطاني، خصوصًا في رواية «كتاب التجليات»، والكاتب عمار علي حسن في «شجرة العابد»، وهناك أعمال لها صله غير مباشرة بالتصوف منها «أصداء السيرة الذاتية» لنجيب محفوظ، «فساد الأمكنة» لصبري موسى، وبشكل عام إن أدب التصوف يمثل نبعًا غنيًا يمكن للمبدع المعاصر أن ينهل منه.
كما يعتقد أستاذ النقد الأدبي بآداب القاهرة، أن هناك جانبين أساسين يجعلان هذا النوع من الأدب مغريًا على مستوى الكتابة والتلقي بوجه عام، يرتبط أولهما بمساحة الحرية الكبيرة وبجانب الخيال الذي لا حدود له، والثاني يتعلق بالجمليات والصياغات المهمة التي تمثل جزءًا من أدب التصوف خلال تاريخه.
فيما كان للناقد الأدبي الدكتور سيد ضيف، رأي آخر، غلبت عليه النزعة السياسية، قائلًا: في حالة تعرض الناس للخطر وسيطرة الخوف والذعر عليهم وتعرضهم لشتى أنواع الموت الرخيص، يكون أمامهم عدة طرق، منهم من يتجه لزهد الدنيا إما عن طريق الملاهي الليلة والرغبة في الانتصار على الواقع، أو الاستغراق في التوحد مع الله والالتصاق مع مصدر الحماية والأمان والمصير الذي سينتهي إليه، وذلك عن طريق «التصوف».
وهذا ما نجده على مستوى الرواية، اليوم الشباب يشعر أنه لا قيمة له ولا أحلام لديه، بعدما فشلت الأيدلوجيات السياسية الكبرى في استيعابهم وخلق أحلام جديدة لهم، فأصبح الشباب سواء على مستوى الكتابة أو التلقي يعانون إنعدام الوزن بين الروح والجسد، لذا لجأ المبدع الشباب إلى روح الكتابة الصوفية؛ حيث وجد منطقة للتصالح مع الخيال الذي حرمته منه إيدلوجيات الإسلام السياسي، كما وجد فيه منطقة ثرية لتغذي عالم الرواية.
وعن أسباب إقبال الشباب على قراءة هذا النوع من الأدب ذو النزعة الصوفية، يقول «ضيف»: استطاعت هذه التجارب الجديدة التعبير عن احتياج الشباب في التواصل النفسي والروحي وتحقيق التوازن بينهما وبين الواقع وهذا هو سر إقبال الشباب عليها في ظل الجمود المادي الذي يعيشون فيه.
إذن نحن نقف أمام تجربة أدبية تحاول النهوض من مرقدها بعد غفوة لمئات السنوات، محاولة جذب العديد من الشباب وصحبهم لعالم القراءة من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.