"التنسيقية" تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول ب"الشيوخ"    مصر تسجل رقماً قياسياً في أحمال الكهرباء عند 39400 ميجاوات    «المشاط»: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية توفر إطارًا شاملًا لمواصلة مسيرة الإصلاح    وزير الإسكان يوجه بتكثيف الحملات الترويجية لمشروعات «المجتمعات العمرانية»    وزيرة الخارجية الفلسطينية: المؤتمر الدولي بنيويورك يناقش الاعتراف بدولة فلسطين    بنجلاديش تعرض شراء 25 طائرة من «بوينج» لتجنب رسوم ترامب    ضبط 119.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    البوستر الرسمي لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    مهرجان الإسكندرية السينمائي يُكرم الفنانة الكبيرة فردوس عبد الحميد    فيفا يجتمع بمسؤولي بيراميدز بشأن مواجهة أوكلاند سيتي في إنتركونتيننتال    دمياط تحتضن منافسات المصارعة الشاطئية على رمال رأس البر    المصري يؤدي مرانًا صباحيًا بعد الفوز على الترجي    7 مصريين بسباق التجديف الشاطئي في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    استعدادًا ل المونديال.. منتخب اليد يواجه السعودية اليوم وديًا    محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول ببعض المدارس الفنية بمختلف تخصصاتها    الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة والقاهرة في الظل 40 درجة    «مباحث التموين» تضبط 6 قضايا في حملة بالقاهرة    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية والناجحين    على مدار اليوم.. مواعيد انطلاق القطارات من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري الاثنين 28 يوليو    وكيل "تعليم الجيزة" يتفقد امتحانات الدور الثاني.. ويُحيل مسؤولين للتحقيق بسبب التقصير    «حماة الوطن»: نشارك بمبدأ التنوع لا التنازع والمشاركة لا المغالبة ضمن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ    البورصة المصرية تستهل تعاملات الإثنين بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات    حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    بسبب أغنية مشاعر | بسمة بوسيل تفجّر مفاجأة وزوجة رحيم تردّ    نورا ناجي: رضوى عاشور كاتبتي المفضلة والحصول على جائزة تحمل اسمها مكافئة منها    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    «الصحة» تنصح المواطنين بالإكثار من السوائل لتجنب مخاطر ارتفاع حرارة الطقس    «الصحة» تصدر بيانًا بشأن وفاة «نورزاد هاشم» داخل مستشفى خاص    «الرعاية الصحية» تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية على الاعتماد الدولي (WSO)    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    خروج جثمان زياد الرحباني من المستشفى وسط حشد كبير من الجمهور (صور وفيديو)    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    مظاهرتان مؤيدة ومناهضة للهجرة أمام فندق طالبي لجوء فى بريطانيا والشرطة تتدخل    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    ضبط 249 قضية مخدرات وتنفيذ 62443 حكما قضائيا متنوعا خلال 24 ساعة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    بث مباشر| شاحنات المساعدات تتحرك من مصر باتجاه قطاع غزة    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    الإطار التنسيقي الشيعي يدين هجوم الحشد الشعبي على مبنى حكومي ببغداد    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    «الكهرباء» تبدأ إجراءات عودة التيار للمناطق المتضررة في الجيزة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 28 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عبداللطيف»:«إلياس» المهزوم في كل العصور وضحية التطرفات وأنظمة الحكم الفاسدة
نشر في البديل يوم 11 - 11 - 2014

ينطلق الكاتب والروائي الشاب أحمد عبد اللطيف في روايته الجديدة «إلياس» من سؤال الحاضر الذي نعيشه الآن "ماذا نفعل وفي أي طريق نسير" ويطرح ذلك السؤال على لسان البطل متعدد المستويات، الباحث عن هويته وجذوره، في تراجيديا شديدة التعقيد، راسمًا صورة لأزمة الإنسان المنسحق المهزوم في لغة جديدة.
حول «إلياس» ومشروعه السردي كان للبديل حوار مع أحمد عبد اللطيف، إلى نص الحوار…
تعتمد في روايتك الجديدة على التوازي بين الحضارات والأديان وتركز على بعض سنوات التوتر في تاريخ القاهرة وغرناطة… فلماذا غرناطة تحديدًا؟
«غرناطة» تمثل في التاريخ مدينة المطاردات الدينية، فبعد سقوط الأندلس نهائيًا عام 1492، بدأت محاكم التفتيش التي فرضت المسيحية على المواطنين جميعًا، وكانت هذه وصمة عار جديدة في جبين البشرية. حينها تم طرد العرب وملاحقتهم، فيما نجا منهم في البداية من اعتنق أو ادعى أنه اعتنق المسيحية، وهم من أطلق عليهم لقب "الموريسكيون". الكثير من المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية تركز وجودهم في غرناطة، ورغم اعتناقهم دين السلطة للدفاع عن حياتهم، إلا أن السلطة لم تكتف بذلك وطاردتهم على خلفية ماضيهم، وأقامت لهم مذبحة عام 1610، وكانت غير مبررة بالمرة. الغريب أن السلطة الكاثوليكية اعتمدت نفس المبرر الذي تستخدمه الآن السلطات الاستبدادية: المؤامرة الخارجية. وادعت هذه السلطة أن مسلمي غرناطة يتآمرون مع فرنسا ضدها. هذه الحادثة، بجانب حادثة دخول العرب مصر وتحويل مسيحييها إلى مسلمين ومحاولة القضاء على الهوية المصرية على مر العصور، من أكثر الأشياء التي استوقفتني تاريخيًا.
"ساق التاريخ مبتورة. ساق التاريخ مبتورة في حادثة. في حادثة سيارة. في حادثة قطار. في حادثة تحدث كل يوم في مدن تشبه مدينتي. مدينة الخسائر"
قلت إن الرواية تقدم إعادة قراءة للتاريخ وتفتح نافذة شك جديدة على الحقائق الثابتة، ولكن ألا ترى أن البناء اللغوي أعاق تقدم الحكاية، فاللغة هي سيدة النص، أم قصدت أن تقول إن التاريخ ليس أكثر من لغة، تستطيع خلق الحقائق من الأكاذيب؟
الرواية لا تقوم على الحكاية الإطارية التقليدية، بل حكايات متشظية يمكن بجمعها تكوين صورة عن البطل وتاريخه، بذلك رأيتها اللغة المناسبة لهذه الحكايات. من جانب آخر، أنا أحب اللعب مع اللغة واستخراج جماليات جديدة منها، جماليات تتسق كذلك مع المضمون، مع فكرة أن لغة التاريخ الإنساني يمكن تلخيصه في الهذيان.
يبدو أنك تدفعنا لفهم موضوع الهوية من مدخل آخر مختلف عن المداخل التقليدية الأخرى التي غالبًا ما كانت تختصر الهوية ما بين هوية إسلامية وأخرى وطنية قومية، هل أردت نسف هذه الأفكار التقليدية البالية، التي أثبتت فشلها أمام أزمة الإنسان المنسحق المهزوم؟
سؤال البحث عن الهوية أحد الأسئلة الأساسية في الرواية، والحقيقة أنه سؤال يشغلني على الدوام، خاصًة في الحالة المصرية التي تعاقبت عليها الحضارات المختلفة، وبالتالي لا يمكن الحديث هنا عن هوية واحدة بل هويات متعددة. ربما كان التعصب لفرض هوية واحدة، "الهوية العربية الإسلامية"، ما أثر بالسلب على المجتمع المصري، حتى بات الأمر يشبه "الهويات القاتلة" بتعبير الروائي اللبناني أمين معلوف. الأزمة بدأت تحديدًا بوصول العرب، مع إصرارهم على محو الحضارات السابقة والديانات المتنوعة وفرض لغتهم. لكن الأمر لم يتوقف عند فرض اللغة، بل امتد لفرض الثقافة، هنا أستحضر الغزو الإسباني لأمريكا اللاتينية، فرغم قوته وفرض لغته إلا أنه لم يغير هوية كل بلد وثقافته. ومع الفترة الناصرية، كان التأكيد بقوة على الهوية العربية في مقابل تهميش هويات أخرى مثل السيناوية والواحاتية والنوبية، مع إهمال تام للتاريخ المصري القديم والتعامل معه باعتباره "تاريخ وثني". أما "إلياس"، في المقابل، فتنتصر للإنسان الضعيف المغلوب على أمره، وتوجه نقدها في قالب فني لتلك السلطة التي تسعى دومًا لمحو هويته.
لغة الرواية تبدو مشيطنة وملعونة… من هو إلياس الذي صنعت له هذه اللغة؟
لغة الرواية اعتمدت على التكرار كوسيلة أسلوبية، مثّلت شكلًا من أشكال الانشطار اللغوي لتعكس حياة البطل وتوتره. أما إلياس فهو الإنسان المهزوم في كل عصر، هو الضحية لكل أنظمة الحكم الفاسدة، ولكل التطرفات الدينية، هو الرجل المسالم الذي وجد نفسه مضطرًا للتخلي عن ديانته للحفاظ على حياته، وتنفيذ أوامر السلطة استجابة لقناعات بالية. إلياس في النهاية هو الممثل الذي يتقمص أدوار آخرين.
في هذه الرواية كان رهانك على اللغة…إلى أي مدى حققت طموحك؟
بشكل شخصي، أعتقد في وحدة الشكل والمضمون، بمعنى أن يكون الأسلوب والتكنيك وسيلة لتعرية الأفكار والأسئلة، ومتسق مع الحكاية. مع ذلك، كنت أطمح لخلق لغة سرد جديدة تناسب العالم الروائي من ناحية، وتكون مرآة لأزمة البطل من ناحية أخرى، وتعبر عن الإنسان في هذه اللحظة، بكل ما يعانيه من هذيان وعدمية وهزيمة. أقول إنني أحاول، أحاول وأجرب، وكلما اعتقدت أنني لازلت أجرب، أطمئن على نفسي، لأنني أعتقد أن الكاتب المطمئن يتوقف عن الكتابة.
هناك مجموعة أصيلة من الأسئلة المتعلقة بالعدم والوجود، والتي غالبًا ما تكون مشتركة في كل أعمالك، ولكن هذه الأسئلة لا تشغل بال الكثيرين، فهل تراهن على قاريء معين؟
أظن أن الكاتب يجب أن يطرح أسئلته الخاصة، ويفترض أن آخرين يهتمون بنفس الأسئلة أو قد يهتمون بها. سؤال الموت والحياة، سؤال التاريخ والماضي، سؤال التحولات التي تحدث للفرد أو للعالم، سؤال التطرف الديني أو الحكم المستبد، سؤال العزلة بقسوتها، سؤال الهوية، كلها أسئلة مطروحة في كتابتي برفقة سؤال الوجود نفسه. هذه الأسئلة في ظني تهم كل إنسان في لحظة ما أو طول الوقت، وهذه أسئلة الأدب في حقيقته. أما القاريء الذي أراهن عليه فهو قاريء الرواية، محب هذا الفن والمستعد لتلقيه، لأن كتابتي لا تتطلب مزايا خاصة لفهمها. أعتقد أنني أكتب رواية سهلة القراءة، ومسلية إلى حد كبير، ومن خلال ذلك أقول ما أريد قوله، وأجرب ما أريد تجريبه.
الخيال الذهني ركيزة أساسية في أعمالك فماهي حدود الواقع والخيال عند كتاباتك للرواية؟
أعترف لك أنني لا أعرف تحديدًا ما هي الحدود بين الواقع والخيال. هل الأحلام المنامية واقع أم خيال؟ أحلام اليقظة واقع أم خيال؟ الهواجس، والوساوس، والخوف من المجهول، والتاريخ.. هل هذه الأشياء واقع أم خيال؟
مع ذلك، لأكون أكثر تحديدًا، أنا أنطلق من سؤال داخلي يخرج من قلب الأرض، من قلب الواقع، من داخل ذاتي التي هي جزء من الواقع الملموس، في محاولة لفهم ما يحدث. عادةً ما افترض فرضيات تبدو للوهلة الأولى غريبة، لكنها في حقيقتها ابنة الواقع وأزمة الإنسان في مواجهته. اللعبة في كل مرة تختلف، من رواية لأخرى، لكن الأسئلة متكررة: الوحدة والتيه والتحولات، كل ذلك في سياق سؤال أكبر: ماذا نفعل هنا؟ أعتمد بشكل أساسي وكبير على "التأليف" أو "التخييل"، أجنح إلى الفانتازيا الميتافيزيقية، ومع ذلك يمكن رد كتابتي إلى واقع ملموس أو تأويله ليكون جزءًا من المتعارف عليه. يقول الروائي الإسباني خابيير مارياس إن الرواية "أن تقول للقاريء ما يعرفه دون أن يعرف أنه كان يعرفه"، أعتقد أن هذا ما أفعله في كتابتي عبر التطلع للواقع من نافذة الخيال، ومحاولة تصوره بغير صورته المعتادة. بالإضافة لذلك، أطمح لكتابة روايات غريبة، لأنني أعتقد أن الرواية يجب أن تكون غريبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.