ارتفعت خلال الأيام الماضية حدة الانتهاكات الصهيونية وممارستها داخل الأراضي المحتلة، حيث لم تكتف القيادات الصهيونية وقوات الاحتلال بالتخطيط لتنفيذ اغتيالات تستهدف كوادر فصائل المقاومة، بل امتدت لتستهدف المدنيين والأسرى المحررين، فضلا عن أنها تضمنت عمليات هدم للبيوت وتهجير للسكان، ليتم بعد ذلك توطين المستوطنيين اليهود في الأراضي المحتلة بدلاً من الفلسطينين أصحاب الأرض، هذا فضلاً عن حوادث الدهس المتعمد وحملات الاعتقال والقمع الممنهج، بل إزدادت وتيرة الانتهاكات الصهيونية لتطال المقدسات الدينية من خلال السماح للمجموعات الاستيطانية باقتحام المسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال الصهيوني. صباح اليوم اقتحمت قوات الاحتلال الاسرائيلي ولأول مرة المسجد القبلي المسقوف ومنبر المسجد الأقصى المبارك، بعد حصار فرضته بهدف إخراج المعتكفين بداخله، يأتي ذلك في أعقاب دعوات وجهها آلاف المتطرفين اليهود أمس لتنفيذ اقتحام لباحة المسجد الأقصى الشريف بمناسبة مرور أسبوع على إصابة الحاخام اليهودى المتطرف "يهودا جاليك"، كما وزعت عناصر من جماعة أنصار الهيكل المزعوم بيانات فى شوارع القدس، تطالب اليهود باقتحام الأقصى وتأدية الصلوات اليهودية بباحة المسجد، موضحة أن مكان تجمع المتطرفين سيكون عند باب المغاربة القريب من المسجد الأقصى، وحمل البيان المتطرف عنوان "النفير إلى الأقصى" كما وصف البيان الفلسطينيين المرابطين بالمسجد ب"الإرهابيين". من جانبه، قال مدير المسجد الأقصى "عمر الكسواني"، إن أكثر من 300 جندي اقتحموا باحات الأقصى وبدأوا بمحاصرة المعتكفين بداخل الجامع القبلي وإطلاق الأعيرة المطاطية تجاههم فيما يرد الشبان بالحجارة. أسفر اقتحام قوات الاحتلال للمسجد عن إصابة العشرات، الذين تم نقلهم للعلاج في العيادات الطبيّة القريبة، ووصفت إصابة إثنين منهم بأنها خطيرة، فضلا عن أنه تم اعتقال خمسة من المصلين الذين كانوا متوجدين داخل المسجد أثناء الاقتحام، هذا بالاضافة إلى الخراب والدمار الذي خلفه الاعتداء الصهيوني هناك، وحريق في محراب المسجد وعند بعض أعمدته، وأغلب التقديرات أنه نشب جراء كميات القنابل المسيلة للدموع وقنابل الصوت الهائلة التي ألقتها قوات الاحتلال باتجاه المرابطين في الحرم المقدسي وداخل مساجده. الاحتلال الصهيوني تجاوز عبر هذه الانتهاكات كافة الخطوط الحمراء لإستفزاز مشاعر الفلسطينيين، حيث كانت سلطات الاحتلال قد أغلقت المسجد الأقصى في وجه المصلين المسلمين في خطوة هي الأولى من نوعها منذ احتلال القدس عام 1967، لكنها اضطرت لاحقا لفتحه بعد تصاعد حدة التوتر والاشتباكات التى دامت لعدة أيام. المقاومة الفلسطينية توعدت بالرد على هذه الانتهاكات الصهيونية المتكررة، حيث قالت كتائب عز الدين القسام ،الجناح العسكري لحركة حماس، "إن العدو سيدفع ثمناً باهظاً لممارساته الإجرامية التهويدية في المسجد الأقصى والقدس"، مضيفة أن المقاومة تعد وتجهز لانتصار أكبر من انتصار العصف المأكول من خلال معركة مقبلة ستكون الأقسى في تاريخ العدو، أما حركة الجهاد الإسلامي فأكدت أن "معركة الدفاع عن القدس مفتوحة ومستمرة، وأن العدوان المستمر بحق الأقصى سيواجه بكل عزيمة". وبالفعل نفذ "إبراهيم العكاري" 38 عاما، وهو من سكان مخيم شعفاط، حادثة دهس في القدسالشرقية، أسفر عنها مقتل جندي صهيوني وإصابة 13 آخرين، بينهم 5 إصابتهم خطيرة، حيث استشهد منفذ العملية في مكان الحادث بعد أن زعمت الشرطة الإسرائيلية أن الفلسطيني الذي نفذ الحادث ناشط في حركة حماس، وأوضحت أن منفذ العملية كان يستقل سيارة "فان"، وتمكن من إصابة ودهس عدد من ركاب "القطار الخفيف" أثناء انتظارهم بالمحطة في شارع "برليف"، كما صدم عددا من السيارات، ليخرج بعدها من سيارته، ويبدأ هجومه على المارة، باستخدام عصا حديدية، الأمر الذي دفع قوات الشرطة بالمنطقة إلى إطلاق النار نحوه فأردته قتيلا في الحال، وأغلقت السلطات الإسرائيلية حاجز قلنديا العسكري، وهو المنفذ الوحيد بين رام اللهوالقدس. من جهتها اعلنت فصائل وحركات فلسطينية عن مباركتها لعملية القدس، داعية إلى تنفيذ المزيد من هذه العمليات للتصدي لمحاولة تقسيم الاقصى وتهويد المدينة المقدسة، حيث أعلنت حركة "حماس" عن مباركتها للعملية ودعت إلى تنفيذ المزيد حتى يرتدع الإحتلال ويوقف انتهاكاته، معتبرة أن العملية مؤشر على أن الأوضاع مهيأة للانفجار في ظل استمرار جرائم الاحتلال. حركة "الجهاد الإسلامي" باركت العملية أيضا، قائلة "إن هذه العملية رد شعبنا الفلسطيني على العدوان الصهيوني ضد المسجد الأقصى وتدنيس محرابه الشريف", وحذرت لجان المقاومة في فلسطين الاحتلال من مغبة مواصلة عمليات العدوان والتدنيس المتكررة بحق المسجد الأقصى المبارك، مؤكدة أن عملية الدهس في القدس جزء بسيط من تسديد الفاتورة للاحتلال الذي تجرأ على الأقصى. لجان المقاومة دعت إلى تنفيذ المزيد من العمليات معتبرة أنها الوسيلة الوحيدة لردع الاحتلال من الإقدام على تدنيس المقدسات، وطالبت اللجان جماهير الشعب الفلسطيني المرابط في القدسالمحتلة والداخل الفلسطيني للذود بالنفس والمال للدفاع عن الأقصى. في عام 2000 الماضي، كان اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني السابق "آرئيل شارون" سببا رئيسيا في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، لا سيما وأن هذا الانتهاك الصهيوني جاء في ظل حالة من الشعور بالاحباط العام وجمود المفاوضات، ومع تشابه هذه الظروف التي اندلعت خلالها انتفاضة الأقصى والوضع الراهن في الأراضي المحتلة، تتزايد احتمالات اندلاع الانتفاضة الثالثة فهل يصبح الأقصى سببا في إشعال شرارة هذه الانتفاضة؟.