500 جنية ثمنًا لإسكات زوجة «محمود بقشيش» أعمال فنية ضائعة لأكثر من 14 عامًا للفنان الراحل «محمود بقشيش»، شارك بها في معرض للجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي، نهاية القرن الماضي، طالما طالبت زوجته بالحصول عليها، حتى أصبحت تائهة بين شبكة معقدة من الأشخاص الذين تنصلوا عن مسئوليتهم، ليس هذا فحسب، فبعد التواصل معهم لمعرفة «أين هذه الأعمال الآن؟»، تأتي إجاباتهم لتبعث مزيدًا من الدهشة وعلامات الاستفهام التي تتحول للغز كبير. قبل الانخراط في ملابسات المشكلة، نقف على أزمة أخرى، فمجلس إدارة الجمعية لم ينعقد لأكثر من 10 سنوات، حسبما أكد لنا الفنان التشكيلي عز الدين نجيب، ما يعني توقف نشاطها، وفقًا للقانون، الذي يُلزم الجمعيات الأهلية بانعقاد جمعيتها العمومية وإعادة تشكيل أكثر من ثلث أعضاءها كل سنتين، وإلا يتوقف نشاطها ويسحب ترخيصها، وبناءً عليه توجهت «البديل» إلى حي باب شرقي بميدان العباسية، للتأكد: "هل حقًا الجمعية ما زالت تحتفظ بالترخيص أم لا؟"، ليحمل رد الموظفة المسؤولة المفاجأة: «الجمعية نشاطها متوقف، إلا أن التصريح لا يزال ساريًا»، ما يعد مخالفًا للقانون، وهنا تشكلت أولى علامات الاستفهام. تعرفنا على ملابسات القضية، خلال لقاء جمعنا ب«هدى يونس» زوجة الفنان الراحل، التي أكدت تعسف كمال الجويلي- رئيس مجلس إدارة الجمعية، وعادل ثابت- أمين صندوق الجمعية، ضدها، والمرواغة في تسليمها أعمال الراحل التي تحتفظ بها الجمعية، لتؤكد: قدم «بقشيش» 5 لوحات للجمعية -باعتباره عضوًا مؤسسًا لها عام 1999- وظلت بها حتى رحل عن عالمنا في 2001، بحسن نية تركت اللوحات في حوزتها، وفي 2003 نظمت الجمعية معرضًا لأعمال الراحل التي تركها في أمانتهم. بعد إقامة المعرض انتقلت الجمعية إلى مقر جديد بمدينة نصر، وفي 2007 زار الفنان عز الدين نجيب المقر، ليرى أمام عينيه لوحات الفنان محمود بقشيش معروضة على الجدران، ما يؤكد أن اللوحات ليست بحوزة الراحل، في يونيه 2014 اختلف الأمر، هنا تقول «هدى»: طالبني عادل ثابت- أمين صندوق الجمعية، لوحات جديدة لمقتني يريد شراء لوحات «بقشيش» بالتحديد، فأوضحت أن لدى الجمعية 5 لوحات، يمكن عرضهم على المقتني، لكنه أكد أن «الجمعية مغلقة ولا يمكن فتحها إلا بأمر رئيسها»، فالتزمت بما يقال -رغم عدم منطقيته إطلاقًا- وتوجهت إلى «جويلي»، وطالبته باللوحات، ليدعي أن الراحل استلمهم بعد المعرض! ترد على «جويلي»: المعرض كان في 2003، و«بقشيش» توفى في 2001، فهل خرج من قبره ليتسلمهم؟!! فقال: «أصرفي نظر عن الموضوع نهائيًا، وأنا حصرفلك 500 جنية شهريًا، وحكتبها في وصيتي»، فقلت: «لست جائعة ولا متسولة، أنا أطالب بحقي وحق الفنان الراحل»، فرد: «لا أظن أن اللوحات بحوزتنا». تابعت زوجة «بقشيش»: توجهت في نفس اليوم إلى عادل ثابت، الذي فاجأني «لا أعتقد أنهم 5 لوحات، ربما واحدة فقط، وأظن أكلتها الفئران»، لم أجد رد إلا: «هل يعقل أن تأكل الفئران لوحات الراحل بالتحديد، ولو افترضنا صحة ظنك، أريد بقايا اللوحات». تقدمت «هدى» بمذكرة مختصرة للواقعة إلى الدكتور حمدي أبو المعاطي- نقيب التشكيليين، في 6 أغسطس المنصرم، إلى الآن لم تتلق الرد، لذا طالبت بفتح التحقيق في القضية، مهددة: إذا لم يتدخل النقيب سأتقدم ببلاغ للنائب العام، أتهم فيه الأشخاص بعينها، كما أن الفنان عز الدين نجيب أكد شهادته بعدم اختفاء المقتنيات. تبدو الخيوط واضحة ومنحصرة بين كمال جويلي-رئيس الجمعية، عادل ثابت- أمين الصندوق، والفنان عز الدين نجيب، الدكتور حمدي أبو المعاطي- نقيب التشكيلين، إلا أن الأخير أشار إلى أطراف جديدة رفض الإفصاح عنها، معقبًا على طلب فتح التحقيق في القضية: أبحث حاليًا عن حل ودي للموضوع، وإذا فشلت المحاولات سأتخذ إجراءً رسميًا، إذ لابد من سماع وجهات النظر الأخرى؛ لعدم اتخاذ أي إجراء جزافي مع المتورطين، لابد من الأخذ في الاعتبار أننا نبحث عن مقتنيات ضاعت منذ 14 عامًا، وعلينا مراعاة بلوغ رئيس الجمعية 94 عامًا، ولم يعد متذكر لشيء. الرد أثار استياء زوجة الراحل، متسائلة: كم يريد نقيب التشكيلين من الزمن ليبحث في الموضوع بشكل جدي؟ ألا يكفيه شهرين من الحوارات الودية التي لم تفي بشيء حتى الآن؟ فيرد بدوره «أبو المعاطي»: النقابة لا تعمل 24 ساعة، وكيف أتوصل لنتيحة مع أطراف تنكرت لوجود اللوحات. رفض الفنان عادل ثابت الحديث عن الموضوع، رغم اعتباره المسؤول الأول بصفته أمين صندوق الجمعية، مكتفيًا بقوله: «لست رئيس الجمعية، وكمال جويلي وحده من يملك فتحها، وأوضح أنني لم أكن عضوًا بالجمعية وقت انعقاد المعرض في 2003». تصريحات «ثابت» مخالفة تمامًا لما قاله لنا «جويلي»، الذي أكد أن المفتاح مع أمين الصندوق، قائلًا: "كثيرًا ما فتح «ثابت» الجمعية، وأخذ منها لوحات لفنانين آخرين"، إذن بعد ما قاله «جويلي» لماذا يرفض «ثابت» فتح الجمعية؟ ومما يخشى؟ ولماذا تعنت ورواغ في فتح الجمعية، فمن المفترض أن بها العشرات من أعمال كبار الفنانين الآخرين إلى جانب أعمال «بقشيش».. فأين هي؟ أليس من حق هؤلاء الفنانين الحصول على أعمالهم؟ أين حق الجمهور؟ أم أن «ثابت» ينتظر أن تأكلها الفئران، كما أكلت أعمال «بقشيش»؟!