"القصة عبارة عن تفاصيل ملقاة على رصيف الشارع، تنتظر من يلتقطها" عبارة الكاتب والروائي منتصر القفاش تلك كانت هي محور النقاش حول المجموعة القصصية الأولى «شبح طائرة ورقية» للكاتب الشاب هشام أصلان، في الندوة التي أقامتها أمس- الثلاثاء دار العين وسط حضور كبير للنقاد والمثقفين. قال «القفاش»: إن "شبح طائرة ورقية" من المجموعات التي يمكن أن نطلق عليها كتاب قصص، لوجود رابط بين قصص المجموعة رغم أن كل قصة مستقلة بذاتها، مشيرًا إلى أن الراوي مهموم برصد التفاصيل، ليس لاتخاذ مسافة من العالم بل من أجل تقريب المسافات والتعرف أكثر على الأشخاص. وتابع: حين تقرأ قصص «أصلان» لا تجد هناك أحداث بل تجدها مليئة بالتفاصيل التي تمثل الحدث، فالحدث يبدو في رصد التفاصيل، ففي قصة "شروخ وهمية" تفاصيل مستمرة تشعر القاريء بأنها ليست تمهيداً للحكاية أو جزء منها بل هي الحكاية ذاتها، و كذلك في قصتي " شرفة الشارع الخلفي" و "الدمية الكبيرة". واعتبر صاحب "مسألة وقت" أن النص الأخير في المجموعة "النص العمدة أو الأساسي"، إذ قال: النص الأخير تجتمع فيه كل التقنيات والسمات الموجودة في الكتاب، وهو نص الفراغات، فالكاتب يقف عند فراغات الحكاية الكبيرة في حياة بطل القصة، و لكن من خلال التفاصيل نستطيع التعرف على ملامح الشخصية، وفي هذا النص أيضاً استطاع القاص أن يصل الى معنى عميق للسخرية، فهو لا يقدمها لنا بالمفهوم التقليدي، بل يتطرق لجوانب خفية في الشخصية يبرز من خلالها معنى أعمق للسخرية. ثمة مفارقة بين عالم مليء بالتفاصيل وقصص قائمة على الفراغات، أمام هذه المفارقة يتوقف «القفاش» قائلاً: النصوص تعج بالحياة والبشر والأشياء، لكن المفارقة أن بناء القصص قائم على الفراغات فلا توجد صورة مكتملة في المجموعة، الكاتب يترك دائماً الفراغات لكي يملأها القاريء حسبما يشاء ووفقاً لتصوراته عن هذا العالم. "تحدي كبير أن يكتب ابن كاتب كبير بحجم إبراهيم أصلان" انطلقت الناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا إلى النصوص الأولى لهشام أصلان بهذه العبارة، إذ قالت: أعتقد أن هشام أصلان كان أمام تحدي كبي، و أراه شجاعاً لاتخاذه هذه الخطوة لأنه استطاع أن يتجاوز مشكلة الحضور الطاغي للأب". واتفقت الناقدة مع «القفاش» في أن المجموعة يمكن اعتبارها " كتاب قصص" لوجود تدرج في المجموعة منذ النص الأول" علامات مستديرة" الى النص الأخير إلا أنها اختلفت معه اختلافاً جزئياً في مسألة الفراغات. وأشارت «أبو النجا» إلى أن صورة الأب في المجموعة مختلفة بشكل كبيرعن صورتها المعتادة في الكثير من الأعمال، إذ جاء الأب حنون ومبتسم وهي صورة مغايرة عن صورته في الكتابة الأدبية التي تصفه بالقسوة دائماً. و تابعت: رغم أن القصص مليئة بالبشر والتفاصيل إلا أنها تتسم بالهدوء الشديد، حين تقرأها تشعر وكأنك تتأمل لوحة تشكيلية، أو مشهد سينمائي بدون صوت. فيما قال الناقد الدكتور محمد بدوي، إن النغمة الأساسية في نصوص المجموعة هي الشبقية في العلاقة بالأشياء، وأوضح قائلاً: يبدو ولع الكاتب في انتشاره ووجوده والتصاقه وعشقه للأشياء والتفاصيل، وهذا ما يفرق بينه وبين الراحل الكبير إبراهيم أصلان، فأصلان الابن اختار الكتابة الذاتية، وهذا بالفعل مغاير لعالم أصلان الأب". وتابع «بدوي»: أصلان، مصاب بولع الشعر، ولذلك فهو مصاب أيضاً بالشح اللغوي الذي يستخدمه شعراء قصيدة النثر، و أعتقد أنه نجح ليس لأنه فكر في أن يكتب شيء مختلف عن والده ولكن لأن عالمه أصيل لدرجة أننا تعرفنا عليه بعد مجموعة من النصوص". وقال الكاتب هشام أصلان إنه بدأ في كتابة هذه النصوص منذ عام 2011، وكانت لديه هواجس متعلقة بكيفية تجاوزه لوالده الكاتب الكبير إبراهيم أصلان، و في الشكل الذي سيخرج به عمله الأول "هل سيكون عملاً روائياً أم مجموعة قصصية؟" إلا أنه تجاوز تلك الهواجس وأصدر عمله الأول "شبح طائرة ورقية" عن دار العين للنشر.