دائماً ما كانت العلاقات المصرية الإيرانية يشوبها الكثير من التوتر والقلق المتبادل على مر العقود السابقة، إلا أن هذا قد اختلف بعد الحرب على غزة من هذا العام، فلا نبالغ إذا قلنا إن خريطة التحالفات السياسية قبل الحرب على غزة غير التي بعدها، ومن أبرز هذه التغيرات التقارب بين طهرانوالقاهرة، حيث أرسل الجانب الإيراني العديد من الرسائل على لسان بعض المسئولين الإيرانيين، يدل فحواها على الرغبة الإيرانية للتواصل مع القاهرة على الأقل على الصعيد السياسي والاقتصادي. وكان من ضمن هذه الرسائل ما قيل على لسان أكبر ولايتي، وزير الخارجية الأسبق ومستشار المرشد للشئون الدولية بإيران، حيث أشاد ولايتي بالدور المصرى فى مساعدة الشعب الفلسطينى فى العدوان الأخير على غزة. وقال ولايتى، أثناء استقبال الوفد الإعلامى المصرى بمركز الدراسات الإستراتيجية، إن الشعب المصرى كان سباقًا فى دعم الفلسطينيين منذ أن بدأت القضية الفلسطينية، ولولا المساندة المصرية ما توصل الشعب الفلسطينى للوقوف ضد العدوان الإسرائيلى، مهنئًا بالانتصار الذى سجله الشعب ضد العدوان الإسرائيلى. كما عبر ولايتى عن دهشته من أن العلاقات بين البلدين بهذا الشكل، رغم وجود قواسم مشتركة وتاريخ طويل وحضارتين بين الشعبين المصرى والإيرانى. وحول مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية قال "نرحب بأية خطوة إيجابية تجعل العلاقات بين الشعبين علاقات عادية، وإزالة أى عوائق عن طريق تعزيز العلاقات"، مؤكدًا أن بلاده تحترم رغبة الشعب المصرى، وأن التشكيك فى ثورة 30 يونيو رأى ليس بالغالب، ولا يعد الرأى الرسمى. كما جاءت الرسالة على لسان مسئول إيراني آخر، وهو أمير عبد اللهيان نائب وزير خارجية إيران لشئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أكد اللهيان أن مصر تلعب دورًا مهمًّا في دعم الأمن والاستقرار بالعالمين العربي والإسلامي، موضحًا أنه لا يمكن لأي دولة أن تحل بديلاً للدور المصري في المنطقة. وقال عبد اللهيان، خلال لقائه الأحد الماضي مع الوفد الصحفي المصري الذي يزور إيران حاليًّا، إن أمن إيران يرتبط بدرجة وثيقة بأمن مصر، مشددًا على أن بلاده تأمل في استعادة مصر لدورها المحوري في منطقة الشرق الأوسط، لمواجهة التحديات التي تعصف بدول تلك المنطقة. وأضاف أن بلاده ترى أن مصر لديها ثقل تاريخي وحضاري وسياسي في المنطقة، مشيرًا إلى أن مصر الموحدة والمتقدمة التي تضطلع بدور حقيقى في العالمين العربى والإسلامى تمتلك مكانة مهمة لا تتوفر لأي دولة عربية. وأضاف "عبد اللهيان" أن مصر وإيران دولتان مهمتان في العالم الإسلامي، مشددًا على أن قضية تعزيز العلاقات تخص البلدين فقط. وقال إن بلاده تسعى لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات مع مصر خلال السنوات القادمة، مشيرًا إلى أن حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، التى شهدتها مصر عقب ثورة يناير لم تؤثر على التجارة بين البلدين، والتي بلغت حوالي 600 مليون دولار، رغم إمكانيات الدولتين الضخمة. وأشاد اللهيان بالدور الذي لعبته مصر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشددًا على أن ذلك الدور يحظى باهتمام وتقدير الحكومة الإيرانية. الرد المصري: حتى الآن لم يصدر أي تصريح من أي مسئول مصري ردًّا على هذه الرسائل، ويبدو أن النظام المصري في مرحلة دراسة للعلاقات المصرية الإيرانية، فقبل أيام قليلة هوجم النظام المصري من قبل بعض المسئولين الإيرانيين بسبب مماطلته وتأخره في إدخال المساعدات الإيرانية الآتية لقطاع غزة، مما دفع مصدرًا دبلوماسيًّا مطلعًا بوزارة الخارجية المصرية بنفي ما يردده مسئولون إيرانيون حول تباطؤ مصر في الاستجابة لطلب طهران بتسهيل نقل جرحى فلسطينيين لعلاجهم في طهران، طبقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط.