يستعد الغزيون لاستقبال فصل الشتاء لهذا العام بأشكال من الحزن والمعاناة، فبعد العدوان الأخير على القطاع، أصبح الكثير من الناس بلا سقفٍ يقيهم مطر الشتاء أو برودته، لا سيما وأنَّ عدداً من المواطنين قد فقدوا بيوتهم خلال الحرب، ليفقدوا السقف الذي كان يظللهم ويؤويهم، ويصبحوا عرضةً للأمراض والآلام التي قد تصيبهم حين يأتي الشتاء. ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة قال إنه سيتم إعادة فتح المدارس من جديد لإيواء الناس في حال ساءت الظروف الجوية في غزة خصوصاً وأنه في العام الماضي كان هناك منخفضاً جويًّا حاداً قد عصف بالقطاع وأدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية وغرق مناطق بأكملها تحت مياه الأمطار. هذا وقد ذكر سرحان بأنَّه أصلاً هناك بعض المدارس التي لا زالت تستخدم كمراكز لإيواء النازحين الذين لم يجدوا أماكناً للسكن، ما يعني أنَّ التركيز على إيجاد أماكن آمنة للجوء هؤلاء السكان هو أمر في غاية الأهمية في الوقت الراهن. "وزارة الأشغال تعمل على ملف إعادة الإعمار، من خلال توفير مراكز إيواء مؤقتة، حصر المنازل التي تم تدميرها بشكل كلي أو جزئي أو بسيط، وضع خطط لإدخال مواد البناء وازالة الركام، فكل الجهد مبذول في أعمال الترميمم لبعض البيوت، وكل الأحمال مصبوبة في هذا الجانب، أما الاستعداد للأمطار، فالموضوع بشكل رئيس تتعهد به البلديات لأنها هي من تقوم بتشكيل شبكات الصرف الصحي وتجمع مياه الأمطار، أما نحن كوزارة أشغال فنقوم بمساعدة البلديات لتوفير أجواء أكثر ملاءمة لتفادي هذه المشاكل". كان هذا جزءً من حديث سرحان للبديل، والذي تابع متحدثاً عمَّا لو حدث منخفض جوي كبير كما حدث في السنة الماضية: "هو جهد مشترك من وزارة الحكم المحلي بما يشمل البلديات، ووزارة الأشغال، ووزارة الشؤون الاجتماعية، إضافة إلى جهاز الدفاع المدني، نأمل من الله ألا يتكرر ما حدث العام السابق، ولكن فيما لو حدث هذا المنخفض، سنكون على جاهزية وفق إمكاناتنا للقيام بالمهام المطلوبة منا، أما عن ملجأ المواطنين فيما لو تأزمت الأمور، حينها سنضطر آسفين إلى إعادة إيواء الناس في المدارس لأنها المكان الوحيد الذي قد يستوعب هذه الأعداد الهائلة من الناس". وحول الناس الذين فقدوا بيوتهم جراء العدوان الاسرائيلي على غزة وما إذا كان هناك بديلاً عن هذه البيوت التي تم تدميرها، تابع سرحان: "البديل هو أن يتم دفع بدل إيجار شقق سكنية لهؤلاء الناس، أو بناء بيوت مؤقتة لهم إذا كان هناك مساحات كافية لدى بعض البيوت، أو توفير بعض الكرفانات المؤقتة التي ليست بديلاً وإنما لوقايتهم من الظروف الصعبة التي يعيشونها الآن". المواطن مازن القيشاوي من سكان حي الشجاعية شرق غزة قال بأنَّ ظروف المواطنين هناك صعبة وغير مرضية لأحد، مشيراً: "حتى هذه اللحظة مش عارفين شو لازم نعمل بعد هذا الدمار اللي حل بالحي، شقق الإيجار عالية جداً، ونحن مضطرين نسكن في المنزل نفسه وهو غير مهيأ أصلاً للسكن، ولكن هذا هو الموجود. تعرضنا للمطر قبل ايام وكانت بسيطة، ولكننا ما بنعرف كيف تصبح الأمور بعد ذلك!". أما المواطنة آمنة عوض فقد أفادت للبديل: "لا يوجد سقف لبيتي، وما تسترنا هي الحوائط فقط، الشتاء في الطريق إلينا ولدي طفل عمره ثلاثة شهور، لا يوجد مأوى لنا ولا نعرف كيف يمكن لأحد أن يخلصنا من هذه المشكلات الصعبة والكبيرة. نطالب المسؤولين بالنزول إلى الأحياء المنكوبة، وأن يحاولوا تقييم الوضع، السكان في حي الشجاعية يخشون من تضاعف المشكلات التي قد يتعرضون لها، فالأوضاع التي يعيشونها مضنية للغاية، وقد تزداد صعوبة بقدوم فصل الشتاء الذي سيكون قاسياً علينا". الشعراء يتغنون دائماً بالمطر، إلا أنهم لم يجربوا غضبه يوماً، فالحال في غزة يختلف عن الأحوال في المدن البعيدة، لا أحد هنا يتغنى بالمطر، لأنهم يعرفون الأضرار الكبيرة التي قد تلحق بهم، إذا ما قرر المطر أن يكون كريماً هذا العام، وهذه غزة التي انتظرت مواسم كثيرة، تنتظر المطر راجيةً أن يكون خفيفاً وسهلاً على سكانها.