تعالت صيحات وسائل الإعلام المصرية، وأصوات بعض الشخصيات العامة والسياسيين فى مصر بخصوص نتائج الانتخابات التونسية، وأكد الجميع أن الإخوان المسلمين متمثلين فى حزب النهضة بتونس سحقوا وفشلوا ولم يحصلوا على شيء في الانتخابات التى حدثت، بينما فى حقيقة الأمر حزب النهضة حصل على نسبة 31% من أصوات الناخبين بعدد مقاعد 68، بعد حزب نداء تونس الذي حصل على 38% بعدد مقاعد 83. كما حصلت 5 تكتلات سياسية وأحزاب أخرى على عدد مقاعد 55 فقط وهو ما يعد بالفعل تراجعاً كبيراً فى شعبية الإخوان المسلمين بتونس، ولكنه لا يعد سقوطاً كاملاً وإنهاء لمشروع الإخوان فى تونس لأن وجودهم بهذه النسبة فى البرلمان والساحة السياسية لن يكون قليلاً . الأداء الإعلامي المبالغ فيه وتغيير بعض الحقائق قد يأتي بنتائج عكسية، كما أنه يفتقر الى المهنية، ولذلك فالبديل تطرح تساؤلاً، لماذا المبالغة فى إعلان النتائج الأولية للانتخابات فى تونس؟، وكيف يحاول البعض توظيف الأمر سياسياً وإرجاع ذلك للحالة المصرية؟ بينما الاختلافات واضحة بين كلا المجتمعين المصري والتونسي، والأوضاع السياسية هنا وهناك.. وفى هذا السياق يقول مجدي حمدان، القيادي السابق بجبهة الإنقاذ وعضو الهيئة العليا بحزب المصريين الاحرار، :"بالفعل هناك مبالغات غير مبررة من جانب الإعلام المصري، والبعض يريد توصيل صورة خاطئة عن الأوضاع فى الدول العربية، مشيراً إلى أن هناك مرحلة جديدة من التفتت والانقسام، فهناك 3 جهات تحاول شد الوطن ناحيتها مع عدم مراعاة أي تداعيات لذلك". فالحزب الوطني يحاول الرجوع بقوة ويحاول تشويه ثورة يناير، وهناك جماعات الإسلام السياسي الذين يهيلون التراب على أي إنجاز يذكر ويستخدمون إعلامهم فى التشوية والتزوير، وهناك شباب الثورة الذين يشعرون بالغربة وعدم الانتماء إلى هذا أو ذاك كما أن لديهم شعورا دائما بالإحباط وسرقة الثورة لذلك أعتقد أن هذه الحالة تشكل خطورة على المجتمع المصري . وأضاف "حمدان" أنه مستاء مما أسماه "إعلام السباب" ولم يكن يتصور أن الحال يصل بمصر إلى وجود مذيعين على شاشة التليفزيون يسبون ويشتمون بهذه الألفاظ على الهواء مباشرة، مثل أحمد موسى، ويوسف الحسيني، وعمرو أديب وغيرهم. وأكد أن الأوضاع بالنسبة لتونس تبدو طبيعية حيث شعر المجتمع التونسي بفشل جماعات الإسلام السياسي، وعدم وجود برنامج أو رؤية لديهم، وقامت المعارضة بتجميع أنفسها فى قوائم وتكتلات، ونجح حزب نداء تونس بالتعاون مع السيسي فى حصد الأغلبية هذه المرة، وهذه التجربة مشرفة وتستحق التأمل ولا تحتمل أن تستخدم كما يستخدمها الإعلام المصري والمبالغة في الأحداث. وقال سراج قنبر القيادي بجبهة الشباب الناصري، إن التناول الإعلامي على جميع الجوانب أصبح مبالغاً فيه ولذلك فهو يعطى بعض الموضوعات أكبر من حجمها، ويوظف موضوعات فى غير أماكنها. وبالفعل حزب النهضة فى تونس فشل فى حصد الأغلبية كما كان يحدث سابقاً وذلك مؤشر مهم ولكنه لم يخسر فى المطلق بل حصل على نسبة عالية من نسبه تصويت التونسيين، ونحن نختلف كلياً مع حزب النهضة الاخواني فى تونس. ولكن لا يجب أن نقارن بين المجتمع المصري والتونسي فطبيعة كل مجتمع مختلفة والإدراك العام مختلف، وإخوان مصر أنفسهم مختلفون عن إخوان تونس، فالأخيرة أكثر اتزاناً وإدراكا مما هم عليه هؤلاء المغيبون الإرهابيون فى مصر . وأضاف "قنبر" أن على الإعلام أن يكون منطقياً ويصف الأمور كما هي، ويدع الحكم للمشاهد نفسه، بدلا من إصدار الأحكام ذات القوالب الجامدة، والتى على المشاهد أن يأخذها كما يقولها الإعلامي، ولا يفكر حتى في مدى خطئها، لافتاً إلى أن الإخوان فى تونس، وإن كانت الغلبة عليهم هذه المرة، إلا أنهم مازلوا يحتلون جانبا كبيرا من المشهد على عكس تماماً الاخوان فى مصر الذين أصبحوا فى خانة أعداء الوطن ويتم التعامل معهم سياسياً وجنائياً وشعبياً على هذا الأساس.